طرق بناء الثقة في بداية مقابلة التاريخ الشفهي

مريم أسدي جعفري
ترجمة: حسن حيدري

2019-01-17


خاص موقع تاريخ إيران الشفوي، يُحمّل جمهور هذا الموقع أسئلته الخاصة في مجال التاريخ الشفهي في قسم استدعاء الأسئلة من الخبراء. ورداً على سؤال "ما هي المقدمات وما هي التدابير التي تنطوي على الاستعداد النفسي للجانبين في المقابلة لبناء الثقة في بيئة الحوار، وفي النهاية، التأكيد النسبي لإطمئنان وثقة الشخص الذي تمت مقابلته؟"، أجرينا مقابلة مع خبيرين في هذا المجال وهما كما يلي.

"الديباجة" هي واحدة من أكثر المراحل حساسية في مقابلات التاريخ الشفهي

يقول يحيى نيازي، وهو باحث وناشط في مجال االتاريخ الشفهي للدفاع المقدس عن عناصر بناء الثقة في التاريخ الشفهي، من أجل تحقيق علاقة مناسبة بين الشخص الذي يجري المقابلة والراوي: "الشخصية الأولى للشخص أو المنظمة مهمة جداً في بناء الثقة. على سبيل المثال، لدى مركز توثيق الثورة الإسلامية  مكانة هيكيلية وبنيوية خاصة، وبعض الناس يعتمدون على هذا الانتماء. لنفترض أن العديد من القادة المرتبطين بمركز أبحاث الدفاع المقدس للتاريخ الشفهي قد لا يذهبون إلى مراكز أخرى بإستثناء المقابلات التي يجرونها مع هذا المركز فقط. الثقة هنا هي الثقة الهيكلية. لأنهم يعتقدون أنّ المركز مدعوم من قبل الرواة الأكثر مكانة في الحرب. لذلك يقبلون عليه بشكل أكبر. المكون الثاني هو الشخص الذي يجري المقابلة. إذا كان القائم بإجراء المقابلة شخصاً معروفاً جيداً ولديه المعرفة والفهم اللازمين للموضوع، فإنّ الشخص المحدد سيثق فيه أكثر".

استناداً إلى التجارب الفردية في مجال التاريخ الشفهي، وصف المكونات التي يحتاجها القائم بإجراء المقابلة خلال المقابلة: "إنّ الجلسة الأولى للحوار في التاريخ الشفهي أو الجلسة التمهدية، هي واحدة من أهم مراحل التاريخ الشفهي، فيما تم التخلي عن مشاريع التاريخ الشفوي في نفس الجلسة التمهدية. أي، لم يكن المحاور مهتماً بمواصلة العمل ولا الشخص المحاور . عندما ندرسها، من الواضح أن عدم الثقة بين الأطراف مشكلة كبيرة. لذا، في الجلسة الأولى، يجب على القائم بإجراء المقابلة أن يستغرق بضع دقائق للحصول على الثقة الأصلية للجهة المقابلة. أول شيء يجب القيام به هو أن تكون منتظماً وأن تصل للجلسة في الوقت المقرر. إذا قطعت الموعد في تمام الساعة  الثالثة، يجب أن لا تتأخر علي ذلك الوقت، الثانية، مجهز بالأدوات والأجهزة اللازمة. إذا أردت التصوير في الجلسة الأولى، يجب أن يكون المصور متاحاً قبل أن تبدأ العمل فور وصول الشخص الذي يجري معه المقابلة.

"ثالثاً، بما أنّ الشخص الذي تمت مقابلته لا يزال يشعر بالغربة ولم توطّد العلاقة معه بعد، عليه أن يعطيه الفرصة ليقول ما يريد في الجلسة الأولى. أي، إعادة سرد الذكريات أو القضايا التي قد تكون حدثت له في فترة من الزمن. على سبيل المثال، شهد بعض المقاتلين والقادة  منذ نهاية الحرب إلي يومنا هذا إهمالاً صارخاً. عندما تقابل هؤلاء الأشخاص، يرغبون بالتحدث عمّا جري لهم من الإهمال وعدم الإهتمام إلى الشخص الذي يجري المقابلة. إذا اتخذت موقفاً دفاعياً أو لم تسمح ببيان ما في جعبتهم، فسيؤدي ذلك إلى فقدان الثقة. رابعاً، ينبغي على القائم بإجراء المقابلة طلب الإرشاد من شخصيات ذو ثقة للشخص الذي تريد اجراء مقابلة معه. في بعض الأحيان يكون إجراء مكالمة أو متابعة لهؤلاء الأشخاص أمراً مفيداً جداً".

وأكّد المحاضر ومؤلف كتاب "الإتصالات في الحرب برواية العميد شيراني نجاد" قائلاً: " توفير سلسلة من الوثائق والمستندات والمواضيع التي تهم الراوي هو أيضا مؤثر في اكتساب الثقة. على سبيل المثال، قدم بعض المخطوطات السردية من فترة مسؤوليته أو بعض صوره في الجلسة الأولى. سيخلق الثقة. عليك في الجلسة الأولى أن تأخذ الراوي لمراجعة الذكريات السارة في ذهنه. القضية التالية في الجلسة الأولي هي التعبير عن التعاطف والسعادة مع الراوي في أفراحه وأتراحه. من الضروري جداً أيضاً التعبير عن التعليقات الإيجابية على الراوي في الجلسة الأولى. يجب تحدي بعض الأقسام في المقابلة  بالنسبة للراوي. كما يجب أن نسأله لماذا اتخذت هذا القرار؟ ولكن في الجلسة الأولى،  لا يُسمح لنا بالتعبير.  هذه القضايا تتسبب بإنعدام الثقة من قبله. ولكن من ناحية أخرى، عندما يتم ذكر النقاط الإيجابية للراوي وبعض الأشياء المهمة في الجلسة الأولى، يمكننا أن نفتح تدريجياً العُقد في كل موضوع في الحوار".

الهدوء والاسترخاء في فضاءات المقابلة يضمن صدق الراوي

كما أشار ولي الله مسيبي، ويحمل دكتوراة في التاريخ المحلي من جامعة أصفهان، إلى الطرق العملية لبناء الثقة بين الشخص الذي يجري المقابلة والشخص الذي تتم مقابلته قائلاً: " كان من المفترض إجراء بحث بعنوان "التفسير التاريخي لانتشار مرض التصلب العصبي (ام .اس) في إيران. أولاً، اخترنا قطعاً مكانياً يحتوي على 42 منطقة سكنية في القري والمدن. ثم، ونظراً لعدم وجود معلومات كافية لمدة 6 أشهر، تم تحديد المنطقة بالطريقة الميدانية وطرق مختلفة لتحديد الأشخاص المصابين بمرض التصلب العصبي (ام .اس) ". لأنّ المصابين بمرض (إم .اس) يخفون مرضهم ولا يريدون أن يعرف أقاربهم وأصدقائهم والباحثون عن حالتهم التي يمرون بها إثر هذا المرض، ويبدو أنّ تحديد هوية المرضى وعائلاتهم للمقابلات وثقتهم في المقابلات أمر صعب للغاية، وربما لايوجد حتى شخص واحد يرغب في إجراء مثل هذه المقابلات.

في نهاية المطاف، ومن بين 125 مريض تم تحديدهم، نجحنا في الحصول على ثقة 25 مريضاً يعانون من مرض التصلب العصبي ( ام .اس). حيث تم ذلك بمساعدة أشخاص محليين موثوق بهم و أصدقاء لهم أيضاً. أدرك أنه خلال جميع جلسات المقابلات مع الذين تمت مقابلتهم، لشرح أهداف المشروع للمرضى وعائلاتهم أولاً. وأكّدنا للمرضى أنّ نصّ المقابلات لن ينشر دون إذنهم".

وقال عن شرح شروط إيجاد الثقة بين مجري المقابلة ومن تتم مقابلته في المشاريع التنظيمية قائلاً: "بدأنا قبل عامين  مشروع تاريخ بنك شفهي بناءاً على مقابلة مع 39 شخص من مدراء الفروع. بما أنّ أساليب وتقنيات التاريخ الشفهي في إيران لا تزال جديدة، في بداية المشروع، فقد تعرّفنا على الأشخاص الذين ستجري معهم المقابلات عن طريق العلاقات العامة لتوفير الإجراءات أولية لمقابلات التاريخ الشفهية في 12 مركزاً علي صعيد المحافظة. مع ذلك، قام بعض مدراء تلك الفروع في المحافظة ببيان معلوماتهم بصعوبة بالغة جداً".

وأشار الدكتور مسيبي إلى الخصائص المتنوعة للذين أجريت معهم المقابلات قائلاً: "يجب اختيار أفراد مححدين لإجراء المقابلات حيث اجتازوا التدريبات اللازمة لهذا الغرض. علي سبيل المثال، إذا ما قاطعنا الشخص أثناء حديثه، بلاشك سنتسبب بإلحاق أضرار في المقابلة. يجب أن يكون الراوي على يقين أنه لن يتم نشر أي كلمات دون إذنه، وسيتم تصحيح النص من قبل القائم بإجراء المقابلة بعد التنفيذ النهائي. في الواقع، الشخص الذي تتم مقابلته هو مصدر شفهي ولا يمكن أن يقال إنّ كل كلماته صحيحة  مئة بالمئة. يعرف الراوي كمصدر، ونحن نبذل قصارى جهدنا ليقول الحقيقة. قد يخفي لاحقاً كلماته أو يُبالغ في بعض القضايا بسبب الخوف. يجب أن تكون مساحة المقابلة بحيث يشعرالراوي بالإرتياح والأمن الكبيرين ويمكنه التحدث بأمانة ومصداقية  قدر المستطاع".

النصّ الفارسي 



 
عدد الزوار: 3013



http://oral-history.ir/?page=post&id=8316