تقديم ودراسة كتاب «حديث الزمان»

دور التاريخ الشفهي في التعرف على الشخصية المؤثرة

مريم رجبي
ترجمة: حسن حيدري

2018-11-16


خاص لموقع تاريخ إيران الشفوي، عقدت جلسة تقديم ودراسة كتاب «حديث الزمان» والذي يتضمّن ذكريات حجة الإسلام والمسلمين سيد هادي خسروشاهي والذي جمعه وأعدّ له السيد حميد قزويني، في مساء يوم الأحد، الموافق 4 نوفمبر لعام 2018م في دار أهل القلم التابعة لمؤسسة بيت الكتاب. كما تحدّث في هذا الإجتماع كلّ من حجة الإسلام خسروشاهي وعلي ططري، مدير مركز التوثيق لمكتبة ومتحف مجلس الشورى الإسلامي.

من طالب في الحوزة حتي الكتابة

قال حجة الإسلام والمسلمين هادي خسروشاهي في بداية هذا الإجتماع :«تتضمن سلسلة حديث الزمان علي ما يقارب 80 مجلد حيث تم طبع 24 منها لحد الآن. يتطرق أحد هذه المجلدات لشخصية الإمام موسي الصدر وذكرياته التي احتفظ بها. طيلة الأعوام الماضية هناك أعمال مثل مجلة التاريخ والثقافة المعاصرة و التي كانت تنشر في مدينة قم وكنتُ أقوم بنشرها آنذاك وكانت حول الإمام موسي صدر. هذا الكتاب ليس عملي الأول حول الإمام موسى الصدر.علي مرّ السنين الماضية، نشرت أعمالاً عديدة مثل العدد الخاص بمجلة التاريخ والثقافة المعاصرة و التي قمت بنشرها في قم حول الإمام موسي. في المرحلة التالية، طُبعت مذكرات الإمام موسى الصدر في مجلد يبلغ حوالي 900 صفحة. لدينا أيضاً كتاب آخر نشرته جامعة الأديان والمذاهب تحت عنوان «الإمام الصدر، المصلح الإجتماعي الكبير».على الرغم من أننا قمنا بطباعة أربعة أو خمسة كتب في هذا المجال، إلا أنها ليست مجموعتي الكاملة حول ذكرياته. ستنشر قريباً مجموعة كاملة من المقالات والمقابلات والتقارير الواردة من الشخصيات المحلية والأجنبية الرئيسية».

وقال حجة الإسلام خسروشاهي عن معرفته بالإمام موسي الصدر:«لقد قدمت من تبريز إلي مدينة قم ولازلت غير متقن للفارسية كما ويجب التحدث حينها مع الأصدقاء باللهجة التركية. كان منزل الراحل آية الله الصدر الكبير، يقع في بداية زقاق المدرسة الحجتية حيث كان الراحل آية الله سيد رضا الصدر يسكن هناك. في كل يوم وقبل نصف ساعة من غروب الشمس، يجتمع علماء قم في ذلك المنزل. وكان آية الله سيد رضا صدر يستضيف الأصدقاء أيضاً. لم أكن في ذلك المستوي العمري أو الدراسي الذي يمكنني من المشاركة في تلك الجلسات، ولكن من باب حس الفضول الذي كنت أعيشه بداخلي ومن جهة أخري السماح بالدخول إلي جلسات طلاب الحوزات، كنت أشارك فيها. كنت مستعماً حرّاً،حيث أنّ المواضيع والأبحاث التي تطرح في تلك الجلسات، لم تكن في مستوي يمكنني المشاركة فيها علي الإطلاق. تعرّفت في تلك الجلسات علي شخصيات كبيرة كأمثال آية الله السيد موسي شبيري زنجاني. كان الإمام موسي الصدر يتبادل معه الرأي. لقد بدأت معرفتي باالإمام موسي صدر عندما ذهبت لزيارته و من ثم نشرت مجلة مكتب الإسلام في مدينة قم تحت إشرافه وعدد من السادة الآخرين. كان يكتب المقال الإفتتاحي لهذه المجلة. كما يتم تنقيح و تصحيح المقالات في مطبعة (حكمت) الواقعة في (تيمجة بزرك) في سوق قم الكبير. كان مديرها آنذاك الدكتور أحمد أحمدي و أنا برفقته، أي نحن نقرأ المقالات و نقوم بتطبيقها مع المواضيع الرئيسية. لم نتدخل أنا و الدكتور أحمدي في المقالات. بعد إصلاحها وتنقيحها، كان يأتي نحو قم و يشرف علي مقاله الإفتتاحي. رويداً رويداً أصبحت كاتباً و منذ بداية السنة الثانية للمجلة، بدأت الكتابة تحت إسم مستعار «س .هدي .ثائر» في مجلة مكتب الإسلام  أو أقوم بترجمة المقالات. الثائر بمعني الثوري. حصل خلاف في مجلة مكتب الإسلام و غالبية أعضائها غادروا العمل. بعد ذلك قال الإمام موسي الصدر أنه لامكان لي في هذه المدن وسذهب إلي لبنان  و كان سبباً في نشر أعمال أنتم مطلعون عليها. مما لاشك فيه،إ ذا بقي الإمام موسي الصدر في مدينة النجف الأشرف أو قم المقدسة، ستكون لديه مرجعية مطلقة مثل آية الله بروجردي وآية الله الحكيم وآية الله الخويي لكن قال له الشهيد السيد محمد باقر الصدر :« عليك أن تستمر بعمل سيد جمال الدين أسد آبادي علي الصعيد العالمي و اترك العمل الحوزوي لنا لنقوم به». مذكراتي هي موثّقة وليست مزيفة أو مزوّرة، على سبيل المثال، إذا قلت إنّ الإمام الخميني قد تكلم بهذه الطريقة، سأرفق حينها خطاب الإمام الراحل بخطّه».

تقديم مسارات الشخصية الثلاثة للكتاب

وقال السيد علي ططري في خضمّ هذا الإجتماع: « في قضية مناقشة تقديم الكتب، هناك بعض النقاط المهمة التي يجب أن نشير إليها، الأول هو شكل ومظهر الكتاب وطريقة طبعه، والآخر هو التحرير الفني والأدبي، والثالث هو محتوى الكتاب. للكتاب ثلاثة جوانب من الشخصية.  أولاً، الشخص، وهو بطل الكتاب، أي الشخص الذي جمع هذه المذكرات أو التاريخ الشفهي عنه وهو الإمام موسى الصدر.   الثاني هو الشخص الذي روي الذكريات أو التاريخ الشفهي، أي سيد هادي خسروشاهي والثلاث من أجري المقابلة وهو حميد قزويني. يجب أن أقول فيما يتعلق بالأستاذ سيد هادي خسروشاهي أنه للباحث أو للشخص الذي يعمل في مجال التاريخ الشفهي أو الذكريات، مهم جداً أن ذلك الشخص الذي قام بجمع ذكرياته، أن يحظي بمكانة في المجتمع. هذه هي السنة الثمانين من عمر الأستاذ خسروشاهي حيث استمر في الكتابة لأكثر من ستين عاماً. وقد عمل في المجالات الثقافية ولديه أكثر من 80 كتاباً والعديد من المقالات. هذه تعتبر من ميزاته حتى نتمكن من استخدام ذكرياته. ومن صفاته الأخرى أنه بالإضافة إلى الكتابة في المجلات والمنشورات مثل مجلة مكتب الإسلام ، كان أحد المؤسسين لها أيضاً. تعتبر مجلة مكتب الإسلام واحدة من المنشورات العظيمة لتاريخنا المعاصر؛ صحيح أنها ذات طابع ديني ، ولكن في بعض الحالات، تجاوز توزيعها مئة ألف نسخة، وهو رقم قياسي. هذه المجلة لها جماهير داخل وخارج البلاد.  يمتلك الأستاذ تمثيلاً سياسياً في مصر وفي الفاتيكان، وقد ارتبط ارتباطاً وثيقاً بعدد من القضايا السرية وغير السرية والسياسية في المجال الدبلوماسي، وهو أمر مهم جداً في سرد شخصية الإمام موسى الصدر ويسهم في جودة عمله كذلك. بالإضافة إلى كتابة الكتب والمقالات، فقد لعب دوراً مهماً في الساحة السياسية، ويمكن أن تكون مذكراته مهمة جداً .عندما ندخل في مجال مناقشة الذكريات والتاريخ الشفهي، تعتبر ذاكرة الشخص مهمة جداً ولله الحمد أنّ الأستاذ يتمتع بهذه الميزة الجيدة حيث في كثير من الحالات يشرح ذلك بكافة التفاصيل. من أجل التأكد من مصداقية و تقييم مقابلة ما، تعتبر هذه الميزات التي تحدثت عنها مهمة للغاية. يجب أن أقول حول حميد قزويني، أنه من ضمن الباحثين والكتّاب المتواضعين في هذا المجال. كما أنني لم أره لغاية الآن ينحاز في بعض القضايا السياسية إلي جهة ما أو يتّهم بتزوير الذكريات. نحن نعرفه كشخصية علمية في هذا المجال. في كتابة المذكرات والتاريخ الشفهي ، فإن الأمر يتعلق حقاً بمدى أهمية الشخص الذي يريد أن يكتب عنه وهو تاريخياً ومدى قدرته على المساعدة في حل الغموض التاريخي.  تعريف التاريخ الشفهي هو طريقة إنتاج الوثائق والمستندات، وإذا أردنا أن نوثق بشكل صحيح، فإننا بحاجة لمعرفة ما إذا كانت الشخصية التي نريد أن ندرسها، ما مدي أهميتها في هذا العمل. الإمام موسى الصدر شخص مؤثر، وأعتقد أنه في داخل إيران ليس معروفاً كما ينبغي بين أوساط المجتمع. هذا الكتاب ومجموعة من الكتب الأخري حوله ستساعد علي معرفته أكثر فأكثر داخل البلاد. ربما يكون الإمام موسي الصدر معروفا أكثر في مصر ولبنان وخارج البلاد».

المحتوي وتنقيح الكتاب

وأشار السيد ططري إلى محتوي و تنقيح الكتاب قائلاً:« الكتاب ، من ناحية الشكل، فهو على مستوى جيد . كل من الطباعة، سواء تصميم الغلاف واللون تظهر أن هناك دقة و ظرافة و إدارة في نشر الكتاب. إذا دخلنا في تحرير وتنقيح الكتاب، نجد أنّ جميع الذكريات يتم الاحتفاظ بها استجابة لمسألة التصنيف والدورة التاريخية ،وهذا أمر مهم. دور المحاور في مجال التاريخ الشفهي هو أكثر أهمية بكثير من الذكريات و كتابتها. لماذا يجعلون فرقاً بين كتابة المذكرات والتاريخ الشفهي؟ سبب واحد هو دور المحاور. يستطيع المحاور توجيه الأسئلة وحتى الحوار.  هذه المعرفة والقوة في المقابلة تجعله يحدد هويته ويوجهها، حتى إذا ما أراد الشخص الذي تجري معه المقابلة أن يقوم بوضع الرقابة الذاتية الخاصة أو يغيّر الموضوعات، بالتالي يكون قادراً علي تمييزها وتوجيه الطرف الآخر باللتي هي أحسن، فإن المحاور في التاريخ الشفهي هو أحد العناصر التي تشكل جزءاً من التاريخ ،و نحن لا نفصله عن هذه القضايا علي الإطلاق. إذا نظرنا من هذا المنظور، فإن الأسئلة تشير إلى أنه قد تم اختيارهم من خلال دراسة و معرفة شاملة. في هامش الصفحات، تأتي التفسيرات للقراء ، وإن كانت قصيرة، للشخصيات المذكورة في خضم تلك الأحداث وفي أثناء المقابلة. كما أنّ الوثائق هي أيضاً واحدة من ميزات وايجابيات هذا الكتاب، وعلى وجه الخصوص، بالنسبة للمحتوى المهم، يتم توفير الوثائق كذلك. يمكنك أن تقول مل يحلو لك، وقد يكون هناك شخص واحد فقط شاهد علي حدث تاريخي، لهذا كيف تريد أن تثبت ذلك؟ وبالتالي، إذا تم تقديم وثيقة، فإنها ستضيف بالتأكيد إلى جودته وصلاحيته. ، رأيت في اللمحات،الملامح الشخصية والأماكن والكتب والمجلات واردة بشكل جيّد في هذا الكتاب. لقد حاولت جاهداً العثور على أخطاء إملائية ومشكلات في الأحكام المتعلقة بالتعديل والتنقيح الأدبي،ولم أجد حتي ولو حالة واحدة».

أهمية شخصية الإمام موسى الصدر

قال السيد ططري عدة نقاط حول الإمام موسي الصدر و قيمته التاريخية و الشخصية :« لاشكّ أنّ كلّ كتاب أو مقال يتم نشره يعبر عن فرضياته وأسئلته ويسعى إلى حل بعض الغموض، وقد اجتاز هذا الكتاب بالتأكيد من خلال هذا  التصميم الغموض والأسئلة. تم اختيار معظم الأسئلة التي استعرضتها بعناية. بالطبع، كان المحاور يبحث عن سلسلة من الأهداف، وبالنظر إلى الإلمام الجيد الذي يملكه الشخص الذي تمت مقابلته، نرى القليل من المشاكل في هذا الكتاب. تتمتع شخصية الإمام موسى الصدر بالمميزات والمواصفات الرفيعة التي تضيف إلى قيمة هذا الكتاب والذكريات. الميزة الأكثر أهمية التي تتمثل في شخصية الإمام موسى الصدر، هي نهايته الغامضة حيث يشوبوها الغموض و الألغاز الكثيرة  ولا يتم إسدال الستار عن حالة حياته الفردية. التاريخ الشفهي نفسه ليس موضوعاً مغلقاً علي الإطلاق ، وإذا ما نظرنا إلى شخصية ما، فسوف ندرس مدى تأثير حياته والتي تضاعف من أهمية ذلك الموضوع. إذا كان الإمام موسى الصدر وشخصيات مثله حاضرين في عصرنا هذا، لما كنا قد واجهنا بعض المشاكل في المنطقة والعالم الإسلامي. ستتمخض بعض النتائج والتحليلات من هذا الكتاب .أي أننا قمنا بقرائته ومن ثم العمل علي تقديمه ودراسته، لا بأس بذلك الأمر، لكن إحدى النتائج الرئيسية لهذه المناقشة يمكن أن تكون بالفعل حلول لقضية فلسطين واليوم توجد هذه الحلول، وإذا كانت هناك شخصيات مثل الإمام موسى الصدر في المجتمع، فقد كانت فعالة جدا في القضية الفلسطينية. في رسالة كتبها رداً على الشكوك التي أثارها الأستاذ خسروشاهي، لديه تعبير مثير جداً ونظرة واقعية. في تلك الرسالة، وضع الشيعة كمركز للبوصلة، وقال إنّ التعبير عن قضايا أخرى مهم أيضا بالنسبة لنا، لكن الحفاظ على الشيعة أولوية بالنسبة لنا، أي بالنسبة لنا مظلومية الشيعة والحفاظ على مصالحهم في العالم أكثر أهمية من أي شيء آخر. لقد كانت هناك سلسلة من الحقائق التاريخية التي أثبتت اليوم الكثير منها لنا . كما تطرح مناقشة أخرى حول المجموعات الموجودة في المنطقة اليوم. إنّ وجود تنظيم داعش الإسلامي والجماعات السلفية في منطقتنا، وهي قضية رئيسية، يظهر الحاجة لوجود شخصيات مثل الإمام موسى الصدر. بالطبع ، ليس لدينا أي شك حول رعاية بعض دول الخليج الفارسي والعقوبات التي اتخذتها الولايات المتحدة وأوروبا، لكن هذا ليس السبب الوحيد، و هناك جزء منها بسبب الفراغ الثقافي الموجود، فراغ بعض الوجوه التي تم اتهامها في ذلك الوقت. يثبت لنا من خلال المقابلات والوثائق، إنه إذا لم يتم اختطافه،نحن سنقوم بقتله، بسبب تلك الجريمة. بعبارة أخرى، قدّم الإمام موسى الصدر بعض الحلول، وإذا استمر في هذا الطريق هو وأتباعه، فلن يكون لدينا الكثير من المشاكل اليوم. لم يكن الشهيد تشمران شخصاً صغيراً، لكنه كان في مكتب الإمام موسى الصدر وكان فخوراً بذلك. رأينا الكثير من الأشياء فيما بعد، والفارق بيننا وبين الإمام موسى الصدر هو في هذا المجال. كما أنّ الممرات التاريخية تحدد لنا الناس العظماء».

و في خضم هذا الإجتماع تحدث حجة الإسلام خسروشاهي حول لقاء الإمام موسي الصدر مع مالك بن نبي قائلاً:« جرت مناقشة فلسفية بين الإمام موسى الصدر ومالك بن نبي، وكان الإمام موسى متفوق عليه في ذلك، أينما دار حديث، كان الإمام موسى الصدر يأخذ من وقته لإبداء رأيه. كنت في إحدي الأيام جالساً في حضوره حيث قال:«عندما ذهبت إلي مدينة قم، لاتقل أنه يعطي حلول وتعاليم هذه الدروس. أريدهم أن يعرفوا أنّ الطلبة الشيعة في قم والنجف يفهمون ويستوعبون أكثر من المشايخ هناك».

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2783



http://oral-history.ir/?page=post&id=8180