كشف الحقيقة من قلب الذكريات والمشاهدات

وجهتا نظر في التاريخ الشفهي لاقتحام السفارة الأمريكية

مريم أسدي جعفري
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2018-11-16


يقول الخبراء إنّ تسجيل التاريخ الشفهي من قبل الطبقات المؤثّرة في الاستيلاء على السّفارة الأمريكية سوف يكمل التاريخ الشفهي للطلاب التابعين لنهج الإمام الراحل. كما يجب أن نلتزم بتفسير هذه الوقائع بدقة ومن زوايا مختلفة.

خاص موقع تاريخ الشفوي إيراني ، بعض الأحداث التاريخية، مثل الحرب والثورة، لا تصبح بالية أبداً، وتأثيرها ويبقى ضوءها مضيئاً على مدى عقد أو حتى قرون. كما أنه  قد يحدث أحياناً شيء ما على هامشها، وهو ليس أقل من ثورة.  كان الإستيلاء علي السفارة الأمريكية في طهران من قبل الطلاب التابعين  لنهج الإمام في الـ 4 من نوفمبر لعام 1979م، عشية ذكرى نفي الإمام الخميني إلى تركية، يعتبر انعكاساً عالمياً استمر 444 يوماً. خلال هذه الفترة، تم احتجاز أكثر من 50 موظفاً في السفارة الأمريكية، وعُثر على عدد كبير من الوثائق وأُفصح عنها، واستمر حتى حدث طبس - وهي عملية غير ناجحة لإطلاق صراح الرهائن الأمريكيين. إنّ الإمكانات السياسية والتاريخية لإقتحام السفارة الأمريكية في طهران ليست بعيدة عن أنظار المؤرخين وكتّاب التاريخ الشفهي، وهناك مشاريع قائمة لتسجيل الأحداث ذات الصلة في إيران والولايات المتحدة. يتناول موقع التاريخ الشفوي الإيراني وجهات نظر الخبراء ضمن مشروع التاريخ الشفهي للحادثة في يوم الـ من نوفمبر لعام 1979م في إيران.

يقول السيد محمد حسن روزي طلب الذي ينشط في مجال التاريخ الشفهي للثورة ولديه أعمال مثل «التاريخ الشفهي لحركة الطلاب المسلمين» و «ماوراء الجدار : التاريخ الشفهي للطلاب التابعين لنهج الإمام الراحل)،في تقييم الوضع الحالي لتسجيل التاريخ الشفهي لإقتحام وكر التجسس قائلاً: « إذا كان 4 من نوفمبر لعام 1979م يعتبر الثورة الثانية، فتاريخها الشفهي ليس مكتملاً. باستثناء كتابي «الطلاب والرهائن» تأليف السيد حسين جودوي،« يوم الله: ذكريات السيد هاشم بوريزدان برست» وكتاب ـالإقتحام» معصومة ابتكار، ليس لدينا عملاً متميزا آخر. كما أنّ الكتابين الأخيرين، تطرقا إلي عموميات أحداث الـ 4 من نوفمبر حيث لايمكن تسميتها بالتاريخ الشفهي وغالباً ما قاما بتسجيل تلك الأحداث».

وانتقد عدم نشر التاريخ الشفهي المسجل في 4 من نوفمبر 1979 م قائلاً :«قام مركز الفنون ومركز وثائق الثورة الإسلامية بتسجيل التاريخ الشفهي لوكر التجسس فقط. يعود تاريخ مشروع المقابلات الميدانية الفنية مع 100 طالب شاركوا في اقتحام السفارة الأمريكية إلى 15 عاماً مضت. كما قامت مؤسسة رواية فتح بإجراء بعض المقابلات والحفاظ عليها في الأرشيف المتعلق بها. لا أعرف سبب عدم نشر هذه الذكريات. أعتقد أنه يجب علينا العمل بجدّ ونشر هذه المناقشات بموافقة الطرفين . مع هذه الخطوة، سيتم توفير أجواء جيدة للتعليق والبحوث على أحداث الـ 4 من نوفمبر أكثر فأكثر».

 كما وصف السيد روزي طلب اقتحام وكر التجسس الأمريكي بالموضوع المثير للاهتمام بالنسبة للمؤرخين وحتى للرأي العام ويقول: « في يوم من الأيام، كنّا نقدم يوم الـ 4 من نوفمبر كركيزة مهمة للبلاد. لكن الآن، وفي ظل الإهمال الموجود- خاصة في مجال التاريخ الشفهي - يتم تقديمه كمأزق للشعب الإيراني!»

مؤكدا على أهمية تسجيل ذكريات الطبقات المؤثرة الأخرى في الاستيلاء المستمر على وكر التجسس الأمريكي، قائلاً:« من المهم أيضاً تسجيل موجة الدعم الشعبي. كان هناك تجمعات وتظاهرات أمام السفارة الأمريكية، بعد بضعة أشهر من الاستيلاء عليها، جاء العمال من مصانع مختلفة وأعلنوا دعمهم لهذه الخطوة.  حتى أنها قام شخص باحراق نفسه أمام السفارة احتجاجاً على سياسات الولايات المتحدة . يبدو لي أنّ تسجيل التاريخ الشفهي لهذه الدعامات والحضور مهم أيضاً وسيكمل التاريخ الشفهي للطلاب التابعين والسائرين علي نهج الإمام الراحل».

التاريخ الشفهي ودراسة أساب وعلل اقتحام السفارة الأمريكية

ووفقاً لما قاله السيد محمد حسن روزي طلب، ذهبنا نحو ـحسن بهشتي بور» المؤلف و أحد المدراء التنفيذيين في مشروع التاريخ الشفهي لـ 100 شخص من الطلاب التابعين لنهج الإمام الراحل حتي نتحرّي أساب وعلل عدم نشر هذه المجموعة:« بدأ هذا المشروع قبل 15 عاماً وتم الانتهاء منه قبل عام.  ولكن بسبب عدد من المشاكل الشخصية، لم يكن من الممكن استكماله. إنّ أبعاد اقتحام السفارة الأمريكية من قبل الطلاب التابعين لنهج الإمام الراحل واسع لدرجة أنه بالإمكان إنتاج عشرات الكتب حيث هذا الأمر يتطلب اتخاذ تدابير متعددة الأطراف في جميع مجالات الإعلام».

وأضاف قائلاً:« أجريت مقابلات مع مكتب آداب الثورة الإسلامية مع الطلاب المسلمين التابعين لنهج الإمام ، من قبلي و أيضاً برفقة السيد آقا محمدي، منصور فخرزاده وحجة الإسلام سعيد فخرزاده، وأخيرا، حصلت علي مقابلة مع حوالي 100 طالب مؤثر في اقتحام السفارة الأمريكية. الآن، بالطبع كان  البعض منهم في السفارة لبضعة أيام، والبعض الآخر لأشهر وبعضهم بقي حتى نهاية الحدث..أعتقد أنه لقضية الرهائن أبعاد مختلفة حيث وللأسف الشديد لحد الآن لم تتم دراستها كما يجب في إيران».

أشار السيد بهشتي بور حيث الذي قام بدراسة هذا المشروع متطرقة لعلل و أسباب حدث الـ 4 من نوفمبر لعام 1979م، قائلاً:« من أهم القضايا التي أثرت على اقتحام السفارة الأمريكية هي الفرق بين إيران والولايات المتحدة حول خطاب الثورة الإسلامية وتباينها مع الخطاب الغربي. أي أنّ انتصار الثورة حدث على أساس الفكر الإسلامي، وهذه هي الثورة الأولى والوحيدة في العالم ، التي تشكلّت على أساس الفكر الإسلامي ، والأميركيون لم يؤمنوا بمثل هذا الأمر ، أو بسبب تضارب مصالحهم. ولذلك ، فإنّ هذا الإجراء من قبل الطلاب التابعين لنهج الإمام الراحل، هو مثال ورمز لمواجهة خطاب الثورة الإسلامية والخطاب الغربي. لأنّ الثورة الإسلامية تعتبر تحدٍّ لإستعمار ومصالح الغرب والطغيان الداخلي في إيران. كنّا نتعامل مع نفس الظاهرة على مدى الأربعين سنة الماضية».

و أشار هذا الباحث في مجال التاريخ، علي أنّ تركيز هذه المقابلات كانت علي 14 مدخل قائلاً:« كانت بعض الأسئلة كما يلي: أولاً ، ما هي خلفية هذه الخطوة؟ هل كان ذهاب الشاه إلى أمريكا مهم لدرجة يؤدي ليقتحموا السفارة الأمريكية؟ هل كان هدفهم منذ البداية هو الحصول على وثائق من السفارة الأمريكية في طهران؟ هل كانوا يعرفون بالفعل أنّ هناك وثائق حول أنشطة التجسس الأمريكية في السفارة؟ يقولون إنهم سيبقون في السفارة الأمريكية لمدة 72 ساعة . لكن لماذا استغرق الأمر 444 يوماً؟ هذا في حد ذاته يعتبرسؤالاً كبيراً.  ما هو دور الولايات المتحدة وإيران في إطالة أمد هذا الحادث؟ ما هو دور الإمام الخميني في توجيه وقيادة هذا الحدث؟ لأنه لم يكن على علم بالحادث منذ البداية .ولكن بعد أن أصبح على دراية بالقضية أخذ  إدارتها علي عاتقه - بقدر ما تشير نتائج بحثية للقضية. في كل مرحلة ، تتم دراسة المواضيع الحساسة مع الإمام الخميني وكان صانع القرار النهائي الإمام نفسه وأخيراً، قدم الإمام الخميني المسألة إلى البرلمان وقدم أربعة شروط للبرلمان لاتخاذ قرار بشأنها».

وأضاف  قائلاً: «مناقشة الوثائق ولماذا تم الكشف عنها كانت مهمة لنا أيضا. تنقسم هذه الوثائق إلى عدة فئات: بعضها يتعلق بعلاقة أمريكا مع الدول الأخرى. كما يرتبط بعضها بالتدخلات الأمريكية في إيران وسلسلة من الاتصالات مع أشخاص مختلفين. أثّر هذا الحادث على البلاد في داخليا وخارجيا، وكان إيجاد  حل لها من ضمن مداخلنا في طرح الأسئلة. كما تمت دراسة جزء خاصاً من واقعة طبس. هناك، بالطبع، كتاب مفصل في المجال الفني والذي آمل أن يتم إصداره قريباً.  إذا وجد شخص يدرس وثائق اقتحام السفارة الأمريكية ، فسيتم إنتاج وإصدار العديد من أطروحات الدكتوراه والماجستير في مجال التاريخ والعلوم السياسية والعلاقات الدولية».

وأكّد المشرف علي كيفية  مشروع «التاريخ الشفهي والبصري لإيران» :« لقد استخدمت كل جهودي لقضية دراسة بدء اقتحام السفارة  الأمريكية و نتائجها. كما يتم أيضاً التعبير عن الحوادث والأحداث التي رافقتها، لكنني لا أعتبر نفسي ملزماً بتحليل تلك الحوادث والأحداث. للحصول على سرد دقيق ووثائق دقيقة  و أولية، حددنا أربع مجموعات من الأشخاص كما يلي :«أولاً الطلاب وثانياً الرهائن الأميركيين وثالثاً المسؤولين الإيرانيين الذين لديهم إرتباطاً مباشراً مع هذه الأحداث والمجموعة الرابعة، المسؤولين الأميركيين». لقد عملت علي ذكريات وروايات و مشاهدات هذه المجموعات الأربع المذكورة أعلاه. لم نذهب نحو المحللين أو المؤرخين. لأنه ليس من المفترض أن نحلل الموضوع. حاولنا درك واستيعاب الموضوعات ممن عايش الحدث مباشرة ، وليس عن طريق اقتباس مواضيع غير ذات صلة. على سبيل المثال ، ذهبنا إلى ثلاثة من الطلاب الذين خططوا لاقتحامها ومن أجل أن نكون واقفين علي دور الإمام الخميني المصيري، قمنا بدراسة خطاباته أو من أجل استنتاج مواقف رئاسة الجمهورية آنذاك، ذهبنا إلي كتابات وخطابات بني صدر. و في هذا السياق، تمت دراسة دور الشهيد رجائي كرئيس للوزراء آنذاك وسائر الشخصيات المؤثرة في الموضوع».

كما أشار السيد حسن بهشتي بور إلى وضع رهائن السفارة الأمريكية قائلاً :« كانوا 66 شخصاً حيث 13 منهم، 10 من السود و ثلاثة نساء، تم إطلاق سراحهم في ژوئن من عام 1979م. وبقي 52 شخصاً منهم. حاولت أن أجمع قصص هؤلاء الأفراد عن طريق ذكرياتهم. لاسيما استنتاج من ذكريات المسؤولين الأمريكين مثل «جيمي كارتر» رئيس جمهورية أمريكا آنذاك و«سايروس فانس» وزير الخارجية و «بريجنسكي» مستشار كارتر للأمن القومي و هاملتون جوردان ، رئيس موظّفي البيت الأبيض و مسؤلين أمريكيين آخرين».

وأجاب علي هذا السؤال و هو كيفية اختبار مصداقية رواية الأمريكيين فيما يتعلق بالحادث قائلاً:« من جهة قمت بتجميع ادعاءاتهم و من جهة أخري جمعت أدعاءات الطلاب الإيرانيين أيضاً. رفضوا قضايا  مثل تعذيب الرهائن على أساس الأدلة والبراهين. لكن في الكتاب، ذكرت كلام الطلاب و الرهائن ».

و يأمل السيد حسن بهشتي بور بإنهاء مشروع التاريخ الشفهي للطلاب التابعين لنهج الإمام الراحل في هذا العام حيث قال في نهاية كلمته: « لقد أهملنا التاريخ الشفهي، إذا ما اعتبرناه ضمن الذكريات. أولئك الذين يمارسون التاريخ الشفهي والكتب المطبوعة ليس لديهم فهم دقيق للتاريخ الشفهي. صحيح أنه يتم الحصول على التاريخ الشفهي بشكل شفهي، لكن الباحث مطلوب منه أن يرى المصادر ذات الصلة وأن يتكيف مع الذكريات الأخرى. لا أريد أن أعطيها اختبار المصداقية، ولكن في بعض الأحيان تقوم بإدخال معلومات أكثر تفصيلاً في النص وإضافة معلومات إضافية إلى هامش النص كذلك... وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه المعلومات لا تقوض النص كما أنّ التشفيف هو أيضا مهم جداً في التاريخ الشفهي. ولكن في هذه المجموعة، خاصة في قضية اقتحام  السفارة الأمريكية، يجب أن نلتزم بتفسير ذلك بدقة ومن زوايا مختلفة. لأنه في المستقبل، سوف يدخل الآخرون في التحليل والمراجعة . لذلك أولاً، يجب أن نسجل بالضبط كيف تم تكوين الثورة الثانية».

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2653



http://oral-history.ir/?page=post&id=8181