تقديم ومراجعة كتاب

التقليد الشفهي بمثابة تاريخ

مريم رجبي
ترجمة: حسن حيدري

2018-11-23


خاص موقع تاريخ إيران الشفوي، عُقدت جلسة تعريف ومراجعة كتاب « التقليد الشفهي بمثابة التاريخ» بحضور السيد فرهاد نام برادر شاد، مترجم الكتاب وعلي رضا كمري وغلام رضا عزيزي، في صباح يوم الإثنين الموافق 12 من نوفمبر لعام 2018م في صالة الدكتور برهام في مركز الوثائق ومحفوظات المكتبة الوطنية الإيرانية.

نتاج في مجال التاريخ الشفهي

أدار غلام رضا عزيزي، مدير معهد توثيق المكتبة الوطنية، الجلسة و بدأ حديثه ب:« في موضوع التاريخ الشفهي الذي يمكن أن نتحدث عنه كعلم جديد في إيران، لا توجد حتى الآن أعمال مناسبة وكافية باللغة الفارسية. علي الرغم من الجهود المبذولة من قبل نشطاء التاريخ الشفهي أو علي حد قولهم الشفهيين، وبالرغم من الجهود الحثيثة التي بدأت منذ بداية الدفاع المقدس من خلال تسجيل وتوثيق ذكريات المقاتلين، وبالرغم من الجهود المبذولة في داخل وخارج البلاد لإجراء مقابلات مع الأفراد، وفي بعض الأحيان يكون الأمر كبيراً إلى حد مذهل، ويزداد عدد المقابلات يوماً بعد يوم، وتتوسع الأمور بسرعة، ولكن للأسف، كانت المناقشات الشفهية حول التاريخ الشفوي غير مرتقية إلي المستويات المطلوبة، كما أنّ الكتب التي يمكن العثور عليها في الأسواق المتعلقة بهذا المجال ليست كثيرة.

لحسن الحظ، في هذا العام، نُشر كتابان على الأقل في مجال التاريخ الشفهي، أحدهما تم تأليفه من قبل أحد المؤلفين، وهو العمل الذي قامت به السيدة فائزة توكلي والعمل الثاني الذي أنجزه السيد برادرشاد أيضاً. على مقربة من كتابة الذكريات، وكتابة المذكرات، والسيرة الذاتية، والتقاليد الشفهية ، والفولكلور مع التاريخ الشفوي، للأسف، أنتجت أعمال منشورة على أنها تاريخ شفهي في السنوات الأخيرة، مثل الذكريات، أو تلك الأعمال المنشورة في إطار الذكريات و التي تشبه التاريخ التاريخ الشفهي. لا توجد مشكلة حتى الآن ، والمشكلة هي أنّ الفلكلور والتقاليد الشفهية قد خلطتا في بعض الأحيان عن طريق الخطأ مع هاتين الفئتين. ليس لدينا أي كتاب حول التقاليد الشفهية قبل أن نعمل مع السيد برادرشاد، حيث كانت لدينا بعض المقالات، واحدة منها مترجمة والأخري تم تأليفها، كانت إحدي المقالتين من الدكتور نورايي حيث تظهر أهمية عمل السيد برادرشاد في هذا المجال».

أهمية البيانات الأنثروبولوجية

وقال السيد فرهاد نام برادر شاد، مترجم الكتاب في هذا الإجتماع:« سأتحدث إليكم عن مقدمة قصيرة لموضوع الكتاب، و معلومات عن المؤلف، الدافع الذي جعلني أترجم هذا الكتاب وسأقوم بمعالجة المشاكل التي أواجهها. إنّ حافزي لترجمة مثل هذا العمل إلى اللغة الفارسية هو العودة إلى دراساتي العليا في مرحلة  الماجستير، التي كانت حول فرع تاريخ إيران قبل الإسلام .غالبية مصادر تلك الفترة والتي كانت تحت عنوان التقاليد الشفهية، تم تناقلها من ذاكرة إلي أخري و من ثم تم جمعها. هناك مثال علي ذلك، إنّ الكهنة في ذلك الوقت خصصوا العلم لانفسهم ولايمكن الحصول عليه بسهولة، لهذا وبشكل متعمد يتم تنقل هذا العلم من شخص إلي آخر و عادة ما يتضائل أو يتكاثر في كثير من الأحيان. لقد سمعت الكثير عن التقليد الشفهي، لكني لم أر كتاباً حول هذا الموضوع، وما هو نطاق التقليد الشفهي؟ كيف يتم منهجها وكيف يمكننا قبولها؟ كمؤرخين، لا يمكننا قبول مصادر يتم تداولها من شخص لآخر من السنوات الماضية، لأنّ كل موضوع، إذا انتقل من شخص إلي آخر، و من الماضي إلي الحاضر، سيتغير ، ناهيك عن المواضيع التي تم نقلها منذ سنوات عديدة. إذا لم نقم بخلط التقليد الشفهي بالتاريخ الشفهي، نجد أنه مجال جديد جداً لم يفعله أحد من قبل. كتب الدكتور يارشاطر كتبا ومقالات وتحدث أيضاً عن التقاليد الشفهية، ولكن بصفة عامة، لا يمكننا الحصول على معلومات حول كيفية جمعها وتوسيعها وتسجيلها، فنحن لا نحصل على أي معنى حول، كيف يمكن للتقاليد الشفهية أن تكون قابلة للتصديق وقابلة للقياس. عادة، بيانات المؤرخين ما هو بحوزتنا نصيّاً، هي سجلات رسمية من الفترة ما قبل الإسلامية إلى الفترة الأخيرة، وخاصة حتى منتصف الفترة القاجارية والناصرية، مع سلسلة من الإصلاحات والقضايا، وهذا هو تاريخ رسمي بالنسبة لنا.  إنها تواريخ مكتوبة للحكومة ولا تحتوي على بيانات إثنوغرافية وإنثروبولوجية. كانت هناك بيانات تدخلت فيها الحكومة بشكل عام وتلاعبت فيها كذلك، ومن الواضح أنّ البيانات متحيزة ومزعومة. لا يوجد شيء حول ثقافة وعادات الناس فيها علي الإطلاق. كتاب مثل كتاب جون فانسينا (التقليد الشفهي بمثابة تاريخ) يفتح نافذة لنا.

يمتد مجال التاريخ يوماً بعد يوم ليشمل جميع العلوم الإنسانية. إلى حد ما، يمكن القول إنّ العلوم الإنسانية هي التاريخ والتاريخ هو العلوم الإنسانية نفسها. لقد كانت هذه العلاقة موجودة دائماً، لكن بياناتنا رسمية فقط وغالبيتها سياسية و لربما إقتصادية. إنه لأمر جيد أن تستمر هذه الطريقة الجديدة لفحص جميع الرسائل التي تم نقلها من شخص إلي آخر في القصائد والألغاز والملاحم المحلية والصور النمطية المنطوقة والنكات من الزمن الماضي. قال جون فانسينا إنّ الكتاب ليس فقط للمؤرخين. هذا الكتاب، يمكن قرائته والإستفادة منه حتى من قبل اولئك الذين يعملون في مجال علم النفس التاريخي وعلم الاجتماع أيضاً، هذه هي الحالة إذا ما أردنا معرفة كيفية إنشاء الكتاب . ولد جون فانيسا في بلجيكا عام 1929 من عائلة ناطقة بالفرنسية. دخل المشاة منذ عام 1950 بالقرب من وسط أفريقيا، ثم ذهب كباحث إلي هناك.  ما هو واضح في خطابه هو أنه من أصل أفريقي. عندما دخل المشاة، كان متردداً في متابعة المعلومات التي حصل عليها. كتب العديد من الكتب وهذا ما جعل العديد من المؤسسات تطلب منه كتابة كتاب عن المنهجية. وبسبب هذا الكتاب، حاول أن يعطيه شكلاً أكثر عالمية، وهذه المنهجية هي استراتيجية للاعتراف بالحقيقة وتقليل الأخطاء في هذا المجال.  وهو مقتنع جداً بأن التقاليد الشفهية لا يمكن أن تكون مصدراً مرجعياً، ولكن بإمكانها أن تكون مصدر للدعم الإضافي لمصادر أخرى، وحتى في التسلسل الزمني الإثنوغرافي الخاص بنا، والذي ليس لدينا أي مصدر أو وثيقة منه، كي يصبح مصدراً.

 تمدّد المدارس التاريخية المختلفة نطاق دقة التاريخ في كل يوم، وتنظر المجالات التاريخية يوماً بعد يوم إلي زوايا متطورة . لهذا السبب، يظهر التقليد الشفهي قيمته هنا. كما أتيحت لي دراسات تاريخية أثناء ترجمة هذا الكتاب. لأنه إذا لم نعترف بمدارس الغرب الفلسفية في دراسة هذا الكتاب، فسيكون من الصعب علينا فهم الموضوع ، ومن ناحية أخرى، مؤلف هذا الكتاب هو فرنسي ويكتب باللغة الإنجليزية مما جعل النص أكثر تعقيداً. دُعي جون فانسينا للعمل كأستاذ في قسم تاريخ جامعة ويسكونسن في عام 1960. لديه أكثر من 40 مقالة في مجلات مرموقة ومعروفة في العالم تم ترجمتها إلى أكثر من ست لغات رئيسية . بالنسبة لعمله، اعترف به باعتباره أهم رواد ومؤسسي دراسة التقاليد الشفهية في أفريقيا. أساساً يعرف باسمه كرسي جامعة ويسكونسين للدراسات الأفريقية حيث وضع تمثاله هناك. فاز بجائزة رابطة الدراسات الأفريقية مرتين لكتاب التاريخ الشفهي بمثابة تاريخ. استقال من جامعة ويسكونسن بسبب سلسلة من القضايا السياسية التي وجدها مع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، وبقي بعد ذلك في المنزل لمدة 14 إلى 15 سنة، وتوفي في النهاية إثر سرطان الرئة في فبراير الماضي».

كما تحدث الباحث والكاتب في التاريخ والأدب السيد علي رضا كمري أثناء هذا الإجتماع حول تعريف ومراجعة كتاب «التقليد الشفهي بمثابة تاريخ». وسيتم نشر كلمته في شكل نص مستقل على موقع التاريخ الشفوي لإيران.

تحديث التاريخ في افريقيا

وقال السيد غلام رضا عزيزي:« يبدأ تحديث تاريخ في أفريقيا منذ السيطرة والهيمنة الاستعمارية .كما تعلمون أنّ أحد طرق المستعمرين للسيطرة والهيمنة علي الأمم والشعوب الشرقية والعالم الثالث، عادة ما يأتي عير سعي  المفكرين والمؤلفين الغربيين ومن خلال أساليب وطرق مختلفة و خدع مبرمجة وآليات علمية وفكرية وذهنية خاصة، أن ينكروا تاريخ وفكر و ثقافة شعب ما. هذا ما حدث للدول الإفريقية. في كتاباتهم ودعاياتهم، قاموا بتعريف أفريقيا كقارة بلا تاريخ  ووحشية وبربرية، حتى يتمكنوا بسهولة من التغلب على الأمة الأفريقية واستعبادها وفقاً لما يطمحون إليه. كما يستخدم المؤرخون والباحثون في أفريقيا تاريخ المستعمرين لإحياء الهوية وإنقاذ تاريخ أفريقيا وعرقها. في موضوع  تحديث التاريخ في أفريقيا، نرى اتجاهين رئيسيين تكوّنا منذ القرن التاسع عشر. ويستند الاتجاه الأول في التأريخ الأفريقي على «المحور الإفريقي»، الذي تم تشكيله بعد مؤتمر باريس في عام 1919.  من رواده كان دوبوا الذي عرفوه كمؤسّس للمحورالأفريقي، وهما بايدن وأنتا ديب. كان هدف المؤرخين هو الحفاظ على الهوية الوطنية والعودة إلى أنفسهم ومحاربة العبودية ضد المستعمرين وثقافة الغرب العدوانية، مع التركيز على تاريخ الحضارة المصرية في عصر الفراعنة الثاني. الاتجاه الثاني للتأريخ الأفريقي كان يستند على محور الإسلام. تم تقديم هذا الأسلوب من قبل COOLEY  كولي في عام 1841. كما يعتبر أول من قدم تاريخ الفلسفة الأفريقية كمرجع للتاريخ الأفريقي، وأفترض الإسلام كمعتقد وحدوي وثقافة وحضارة لهم، والدول الأفريقية كأمة إسلامية واحدة. هدف هؤلاء المؤرخين هو تعزيز ثقافة وحضارة الإسلام كحافز للأفارقة ليعودوا لأنفسهم و أن يتخلص من هيمنة الإستعمار. يمكن تقسيم الأساليب التاريخية في إفريقيا التي استخدمها هؤلاء المؤرخون في القرنين التاسع عشر والعشرين إلى أربع فئات. الأول هو التأريخ بنهج علم الاجتماع والنهج الشرقي للإثنولوجيا، والثاني التأريخ مع النهج اللغوي والثالث التأريخ مع نهج التنقيب الأثري الذي يتم على مرحلتين. تبدأ المرحلة الأولى بالوجود الاستعماري في أفريقيا، وكانت الاستكشافات الرئيسية التي حدثت في تلك الفترة هي إنكار تاريخ الحضارة الأفريقية ونهب التراث الثقافي الأفريقي. المرحلة الثانية تعود إلى الستينيات بحضور مؤرخين وعلماء الآثار من أفريقيا والمستشرقين العادلين في هذا المجال وفي اتجاه تأكيد الحضارة والثقافة الأفريقية. النهج التاريخي للتقليد الشفهي الذي هو موضوع مناقشتنا، هو الطريقة الرابعة للتأريخ في إفريقيا. وقد تم تأسيس هذا النهج في أفريقيا منذ أوائل الستينات. المجتمعات الأفريقية، باستثناء الدول الإسلامية والمسلمين في القارة، لم تستخدم أو تستخدم القليل جداً اللغة المكتوبة، خاصة في شرق أفريقيا وبلدان مثل كينيا وتنزانيا وأوغندا وجيبوتي والصومال وموزامبيق، وكان معظم التاريخ والثقافة بشكل سردي و التقليد الشفهي كان الغرض من هذا التأريخ هو تصوير الدور الإفريقي، وإعادة الاستقلالية والاستقلال عن حقبة الاستعمار الأوروبي. وفي هذا السياق، كان جون فانيسا الممثل والرائد في هذه الطريقة.  وقد كتب كتابين هامين حول هذا الموضوع، أولهما «التقليد الشفهي: دراسة المنهجية التاريخية»، وتمت كتابته في عام 1965. بعد عشرين عاماً، أي في عام 1985، كتب كتاب «التاريخ الشفهي بمثابة تاريخ» حيث تعتبر أعماله من الأعمال المنهجية الرئيسية في مجال التقاليد الشفهية. على عكس المواقف السائدة التي أكدت على الموضوعية والأهمية الأساسية للوثائق المكتوبة، يعتقد فانيسا أنّ المصادر الشفوية للتاريخ جديرة بالإهتمام بنفس القدر من الوثائق والمصادرالمكتوبة، ويمكن استخدامها أيضاً للحصول على محتوى حقيقي وموثوق من التجميع. وقدمت أفكار فانسينا أرضية للثورة في نهج وسيرة حياة كتابة التأريخ في إفريقيا . يفتح النهج التاريخي للتقاليد الشفوية آفاقاً جديدة لأفريقيا، التي تتحدى التشوهات الناجمة عن الأوروبيين في وثائق الفترة الاستعمارية. في هذا الكتاب، يحاول فانسينا توضيح كيفية استخدام التقاليد الشفهية كمصدر تاريخي من خلال تقديم مجموعة من القواعد واللوائح المتعلقة بتدفق إنتاج ونشر وتسجيل التقاليد الشفهية للقرّاء والباحثين في هذا المجال. يمكن القول اليوم، في أفريقيا، يعتمد المؤرخون وعلماء الأنثروبولوجيا على التقاليد الشفهية أكثر من أي قاعدة أخري في العالم».

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2888



http://oral-history.ir/?page=post&id=8195