التاريخ الحي: دراسة 40 سنة من التاريخ الشفهي للثورة الإسلامية والدفاع المقدس -1

ازدهار وأوج التاريخ الشفهي في إيران

مريم رجبي
ترجمة: هادي سالمي

2019-03-01


خاص موقع تاريخ إيران الشفوي، أقيم الإجتماع الأول حول: « التاريخ الحي: دراسة 40 سنة من التاريخ الشفهي للثورة الإسلامية والدفاع المقدس» بحضور غلام رضا عزيزي ومرتضي رسولي بور، في صباح يوم الثلاثاء 20 يونيو لعام 2019 في صالة قصر شيرين بمتحف الثورة الإسلامية والدفاع المقدس.

قال السيد غلام رضاعزيزي، رئيس معهد المكتبة الوطنية والمحفوظات في إيران في هذا الاجتماع: « بما أنّ موضوع المناقشة هي الذكرى الأربعين لانتصار الثورة الإسلامية والتاريخ الشفوي، أشير إلى أنّ ظاهرة التاريخ الشفهي في إيران هي ظاهرة ناشئة عن الثورة الإسلامية ونمت بسرعة كبيرة بعد الدفاع المقدس».

لدينا مقابلات قبل الثورة الإسلامية تطرقت التاريخ، ولكن لسبب أريد التنبيه له، لا يمكننا وضع اسم التاريخ الشفوي عليها. كانت المناقشة حول التاريخ، لكنها لم تكن لغرض التأريخ، وبالتالي، لا يمكننا وضع اسم التاريخ الشفوي عليها. هناك مقابلات أجريت  مع بعض الأفراد قبل الثورة، وتحدثوا فيها عن ذكرياتهم، حيث لا يمكن إدراجهم في التاريخ الشفهي أيضا. لقد كان عملياً بعد الثورة الإسلامية أن عدة مجموعات بدأت تتحدث عن ذكرياتهم، مجموعة غادرت إيران تحت أسباب عديدة،علي أية حال اضطروا علي الهروب من البلاد، وعرفوا أنهم إذا بقوا، لن يبقوا دون عقاب، ولذلك فضلوا الهروب، وهم لا يعرفون مصيرهم لو بقوا.  تم استقطاب هذه المجموعات بسرعة من قبل الحركات غير الثورية. قبل ذلك تم استقطاب مثل هؤلاء الأفراد أيضاً. في مشروع هارفارد، تحدثوا مع الهاربين السوفيتين. يبدو أنّ المشروع، قبل أن يكون لديه أهداف تنويرية وتاريخية، أراد إخلاء معلومات الهاربين، التي غالبا ما يكون لها دور في الدولة  والسلطة، لإستخدام المعلومات التي تدور في خلد هؤلاء الهاربين، لأنهم فعلوا ذلك قبل المشروع مع الهاربين السوفييت، ولم يكن أول مشروع لهارفارد. مع كل هدف قام به هذا العمل، من الرائع بالنسبة لنا أنّ مشروع التاريخ الشفوي الأول كان معناه الحالي.

كانت هناك عدة مجموعات في إيران، والتي كانت لديها أيضاً معلومات سرية. المقاتلون الذين بدأوا حملة سرية ضد نظام الشاه قبل انتفاضة الإمام الخميني عام 1964. كانت لديهم معلومات لم تسجل في أي مكان، ومعلومات لكتابة تاريخ الثورة وكتابة تاريخ المجموعات  التي تتبع نهج الإمام الخميني (رحمة الله عليه)... كانت المعلومات عبارة عن معلومة غير مسوقة كانت مهمة للغاية لكتابتها من خلال مشاريع التاريخ الشفوي. بالطبع، كانت مجموعة أخرى جزءاً من المجموعة التي كان لها صراع مسلح مع نظام الشاه. يجب أيضاً استخراج هذه المعلومات. كم عدد المجموعات التي تمكنوا من الوصول إلى المعلومات التي لم تكتب في أي مكان. كانت الوثائق المتعلقة بهذه المعلومات من جانب واحد ومنحازة وعامة  أيضاً، وكان علينا التعامل مع الكثير من المعلومات، وقد شعرنا بالحاجة إلى تسجيلها.

قبل يومين، كنا قد زرنا مَن شارك في حادث آمل، بصفتهم أعضاء في قوات الدرك والجيش والشرطة وسمعنا  الحقائق عن كثب. نُشِر كتاب واحد أو كتابين في الخارج وعدد قليل من الكتب داخل البلاد عن ملحمة أهالي آمل الشعبية، لكن في هذه المناقشات، حين كان شهود عيان، تحدثوا عن أحداث جديدة ليست موجودة في الكتب. هذه المعلومة من المعلومات التي لم يتم تسجيلها، أو إذا تم تسجيلها، من  خطأ جعل مشاريع التاريخ الشفهي تبدأ مباشرة بعد الثورة وتتقدم. إنّ ظاهرة الدفاع المقدس ووجود المقاتلين على الجبهات وظاهرة الأحرار وأسرى الحرب، التي قدمت فيها ظاهرة إخفاء المعلومات، و تضائلها، والأحادية الكامنة في داخلها، والحكم الأحادي للمعلومات، جعلت التاريخ الشفهي ذا قيمة مضاعفة. برأيي، ازدهر التاريخ الشفهي بمفهومه الجديد في إيران مع الثورة الإسلامية ووصل إلى ذروته بالدفاع المقدس. حيث أنّ ذروته التي أزعجت حتى بعض أصدقائنا إلي هذا اليوم ، و أنّ العديد من هذه النزعات وكل ما يتم نشره كتاريخ شفوي لم يتم التحقق منه كما يجب، وبعضها بقي في حُلّة الذكريات فقط. على الرغم من أنّ نوعية التاريخ الشفوي، هو حوار ثنائي الاتجاه، والأهم من ذلك، فهو مصدر للتاريخ يجب تطويره وترجمته إلى نص محقق، ولكن عندما لا يحدث هذا، هل هذا الكم الهائل من الموضوعات مؤثر أم لا؟ في مكان آخر نركز على هذه المسألة، لكننا أطلقنا عليها أصداء التاريخ الشفوي، والأصداء التي اختفت وعادت الآن، وليس بالضرورة أن يكون لها الطبيعة الأصلية وليست كاملة وتوضيحية. ما هي الميزات التي يريدونها هي  محل للنقاش.

في مناقشة تحويل الذاكرة إلى التاريخ، يجب أن أقول إنّ أحد المقاتلين أو المحاربين أو شخص ما يسرد الأحداث التي شاهدها ويعرضها كما رآها بأمّ عينيه. في ظاهرة الذاكرة، على سبيل المثال، إذا كان لدي صديق، أستدعيه من ذهني كذكري وأذهب إلى تلك الأشياء التي أعتبرها مهمة. هذا هو المكان الذي تعمل معه المقابلة لاستخراج ما يهم الآخرين من عقلي ومساعدتهم في التعرف عليهم. أي أنّ الذاكرة مخفية في الطبقات، لكن الذاكرة تساعد على نسيان الأحداث السيئة وتضع جانباً الأشياء التي تسبب الألم والحزن. لهذا فإنه في التاريخ الشفوي، وجود مجرٍ نشط  ومطلع علي الأوضاع التاريخية والنفسيات الفردية والشخصية مع الذي يجري معه المقابلة مهم جداً، من هذا المنطلق بإمكانه أن يستخرج الذكريات ذات الطابع العائلي والذي يُفيد الآخرين. من الجيّد إذا تم إستخراج هذا، كيف يمكن تبيين العمل؟

ليس لدينا بعض القواعد حول كيفية التعبير في التاريخ الشفهي، بل لدينا عدة طرق وأساليب فقط. عندما يتعلق الأمر بالقاعدة والإجماع العام حول قضية ما، فإنّ النقد لهذا الموضوع غير مجد أيضاً. هناك بعض المبادئ الأساسية للعمل ونقول إنّ التاريخ الشفهي يجب أن يكون لهذه الحدود الدنيا. إذا كانت المقابلة التي أجريتها مقابلة نشطة، فإنّ المحاور يعرف أفكار المحاور وطرح الأسئلة بشكل جيد، والآن يريد طباعته. لدينا العديد من الأنواع المختلفة للطباعة. علي سبيل المثال، يقول السيد لاجوردي (مشروع هارفارد) أنني استنسخ نص المقابلة نفسه وأكتبها كما هي في الكتاب، في الحقيقة هو عمل توثيقي وهذا النص خام ولم تتم معالجته وتنقيحه. هل تريدون أن تستشكلوا عليه أنه ليس تاريخاً شفهياً؟ وهو يقول إنّ هذا النص الخام هو بمثابة مقابلتي. في بعض الأحيان، بالإضافة إلى النص الخام للمقابلة، يمكنك إحضار ملف المقابلة معاً ويستمع له الجمهور. في الواقع، لم تقم بخصم أي شيء من هذه المقابلة، على الرغم من أنه يمكن القيام به على القرص المضغوط. بمجرد أن تأتي وأقول إنني أريد إعطاء نوع أدبي لمقابلتي وإدخالها من وجهة نظر الأدب. صحيح أنني أريد إزالة المادة الخام من التاريخ الشفهي، ولكن هناك العديد من الأسماء التي لم تتضح بعد لماذا دخلت في النص. على سبيل المثال، ماذا يعرف القارئ ما معنى «ش .م .ر»؟ وأريد أن أقوم بتبيينها و توضيحها. أو قد تأتي إلى أحداث تاريخية تشكك فيها من حيث المبدأ في بعض الأحيان حول تلك الأحداث أو غيرها من المصادر التي عبرت عنها بطريقة أخرى. تقول مصادر أخرى لا تصادق على هذا، أو مصادر أخرى تؤكدها .قال القائم مقام في إحدي المشاريع أنه كان قائداً لمحور الغرب من هذا التاريخ لغاية ذلك التاريخ، لكنه لم يتم العثور علي أية أوامر أو وثائق تدل علي إثبات ما يقوله. في إحدي الملفات، وجد أحد الأصدقاء صورة كتب علي خلفها «زيارة الأخ...قائد محور الغرب من...» ومذكور فيها التاريخ أيضاً. لهذا فإنّ المذكرة الموجودة وراء تلك الصورة تكفي للأصدقاء الذين كان ينتابهم الشك والترديد. في بداية الدفاع المقدس، لم تكن طريقة لإصدار حكم أو إبلاغ ما. كانوا يقولون فلاني إذهب إلي ذلك المكان فقط. كما لم يقال هذا الكلام لكثير من الأفراد. شعر بالمسؤولية وذهبوا. كما أنّ ذلك الفرد ليس لديه أي وثيقة تذكر. هاجم العراق آبادان وخرمشهر وجاء الكثير من الأشخاص علي متن الحافلات.

وهناك أيضاً شخص رابع يقول: أريد أن أكتب للشباب وأكتب عن الشهادة والتضحية وحقائق الجبهة بلغة أكثر طلاقة من سن 12 إلى 17، وربما إضافة وثيقة إلى نص التاريخ الشفهي ليست ممتعة جداً بالنسبة لهم. أنا أكتب رواية تاريخية. أنا أكتب التاريخ و لا أكتب الأكاذيب ولا أقوم بالإضافة أو إزالة أي شيء، لكن كتابة الرواية التاريخية هي البطل والمضاد للبطل. الرواية التاريخية مطلوبة للكتابة من حيث الصعود والهبوط. في بعض الأماكن يجب أن يتعطش القارئ للمواضيع. لقد عملت على نهج التوثيق، وإذا كنت أريد التحدث عن شخص عمل في رواية تاريخية، فأنا أقول إنّ أسلوبه من وجهة نظري خاطئة. جيد جداً، من وجهة نظركم أن أسلوبي كان خاطئاً. من وجهة نظري فإن طريقة التوثيق جيدة جداً. نعم «من وجهة نظركم»هذا يعتبر أسلوب جيد، لكن هذا الرأي يتعلق بكم فقط. لدينا العديد من الأدوات والمقاييس، واحد منها هو الجمهور والآخر التأريخ. في التأريخ، ليس عليّ أن يكون  كتابي تاريخياً يحبّه الجميع. كان لدينا الراحل ذبيح الله المنصوري الذي يكتب بنفسه. حيث يحوّل عشر صفحات إلى 450 صفحة. الجميع يقرأ ما يكتبه ويحبه في نفس الوقت. يحسب للرجل أن تقوم شريحة من المجتمع بقراءة رواياته التاريخية غير الوثائقية. كم عدد الأفراد المتواجدين هنا، قاموا بقراءة المجلد السابع من تاريخ إيران كامبريدج؟ هذا العمل يعتبر تخصصياً بامتياز. وهو مكتوب بلغة الطلاب وأساتذة التاريخ. يمكن للراغبين أيضا استخدامه، لكنهم لا يستخدمونه لأن اللغة المستخدمة فيه جافة جداً.. لذا فإن كل عمل من هذه الأعمال التاريخية له جمهورها الخاص بها، على سبيل المثال، تاريخ كامبريدج لديه جمهور أقل من رواية (خاتون هفت قلعة) لكاتبها الراحل باستاني باريزي، حيث أن هذا الأمرليس بسبب طبيعته السيئة أو الجيدة، وربما جمهوره أكثر من هذا. واحدة من الأشياء التي يتعين علينا القيام به هو معرفة إلي من نكتب ؟ ثانيًا، لماذا نكتب؟ وثالثًا، المنظمة التي لديها جمهور معين تقول إنها تعمل من أجل الشباب، والأسلوب، والمنهجية، والمحتوى الذي يجذب المزيد من الجماهير، ويحب ويعمل على عمله. يخاطب المرشد الأعلى للثورة، رواة الطريق إلى النور قائلاً، حقيقة أن عملكم يختلف عن السيّاح، فكونوا علي حذر. أنتم تقومون بمهمة مقدسة. عليكم أن تقولوا الحقيقة. لقد هزمنا في كربلاء 4 وانتصرنا في كربلاء 5. تحتاج إلى نقلها بشكل صحيح للجيل القادم. بعض الذين كانوا في الجبهة يعانون من ضعف، وبعضهم هرب من سوح القتال. تصوري لما تحدث عنه المرشد الأعلي هو التعبير عن الواقع. منظمة تكتب تاريخ الدفاع المقدس، إذا كانت تكتب القليل، وإذا لم تكتب الحقيقة، فإن جيلنا الصاعد سوف يسمع حقائق أولئك الذين لا يهتمون ولايشعرون بالمسؤولية تجاه الدفاع المقدس، والثورة ، وإيرا ن ويذكرون الحقائق بأن الآخرين كانوا غير صادقين وهم أنفسهم يقولون الحقيقة، وهم الجانب الجيد من القضية، ونحن السيؤون. لذلك علي أن أقول الحقيقة بأي لغة كانت.. في اللغة العلمية لفئة من الطلاب، لأن شريحة الطلاب  نشطة عقلياً ويسألون عما يدور من حولهم.

يجب أن تكون لغة التاريخ الشفوي نموذجاً للجامعة ونموذجاً لطلاب المدارس الثانوية، ولا يوجد نموذج أفضل من الآخر. لن يكون لدي أي جمهور إذا كنت أنتج نصاً مليئاً بالهوامش أذهب به نحو المدارس الثانوية. هذا الكتاب لن يجذبهم، وسيكون مملاً بالنسبة لهم. لأن لدينا أساليب مختلفة، إذا كان يجب أن يتم نقدها، يجب علينا أن نراجعها بطريقة نمتلكها. إذا تم توثيقها، فيجب علينا القول أنها توثيقية. إذا كانت تأريخية، أي أنّ النص أنتج التاريخ الشفهي أو التاريخ، ولكن ذهبت نحو طباعة مقابلة ما، فيجب أن تنتقد على أساس منهجها».

وقال السيد عزيزي:« إذا قلنا إنّ التاريخ الشفوي موجود بمفهومه الجديد قبل الثورة، لا، فإنه ليس بالقدر الذي يمكننا أن نتوصل إليه مع عينة تذكر. الأدلة، على سبيل المثال، نشريات  "وحيد" و"المستقبل" والمجلات من هذا النوع، هي مقابلة شخص تحدث عن التاريخ. في رأيي، بما أنّ لدينا مفهوم التاريخ الشفهي بعد هذه السنوات، لا يمكننا أن نسميهم التاريخ الشفهي. كان التاريخ الشفهي منبثقاً من الثورة الإسلامية. وكان المصدر الرئيسي لها هو الثورة الإسلامية ثم الدفاع المقدس. لقد أثرت هاتان الظاهرتان على التاريخ الشفهي لإيران ويمكننا رؤية التاريخ الشفهي الإيراني على أنه نتاج الثورة الإسلامية. حتى المشروع الذي عمله السيد لاجوردي في انجلترا، كان نتيجة الثورة الإسلامية التي حدثت في إيران. حتى مشروع التاريخ اليساري الذي عمل عليه حميد شوكت كان نتيجة للثورة الإسلامية التي حدثت. حتى دفاعنا المقدس متجذّر في نشوء الثورة الإسلامية. لذلك، فإنّ التاريخ الشفهي لإيران، سواء كان كاتبه مناوئاً أو موافقاً، فإنه مستمد من الثورة الإسلامية».

يُتبع...

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3138



http://oral-history.ir/?page=post&id=8420