اللحظات الحرجة التي كتبت في «بي دبليو»

شيما دنيادار رستمي
ترجمة: أحمد حيدري

2018-10-12


يتضمّن كتاب «بي دبليو»، تأليف شهاب أحمد بور، رواية جزء من ذكريات شمس الله شمسيني غياثوند. كان الأخير من أسري الدفاع المقدس حيث كان قائداً لكتيبة أثناء أسره، لكنه وبسبب استشهاد إثنين من قادة الكتائب المتواجدة في العمليات، تولّي قيادتهما.هذا الموضوع جعل قوات التعبئة المتواجدين في العمليات أن يخطئوا في تمييزهم بينه وبين قائد فيلقهم حيث أثناء أسره في عمليات كربلاء 2 يعرف كأسير بأعلي رتبة عسكرية و ومرت عليه الكثير من الأحداث أثناء أسره في العراق.

 ينقل لنا الراوي أحداث «بي دبليو». يجعل الراوي الجمهور لايفارق قراءة رواياته من خلال بيان اللحظات المثيرة والرائعة في كل فصل.

الفصل الأول من الكتاب، يحمل عنوان «بعد بضعة أيام»، و يمكن لهذه السطور القصيرة التي تروي حكاية معظم أسري الدفاع المقدس، أن تكون إختياراً مناسباً للفصل الأول من الكتاب، «بعد مرور بضعة أيام،ارتديت ملابسي و كنت جاهزاً للخروج من البيت. نظرت إلي وجهي في المرآة. لا أمتّ بصلة لسنوات شبابي علي الإطلاق. كان وجهي نحيفاً ومتجعداً وعيناي متعبتان.عندما خرجت من البيت، مدينتي....مدينتي أصبحت كالأطلال. أساساً ...لم تشبه السنوات الماضية».

من الفصل الثاني تحت عنوان «قبل بضعة أيام» يقوم الراوي ببيان موقف أسرة شمسيني غياثوند وطريقة مراوداتهم في قرية « جهار طاقي» التابعة لمدينة لوشان كيلان». أسرة من أصول كردية تعمل في مجال الزراعة وتربية المواشي»،يتحدثون اللغة الكردية في البيت حيث كان يذهب أبنائهم في ذلك الوقت إلي المكاتب لاكتساب المهارات الإجتماعية.

في هذا الفصل من كتاب «بي دبليو» تتضح جزئيات خاصة من ضمنها طريقة ذهاب أسرة غياثوند إلي مدينة لوثان، صداقته مع «محمد بذري) من أهالي زابل و طالب في فرع العلوم السياسية بجامعة طهران حيث مهّد أرضية معرفة الرواي مع عملية تشكيل الثورة في طهران والمدن الكبري الأخري، و أيضاً الموت المفاجئ لأب الأسرة و تقبله مسؤولية عائلته منذ شبابه.

نقرأ في مختطفات من الصفحة الـ 18 من الكتاب :«تزامناً مع الدراسة المدرسية، كنت أذهب كثيراً نحو مسجد لوشان حيث أقيم هناك الصلاة و أقرأ القرآن الكريم. بعد فترة من الزمن، تعرفت علي إمام مسجد لوشان الحاج سليماني و الذي يقال أنه تم نفيه إلي هذه المدينة، وكنت أحضر بشكل منتظم في صفوف القرآن والمسائل الشرعية. لم يتجاوز عددنا الأربعة أو الخمسة أشخاص، لكنه ونظراً لمعرفتي المسبقة بالأحكام القرآنية، كان يهتم بي. كنت أسمع في تلك الأيام من الحاج سليماني أنه تم نفي عدد آخر من رجال الدين إلي مدينة رودبار ويطلق عليهم «السياسيون». السيد صادق خلخالي و السيد محمد يزدي. لم أعرف أي أحد منهما».

«الأحداث الجديدة» هو عنوان الفصل الثالث من الكتاب. الأحداث التي كانت نتيجة لزيادة البصيرة والوعي السياسي للراوي و التي عرفت محمد بذري بالأنشطة السياسية، حيث فتحت أقدام الراوي لأول مرة على مكتب الساواك. مما جعله يعامل بطريقة أخرى في المدرسة، وكان الطلاب يجتنبون لقائه.

ميزات هذا الكتاب هي التعبير عن الروايات القصيرة بطريقة تخاطب الجمهور بسلسلة سردية. إن قضايا الأسرة، إلى جانب الغليان السياسي والاجتماعي لمدينة لوشان، جعلت منه نصا يستحق القراءة.

في فصل «الأحداث الجديدة»، بعد روايته وفاة جدته، يروي قصة الاحداث السياسية لمدينة لوشان. نقرأ في الصفحة 37 :«كان قريباً من شهر يناير لعام 1978م، لقد أصبح أهالي لوشان مجموعتين. مجموعة كانت من أنصار الشاه و الأخري مجموعة ثورية. في أحد الأيام أطلقنا مسيرة وذهبنا إلى المدينة. كان الحاج سليماني يتقدم تلك المسيرة. كما كان عدداً من أبناء الحي الذين كنت أعرفهم مشاركون في تلك المسيرة. أمثال أردشير زيبابور، محمد صادق كلايي، محمود پيروي، ميرزابور،رسولي، صادقي،نعيمي،دليري و....و كنّا نطلق شعار الموت للشاه و يحيي السيد الخميني و نتحرك إلي الأمام. كانوا ينتظرون مجيئنا. اقتربنا أكثر فأكثر لكنه بسبب عددنا الكبير لم يتصدوا لنا، لكنه من الواضح أنهم يبحثون عن عذر ما....»

يشير المؤلف في هذا الفصل أيضاً للأحداث و الخطط التي وقعت في مدينة لوشان والنتائج التي تمخضت عنها إبّان الثورة.

«الفصل الرابع المغامرات».في هذا الفصل، تطرق للحرب العراقية المفروضة على إيران والذهاب نحو الجبهة. شمس الله و الذي أصبح الآن شاباً ثورياً، كان عليه أن يستعد للذهاب إلي الجبهة. لهذا ذهب نحو قاعدة لوشان للمقاومة، حصل علي شهادة من تلك القاعدة و من خلالها شدّ الرحال نحو كرمانشاه. نقرأ في الصفحة 50 : «عندما وصلنا إلي كرمانشاه، كانت وجهتي الأولي، قاعدة أبوذر. قدمت نفسي وبدأت التدريب العسكري منذ اليوم الأول . كان المعسكر تابع للجيش، لكن العديد من القوات تتدرب داخل المعسكروخارجه...»

من بين الميزات الأخرى في كتاب «بي دبليو»،إهتمام وتركيز الكاتب علي رفع الغموض و الإبهام. حيث حاول مساعدة الجمهور من خلال ذكر أسماء الأشخاص والشخصيات والمواقع المدنية والعسكرية.

في الفصل الرابع، الذي استمرّ حتي منتصف الكتاب، أثيرت قصة حبس شمس الله شمسيني. وكما نقرأ في الصفحة 114: «لقد تبين لي من مسافة بعيدة أنهم العراقيين، ويمكنني حتى أن أخمن الشكل العادي لسياراتهم ومعداتهم، وهي القوات الخاصة وقوات الجيش العراقي. كان صوتاً مهيباً يقترب منّا. عندما نظرت ثانية رأيت السمتيات العراقية تأتي من خلف السواتر بسرعة فائقة. ناديت بصوت عال: عليكم أن تستعدوا . إنهم يأتون نحونا! العراقيون يتقدمون نحونا! لقد تفاجئ بقية المقاتلين مثلي...»

«الفصل الخامس للسنة». يتحدث هذا الفصل عن أيام أسر شمس الله شمسيني غياثوند بيد جيش صدام والذي بدأ منذ عام 1986م. التعذيب النفسي والجسدي، الإستجوابات و الآمال التي تراوده في مكان الأسر، تعتبر من ضمن مواضيع هذا الفصل.

كما نقرأ في الصفحة 189م من هذا الكتاب: « حتي الأشهر الأولي من الأسر كانت إقامة الصلاة تمنع علينا تماماً. بالطبع كان العراقيون يتظاهرون بالدين و إقامة الصلاة، لكن عندما نريد نحن إقامة الصلاة، لا يسمحون لنا. كنّا مضطرين أن نقيمها وراء الأبواب أو تحت النوافذ حتي نُرى من الخارج...»

تناولت الفصول الأربعة التالية المعنونة ب أيام عام 1987م،أيام عام 1988م،أيام عام 1989م و أيام عام 1990م، مغامرات و أحداث فترة أسر الراوي.

«الإستيقاظ من النوم» هو آخر فصل من كتاب «بي دبليو». يصف هذا الفصل إطلاق سراحه من الأسر والعودة إلى الوطن. ترحيب الناس و الإقبال الذي حظي به، لحظة لقائه بزوجته و أبنائه والمسؤوليات التي بقيت علي عاتق الرواي بعد إطلاق سراحه من الأسر. في الجزء الأخير من الكتاب ، نقرأ: «الآن بعد كل هذه السنوات، لا يزال تأثير ضرب وتعذيب الأسرى يؤذيني، سرعان ما أشعر بالتعب والإرهاق، أمرض بسرعة، أذهب لعدة مرات للمستشفي طيلة السنة و في كل مرّة أرغد في المستشفي لأسبوع أو أسبوعين».

على الرغم من أنه يمكن وضع الصور في نهاية كل فصل لإكمال الرسم التوضيحي في ذهن الجمهور، لكن هذا العمل ينتهي بوثائق وصور من راوي ذكريات الكتاب.

صدر الكتاب«بي دبليو»  عن  دار سورة مهر كتاب في  1250 نسخة و 322 صفحة سعر كل نسخة 24 ألف تومان في عام 2018م. بعناية مكتب الثقافة ودراسات الاستدامة في محافظة كيلان..

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2667



http://oral-history.ir/?page=post&id=8106