مع مذكّرات الطيّار ناصر جيان

من الإستطلاع حتي قيادة العمليات

زهراء أبوعلي
ترجمة: حسين حيدري

2018-06-21


أجرت السيدة زهراء أبو علي حواراً مع الطيار ناصر جيان وقدمت بعضًا منها إلى موقع التاريخ الشفهي .ستقرؤون فيما يلي مذكرات طيارتابع للقوات الجوية منذ فترة القيادة و العمليات التي شارك فيها.

حدّثنا عن نفسك.

أنا اللواء 2 و الطيار المتقاعد ناصر جيان. ولدت في عام   1947 في مدينة طهران. حيث دخلت الكلية العسكرية عام 1966 . بعد ثلاث سنوات تخرجت برتبة ملازم ثاني كما من عام   1970  حتي عام 1917 إنتهيت من فترة اردنانس التمهيدية.

ما معني الإردنانس؟

يطلق علي مسؤول الإسناد و الذخيرة و الأسلحة بالإردنانس.

كيف أصبحت طيّاراً في القوة الجوية؟

عندما كنت أنتهي من فترة الردنانسي،أعلنوا في أحد الأيام على من يريد أن يصبح طياراً في القوة الجوية، أن يسجل اسمه. سجلت إسمي و تم تأييدي في الفحصوات الطيبة. بعد ما أنهيت الدورة التهميدية، خضت أول تجربتي في مجال الطيران في قلعة مرغي بطهران بطيارة ذات جناح ثابت حيث في ذلك الوقت كانت نوعيتي سسنا و بايبر، و حلّقت حوالي 50 ساعة علي متن هذه الطائرة آنذاك. بعد ذلك رأي الأستاذ الطيار امكانية أن أحلّق بمفردي علي متن الطائرة. بعد ذلك خضت تجربة تعلم السمتية (هلي كوبتر).

من أي جنسية كان أستاذكم الطيار؟

كان تدريب و تعليم السمتيّة بيد البريطانيين. كما كان هنالك القليل من النمساويين أيضاً.

هل ذهبت لقاعدة الطيران الجوي بعد تدريب الطيّران؟ أين؟

في معسكر باغ شاه الأسبق و الذي تم تغيير اسمه إلي حُر في الوقت الراهن. كما ذهبت بعد ذلك في عام 1350 إلي إيطاليا لقضاء دروة تدريبية للطيران علي سمتيات يو إج 1و 206.

كم استغرقت تلك الفترة؟

كنا هناك لمدة 7 أشهر. اكتملت الدورة التدريبية الخاصة بنا وعدنا إلى إيران. في ذلك الوقت لم تكن القوة الجوية كبيرة. كانت هنالك قاعدة في طهران و أخري في إصفهان فقط. كما أرسلونا  كطيارين لقاعدة أصفهان. في العام التالي ، جاء فريق أمريكي إلى أصفهان ليعلمنا نحن الطيارين التدريب علي الرماية. لأنه حتى ذلك الحين ، لم تدخل طائرة هليكوبتر كوبرا إلي القوة الجوية ، وقد جهزت طائرات هليكوبتر  يو إج 1، والتي سيتم استخدامها إذا لزم الأمر.في العام التالي و برفقة ثلاثة طيارين تدربنا علي أستاذ الطيران. و تعلمنا التحليق بطيارة سمتية جت رنجر. و قمنا بالمهام العادية.حتي توسعت القاعدة الجوية في البلاد. كما أصروا في العام  1975 على أنه يجب تدشين قاعدة كرمانشاه الجوية. وفي نفس الوقت اجتزت اختبار اللغة الإنجليزية لإختبار الطيارالتجريبي في الولايات المتحدة   الأمريكية.

طيار تجريبي؟

على سبيل المثال ، طائرة هليكوبتر التي حصل فيها خلل وتم إصلاحه ، سوف يأتي الطيار التجريبي لرؤيتها ، وهل تم إصلاح الأخطاء فيها أم لا؟ في عام 1975 ، ذهبت إلى الولايات المتحدة وخضت دورة طيران تجريبي طيلة ستة أشهر ، وعُدت إلى إيران. بعد بضعة أيام في طهران ، ذهبت إلى كرمانشاه.

ما هي رتبتكم العسكرية حينها؟

قائد كتيبة الطيران

ماذا يقصد به؟

كتائب الإستطلاع.

القواعد الجوية ـ بالطبع أقصد قسم الطيران منه ـ ما هي الأقسام التي يشملها؟

كتيبة هجومية مع مروحيات 214 مروحية وكتيبة واحدة مع مروحيات كوبرا. كل قاعدة كانت أيضاً تحتوي علي كتيبة للطيران حيث تم تحديد المهمة الرئيسية لهذه الشركات على أساس جدول تنظيم المنظمة كتعريف للإستطلاع وتحديد الهوية القتالية.

ماذا تقصد بالإستطلاع من خلال القتال؟

على سبيل المثال ، تذهب المروحية إلى منطقة العمليات ومواقع العدو لتحديد موقعه، وإذا كان الطيار لديه معرفة كافية بالأمر ، سيتم الإعلان عن نوع وعدد أسلحة العدو حينها.

إذن كان التحديد مرئيًا ولا تُلتقط الصور؟

لا ، لم يلتقطوا الصورة. بل يبلغ الطيار عن الموقع بناءً على ما رآه.

ما هي نوعية مروحية الكتيبة للطيران؟

نوعية المروحية هي جت رنجر. هذه المروحية تسع لحوالي خمسة أشخاص.

هل يتم تجيهزها بالأسلحة؟

نعم، لقد جهزوا هذه المروحية مرتين و بنوعيتين من الأسلحة. في المرة الأولي وضعوا علي متنها رشاشتين في جانبها حتي يتم إطلاق النار في الوقت اللازم. كما في إحدي المرات وضعوا عليها صاروخ، حيث هذا الصاروخ لا فائدة منه و بعدها أزالوه نهائياً من متننها.

كم بقيت في كرمانشاه؟

كنت لحوالي ستة أشهر هناك. ذهبت لإكمال الدورة الممتازة إلي مدينة تبريز و في عام1977  تم تعييني برتبة نقيب كقائد لكتيبة مروحيات قاعدة طهران. في تلك السنوات ذهبت في عدة مهام إلي عُمان.

ذهبنا من أجل دعم وحدات مشاة الجيش في ظفار حيث أخذنا معنا مروحيات جت رنجر و يو إج 1 إلي هناك. وقد تم تجهيز عدد من مروحيات يو إج 1بالصواريخ. لقد شاركت القوات الجوية في عمليات دماوند في ظفار و لهذا السبب قاموا بتقسيم قواته إلي 9 مجموعات و أرسل كل مجموعة منهم حوالي ثلاثة أشهر إلي عمان. كل الطيارين الذين كانوا برتبة نقيب إبّان إنتصار الثورة الإسلامية في إيران، كانوا متواجدين في عمليات دماوند، دون استثناء كل الذي تريدهم كانوا هناك.

أين كنتم في الـ 22 من بهمن عام 1979؟

غداة ذلك اليوم ذهبت بسيارتي إلي قاعدة قلعة مرغي الجوية. عندما وصلت إلي بوابة القاعدة، فجأة رأيت سبعة إلي ثمانية أشخاص إجتمعوا حول السيارة و هم ملثمين. قلت لهم:« ماذا حدث و من أنتم؟»عندما نزلت من السيارة، وضعوني علي أكتافهم وطافوا بي حول القاعدة.

من كان الملثمين؟

الطاقم الثوري للقوات الجوية. أرادوا إعتقال عدد من الأشخاص الذين من وجهة نظرهم لم يسايروا الثورة.

هل قاموا بإعتقالك؟

لا، بل تم تعييني كقائد لقاعدة طهران الجوية. كان رجل دين إسمه الحاج باقر آشتياني متواجد في تلك القاعدة. قال للطاقم حينها: هذا الشخص من اليوم فصاعداً سيكون قائداً لهذه القاعدة و عليه أن يتحدث.

هل تحدثتم؟

 نعم! ثم ذهبت واستدعيت أولئك الذين كانوا مسؤولين سابقاً ، وقلت لهم: عودوا إلي القاعدة ولكن لم يأت أحد منهم. في ذلك اليوم تم تعيين الفريق الركن قرني من قبل الإمام الخميني الراحل رئيس أركان الجيش (رحمة الله عليه).كما قام الفريق الركن قرني في الـ 29 من بهمن بتعيين اللواء الطيار كيومرث ثقفي  و الذي كان مساعداً لطاقم القوات الجوية قبل إنتصار الثورة الإسلامية كقائد عام للقوات للجوية، لكن أثاروا ضجة في الطاقم و قالوا: لانريده أن يصبح قائدنا. كان هو من ضمن أزلام الحكومة البهلوية الإستبدادية. لقد ذهب ثقفي. وكانت قيادة القوات الجوية بلا تكليف.يجب أن يصبح أحداً قائدا لها. جئنا إلي مقر القوة الجوية الذي تقع في معسكر باغ الشاه و عقدنا إجتماعا هناك.

من هم الذين شاركوا في ذلك الإجتماع؟

كان كل من العقيد سيد محمود شاهرخ آذين،الملازم الثالث كريم عابدي،الرائد لهراسبي من قاعدة كرمانشاه، نظامعلي كريمي و السيد همافري و الذي استشهد في أوائل الحرب.اجتمعنا واتفقنا على أن نختار قائداً للقوة الجوية. لايمكن أن تبقي بدون قيادة.وفقاً لسجلات الموظفين القدامي في القوات الجوية، قمنا بإختيار قائداً حينها. حيث وقع الإختيار علي العقيد الطيار أكبر رضانيا كقائد للقوة الجوية و بعدها كل منّا اتجه نحو عمله.

إلي متي بقيت كقائد لتلك القاعدة؟

بعد إنتصار الثورة الإسلامية، خمسة أشخاص حصلوا علي رتبة اللواء. كان أحدهم العقيد اسكندر عمادي حيث بعد فترة وجيزة أصبح القائد العام للقوة الجوية. بعد تعيين الفريق الركن عمادي كقائد عام للقوات الجوية، اتصلت به هاتفياً و قلت له: فريق الركن، في يوم من الأيام رفعني الطاقم و قالوا : يجب عليك أن تصبح قائدنا و جاء رجل دين و بارك هذه الخطوة آنذاك. لكن من حيث التسلسل الهرمي والنظام العسكري، ليس من الصحيح بالنسبة لي أن أكون القائد.لأن هنالك ضباط كان أكبر مني من حيث الرتب العسكرية في الجيش. حيث أصبح قائداً للقاعدة الجوية. كما أصبحت أنا قائداً لكتيبة المروحية.

كم بقي فريق الركن عمادي كقائد للقوات الجوية؟

مع أول مهمة في شهر مرداد العام 1977، ذهب فريق الركن عمادي من القوة الجوية و أصبح العقيد كرانماية قائداً للقوات الجوية. في يوم من الأيام اتصل بي العقيد كرانماية و قال: يقول فلان: إن حيثية القوات الجوية في خطر. قلت له: ماذا جري؟ لقد إتصل بي آية الله بهشتي و قال أنه حوالي إثني عشر من الإخوة و الأخوات في الجهاد الأخضر ـ في ذلك الوقت لم يتم تشكيل جهاد البناء بعدـ ذهبوا إلي جبال علم كوه [1].توجد في تلك المرتفعات ينابيع من الكبريت.هؤلاء الأفراد ليس لهم الخبرة اللازمة حيث سيقعون في فخ غاز الكبريت. كان السيد بهشتي قلقاً جداً و يقول أنهم فقدوا،علي أية حال إذهبوا و اعثروا عليهم قبل فوات الأوان.

لقد حلقت مع الملازم كريمي من أهالي طالقان. ورأيناهم في قمة الجبل. لم نتمكن من الهبوط هناك. حيث لم يكن الطقس مناسباً.عدنا و هبطنا ثانية. جلسنا في القرب من قرية درجان. و قدم الأهالي نحونا. لقد حدثنا زعيم القرية بما حدث. أرسل البغال لهم و ساعد في نزولهم من الجبل. بعد وصولوهم للقرية  حل غروب الشمس و الطقس كان غير مناسب. لم نتمكن من العودة في ظل تلك الأجواء المناخية. في تلك الليلة كان حفل زفاف في القرية.و دعونا إلي هناك أيضاً و ذهبنا للمشاركة فيه. في الصباح عندما ركبنا علي متن المروحية، لاحظنا الجميع يتصل باللاسلكيات، و الكل ينادينا. لقد سمعنا صوت العقيد كرانمايه و الذي يتكلم بقلق كبير و يقول:«أرجوا الرد مروحية رقم.....!».

قلت له رقم المروحية . قال العقيد كرانمايه حينها: قلقنا عليكم كثيراً! عندما هبطت المروحية في قاعدة قلعه مرغي، ذبحوا قرباناً أمام أرجلنا و لطخوا دماء الذبيحة بالمروحية. قال قائد القوات الجوية: في هذه الفترة الزمنية القصيرة التي لم نعلم عنكم شيئاً،  أشيع أنكم هربتم نحو العراق. في ذلك الوقت، قرأ الجيش إعلانية في الأخبار في تمام الساعة 14:00. في ذلك اليوم ، أعلن الجيش أنه تم إنقاذ 12 متسلقاً بمساعدة الطيار ناصر جيان.

إلي متي كنت في طهران؟

كنّا لازلنا في طهران، حتي طلاب الجامعات التابعين لخط الإمام (رحمة الله عليه) في 13 من شهر آبان، قاموا بالسيطرة على عش التجسس. بعد هذه الحركة، المقربون من أمريكا الذين كانوا متواجدين في البلد، قاموا بالهجوم، و من ضمنها شركة مروحيات هولندية أيضاً. كانت شركة المروحيات هذه، تعمل في أنشطة شركات النفط والغاز والإذاعة والتلفزيون. كانت تحلق عن طريق المروحيات إلي أماكن صعبة العبور . بعد مغادرتهم، واجهنا مشاكل في نقل القوات و التصليح و التردد في تلك المناطق الوعرة. أول صلاة جمعة التي أقيمت، تم تسجيلها و تصويرها بواسطة مروحياتهم، بعدها تركوا مروحياتهم و ذهبوا. كانت أجهزة الإرسال الإذاعي والتلفزيوني ، التي كانت علي قمّة الجبل ، في مأزق بسبب الكوارث الطبيعية أو الفشل النظامي ، وكان على المهندسين أن يذهبوا ويحلوا محلها أجزاء جديدة لتباشر مهامها ثانية.لكن لم يوجد أحد و تعطل العمل. لقد أبلغوا القوة الجوية بأن عليها إرسال عدد من الطيارين لكي تقوم بأعمال و مهام هذه الشركة. تم تشكيل مجموعة من قوات القوة الجوية، قوات الدرك و القوات البحرية و الجوية. لكن نواجه مشكلة في لوائح الطيران. الطيار الذي ليس عسكرياً، لايمكنه أن يكون علي متن طائرة عسكرية، حتي إذا وإن كان أفضل طيار و علي العكس من ذلك، الطيار العسكري لايمكنه أن يقود مروحية أو طائرة مدنية. كنا عسكريين و مروحياتهم كانت مدنية.

وما الفرق ؟

بصرف النظر عن نوع الرحلة ، كانت الأرقام مرتبطة أيضًا.

ما هي الرقم؟

الأرقام التي تكتب علي جسم الطائرة. إذا تشاهدون طائرة عسكرية و غير عسكرية، يكتب عليها حروف مثل آلفاجت وياك،بابا،سيرا،الحروف اللاتينية اليونانية و الحروف الإنجليزية بتلفظ يوناني أيضاً. هذا يتعلق بالطائرة غير العسكرية. أرقام جميع الطائرات العسكرية يتم تحديدها بالأعداد و الأرقام،علي سبيل المثال 558.لأن المروحيات غير عسكرية و نحن عسكريون، يجب علينا أن نتخطي تلك المراحل. ذهبنا و نسقنا مع شركة الطيران الوطنية . منحونا شهادة طيران تجارية، حيث تم إختبارنا و ذهبنا إلي مكان يطلق عليه ساخه و حلقنا هناك.

ساخه إختصار لأي منظمة؟

منظمة خدمات المروحيات. تخدم حسب الحاجة. حتى بدأت الحرب المفروضة. حينها أبلغونا بالعودة  و ترك الساخه  ويجب أن نذهب إلى مناطق الحرب،لأن الحرب المفروضة قد بدأت.

ما هي كانت مهمتكم؟

في الثاني من 24 9 1980 قالوا لي و للسيد محسن همراه [حيث كنا برتبة نقيب] و الرائد منوجهر رزمخواه، يجب عليكم أن تقوموا بتشكيل مجموعة القوة الجوية في الجنوب. كنا أول مجموعة أرادت الذهاب إلي ساحة الحرب. أركان القوات القوية جائت من معسكر الحرّ و استقرت بالقرب من وحدة أركان الجيش للقوات البرية.لقد صنعوا لنا ممراً و جاءوا بالأخوات اللاتي يقمن بالطباعة لكي يودعننا بالمرآة و القرآن الكريم و الحرمل. مررنا من تحت القرآن الكريم . لقد كان دخان الحرمل يتصاعد إلي السماء و يذرفن الدموع علينا بشكل لايوصف. حسناً، كانت النساء تظن أنه سنذهب اليوم و ستعود لهن الجثامين في اليوم الآخر. كانت قصة الحرب مثيرة جدا بالنسبة لي. كان في غروب الشمس من يوم الثاني من شهر مهر، ذهبنا علي متن مروحية شنوك و الذي كان النقيب أمير طاهري يقودها من طهران إلي إصفهان. غداة ذلك اليوم حلقنا علي متن طائرة من إصفهان نحو مسجد سليمان و من مسجد سليمان نحو مدينة دزفول و استقرينا في قاعدة وحدتي دزفول.

هل ذهبتم جميعاً علي متن مروحية واحدة إلي دزفول فقط، أو لكل منكم طائرة خاصة؟

نحن في مسجد سليمان أخذنا المجموعة الرائدة و ذهبنا. أربعة طائرات جت رنجر،إثني عشر طائرة 214 و إثني عشر طائرة مروحية كوبرا حيث معظمها كان يتعلق بمسجد سليمان و أخذناها معنا .كان مثيراً جدا للإهتمام. تم إخلاء قاعدة مسجد سليمان بشكل كامل و لم يبق أي شيء هناك. أول مجموعة استقرت هناك.  من علي القاعدة الجوية نظرت إلي العش هناك. الطائرة الحربية ونظراً لقيمتها العالية، يجب أن تُحفظ من الأضرار. كنت أسمع أنهم يقولون لايوجد شيء في هذه القاعدة.لا أردي القوات العراقية من خلال أي أسلحة هاجموا إحدي القواعد و التي بقيت زاويتها مقوسة و تركوا فيها حفرة كبيرة. الطيار العراقي، أو أصابها من خلال الحظ أو بشكل دقيق. كان من المثير للاهتمام بالنسبة لي كيف تم صنع ذلك و ما الذي كان ينقصها!

من الذي جاء لإستقبالكم؟ و إلي أين ذهبتم؟

كنّا كالضيوف غير المدعوين. دخلنا بمروحياتنا إلي المنصات و جلسنا هناك. بعد جلوسنا هناك جاء فريق من القوات الشعبية من أهالي دزفول و عدد أيضاً من جنود القوات الجوية حيث قام الأهالي بذبح الأبقار لنا.

ماشاء الله! أنتم ضيوف غير مدعوين و ذبحوا لكم الأبقار؟!

مجيئنا للناس كان يحظي بأهمية بالغة. كما تولّى العديد من أعضاء لجنة دزفول الإسلامية الثورية مسؤولية طعامنا.

ما هي مهمتكم كانت في دزفول و من هي المجموعات العسكرية التي ارتبطتم معها؟

كنا قد وصلنا للتو ولم نعرف أين كان العدو و ماذا يجب ان نفعل؟ لم نكن على دراية بالمنطقة . فقط كنا في إرتباط مع مجموعات المدفعية 55 و 44 التي جاءت من أصفهان ونُشرت في دزفول.

من هم قادة مجموعات المدفعية؟

العقيد وكيلي و الرائد جبل عاملي. كانوا يقولون لنا بإستمرار أنتم عليكم أن تذهبوا للإستطلاع و أبلغونا أين تقع مدفعية العدو.

كيف كانت حالتهم الخاصة؟

أذكر أن استيطانهم لم يكن مبنياً على مبادئ تكتيكية. ولم تكن حالة استقرار هناك.. جاءوا وتمركزوا في أماكن مختلفة.

هل كانت مهمتكم الإستطلاع فقط؟

لم يخبرني احد. كنت ضابطاً في العمليات و لدي خبرة في هذا المجال.

بإستثناء العسكريين هل كانت لديك علاقة مع المقاتلين أيضاً؟

نعم، كانت تربطني علاقات مع هؤلاء المقاتلين الذين لم أعرف حينها هم من ضمن قوات التعبئة أو اللجان الشعبية. أحد هؤلاء كان شقيق غلام علي رشيد نورعلي. كانوا يأتون و معهم ترمس و حقيبة الظهر. كانوا يجلسون في منصات المروحية و نحن ننقلهم إلي مرتفعات سبتون و شمالي سهل عباس. كانوا يكتبون مشاهداتهم اليومية و نذهب قبيل الغروب لننقل من ذلك المكان ثانية. نحن أيضاً نقوم بعمليات الإستطلاع كذلك. لقد بدأنا رحلاتنا المتوغلة من جنوب مرتفعات سبتون  و المسافة بين سبتون و سهل عباس.

هل تذهبون بطائرة جت رنجر؟

نعم كنّا نذهب علي متن جت رنجر و مروحيتين كوبرا. على أي حال ، من خلال عدد من الرحلات ، اكتشفنا المدفعية العراقية.

أين كانت؟

كانت مدفعية العدو متمركزة في تلال شاورية و علي كره زرد و بلتا. لا تفصلنا معهم مسافة كبيرة و كانوا يقصفون مدينة دزفول بالمدفعية. كان هذا أول مكان نستطيع فيه تحديد مجموعة المدفعية العراقية.

في أيّ تاريخ كان هذا الإستطلاع؟

1 فبراير 1981

جاء شقيق السيد كلاهدوز و شخص قال إنه مساعد الدكتور (چمران) و قالا إنهما يريدا تفقد المنطقة، وما الذي يجري هناك و ما هو العمل الذي يجب علينا القيام به. ركبا علي متن المروحية و حلقنا بتلك المروحيتين. قمنا بدراسة المنطقة عن طريق الخريطة حيث أن الأماكن التي فيها الرمال، لايمكن إستقرار القوات المشاة أو المدرّعة. واصلنا طريقنا حتى عكست الشمس زجاج السيارة من مسافة بعيدة. لقد لاحظنا أن هناك هوائيات كثيرة جدا. كان لدى السيارات مرسل قوي جداً .قلت للسيد كلاهدوز: ليس من صالحنا الطيران في ظل هذه الظروف. تعال لنجلس في مكان ما. بعدها علمنا عن طريق الخريطة أننا جالسين في مضيق الرقابية. ذهبنا و جلسنا هناك. وسط ذلك المضيق يوجد بئر يأتي الرعاة يدلون منه المياه للمواشي. قمنا بتحديد و استطلاع المنطقة. علمنا أن جيش العراق المدرع متمركز في موقعي 4 و 5 . عدنا بعد ذلك حيث اكتشفنا الطريق بشكل جيد. ذهبنا بسرعة فائقة علي متن مروحيتين كوبرا و طائرة جت رنجر لرصد تحركات العدو. حيث اكتشفنا أن الخدمات اللوجستية لهذا الفيلق مستقرة في سهل الشيخ قندي. في يوم من الأيام عندما ذهبنا لعملية استطلاع، رأينا من بعيد تصاعد الغبار. قلت لمساعد الطيار الملازم أول ارغاسي:« ما ذلك الغبار المتصاعد؟» أظن أنه غبار المواشي.» تقدمنا إلي الأمام و نحن علي متن مروحيتي كوبرا و الذي كان الطيار احمد دادرس يقود أحدهما و الثانية بقيادة السيد تقوي زاده. رأينا مجموعة كبيرة من السيارات العراقية و التي كانت روسية الصنع و تحمل الصواريخ علي متنها، تتحرك نحو المواقع.ومن ذلك المكان يقصفون مدينة دزفول. قلت لنفسي كيف نتعامل مع هذه السيارات؟ في لحظة ما خطر ببالي أن نتعمل معها كالذئب مع الشاة و يجب أن نختزل جزءاً منها. يجب أن ننفذ هذه الإستراتيجية. قلنا لطياري مروحيات كبري: سأفصل أخر سيارة منهم.آخر سيارة للعدو غيرت مسارها و هربت بسرعة فائقة. نحن أيضاً اتجهنا لها. عندما اطمئنيتُ أن سائر السيارات الأخري ذهبت من هناك، ذهبت نحوها. في تلك اللحظة شاهدت سائق السيارة ينزل منها و اختبأ تحت الشجيرات. قلت لطياري كوبرا ،إبقوا فوق رأسي و لاتبتعدوا. كما قلت للسيد ارغاسي: انتبه لما سأقوله لك. سآتي و أجلس إلي جانب تلك الشجيرة. و أضع مروحية همفول آر بي ام (أي محرّك المروحية في نهاية السرعة)، بعد مضيي ثلاثين ثانية و بسرعة حتي أعثر عليه. غايتي أن نثير الغبار حتي لايتكون لديه أي ردود فعل. بعدها عليك أن تخفض سرعة المروحية حتي أتمكن من القفز هناك. في ذلك الوقت ننصب درع مضاد للرصاص، كان شيئاً ثقيلاً، كما أنه في كثير من الوقت نتهرب من وضعه علي متن المروحية. كنّا علي استعداد لتقبل إطلاق النار لكن لم نضعه. بصوت عال قفزت علي الأرض. كان يحمل بيده بندقية كلاشينكف. ضربته علي عنقه. كان برتبة عريف ثاني . استسلم و رفع يديه. أخذت منه سلاحه و وضعته يديه علي ظهره. و حملناه معنا علي متن المروحية. لم يكن لدينا شيء لتكبيل يديه. كبلناها بمنظفات الطائرة  و ربطناه بالكرسي. قلت للسيد ارغاسي: « لا تنشغل بأي بأمر آخر. إجلس في الخلف وضع الأسير علي كرسيك. ضع رقبته بين يديك حتي نقوم بتسليمه إلي قاعدة الجيش.»

من المحتمل أنه كان أول أسير يتم القبض عليه من العدو؟

حقّاً كان أول أسير يتم القبض عليه.في ذلك اليوم قام بني صدر،القائد العام للقوات المسلحة بزيارة مدينة دزفول. عندما علم بأسر أحد الجنود العراقيين، قدم تبريكاته بصوته و لحنه الخاص. السيد محمود شاهرخ آذين [بعد إختيار المسؤولين] في ذلك الوقت كان مستشاراً لبني صدر و يرافقه في كل مكان. قال بني صدر للعقيد آذين:«قوموا بتكريمه . قولوا لهم أن يمنحوه 10 الآف دولار.!».دكتور لاأريد المبلغ، أريد إهداء سلاح هذا الأسير لي بشكل رسمي. اعطي رقم السلاح ليقوموا بطباعته وتم توقيعه أيضاً حيث أن الطيار ناصر جيان قام بعملية أسر الأسير العراقي و أهديناه أسلحة الأسير تثميناً و إجلالاً لما قام به. بعد فترة ذهبت لإستلام السلاح و ذلك بعد خلع بني صدر من رئاسة الجمهورية وواجهة مشكلة حينها. قلت لهم: هذه الأسلحة لكم لا أريدها علي الإطلاق.

ماذا كان دافعك لاقتناء ذلك السلاح؟

اعتقلت وأحضرت مسلحاً بأيد فارغة. كنت أرغب في الاحتفاظ بها كإرث أتركه لعائلتي يفخرون به أحفادي بالقول بأن البندقية المرخصة من قبل أبينا أو جدنا أخذت من أسير في حرب. طالما أنظر إلى إليها، فإنها تذكّرني بجزء من مذكّرات فترة الحرب المفروضة.

هل تم إخلاء الأسير من المعلومات التي كان يمتلكها؟

 نعم . من المثير للاهتمام أن نعرف أن الأسير أخبر المحقق أنه أيام الخميس تأتي من بغداد مجموعة من المغنيين ، وأوركسترا والراقصات إلي تلك المنطقة ، نحن خططنا أن نهاجمهم صبيحة يوم الجمعة لأنهم كانوا مستيقظين لمنتصف يوم الخميس.في وقت مبكر حلقنا بثلاث مروحيات كوبرا. كنا دائماً نطير علي متن طائرتي كوبرا فقط، لكن هذه المرة أضفنا مروحية أخري كان من يقودها الطيار النقيب فراشي. بعدها غير كنيته إلي بهزادي. و قدم استقالته من القوة الجوية. بعدها أصبح مالكاً لشركة سجّاد معروفة.

هل كان من قاعدة كرمانشاه؟

لا. لقد جاء معنا من قاعدة مسجد سليمان. كان الجو مظلماً حيث ذهبنا إلي مدينة دزفول و بالتحديد منطقة كله قندي. كان السيد تقوي زاده طياراً شجاعاً و جسوراً.قلت له: ماذا تري؟ قال: لا أري شيئاً. قلت له : اطلق صاروخاً وسط هذه النقطة. اطلق الصاروخ و خرج المغنيون و الراقصات مثل النحل إلي الخارج. في ذلك الوقت منحوني رتبة أرشد لفترة سنة و كنت برتبة رائد. قال السيد تقوي زاده: سماحة الرائد هل أطلق النار عليهم؟ قلت له: لا أدري نفتح النار عليهم أم لا! في نهاية المطاف أنهم متواجدين في منطقة العدو. كان هناك جزء لوجستياً للعدو يطلقون من هناك صواريخهم ليلاً علي رؤوس أهالي دزفول العزّل.

ذهبنا في 2 مايو 1980 إلي مدينة الشوش. توجد في الشوش قلعة واحدة. كان هناك ملازماً يقوم بواجب الإستكشاف.  كنت أذهب به إلي تلك القلعة. كان يري قلب نهر الكرخة من علي تلك القلعة. في جانب نهر الكرخة قامت الشاحنات بتخلية الرمال. رأيت وراء تلك الرمال خمسة عشر شخصاً. جلست إلي جانبهم. قلت لمساعد الطيار من هؤلاء؟ و لماذا أتوا إلي هنا؟ كان أحدهم بيده بندقية صيد وعدد منهم بيدهم عصا. كما كان أحدهم بيده فأساً. قالوا ما نمتلكه في الوقت الراهن، هي هذه الأشياء فقط. جئنا علي قدر الإمكان أن ندافع عن أنفسنا. قلنا مادام هناك مثل هؤلاء الرجال بهذه العقيدة و الحافز،إن شاء الله لن نهزم أبداً.

حتى متى بقيتم في الساخة؟

لغاية شهر شهريور كنّا في منصات الطيران. في أواخر شهر شهريور إنتقلت كمساعد للقوات الجوية في قاعدة كرمانشاه. بعد إنتصار الثورة أطلقوا علي كرمانشاه إسم المدينة البطلة و من ثم باختران. بعد فترة عادت تسمية كرمانشاه ثانية. تم تسجيل معظم سجلاتنا و سوابقنا باسم باختران. بعد فترة أصبحت قائداً لقاعدة كرمانشاه برتبة رائد.

ماهي الأجزاء التي كانت تغطيها أمنياً قاعدة كرمانشاه الجوية؟

يجب علي مجموعة القوات الجوية في كرمانشاه تغطية كل منطقة غرب البلاد.

هل يتم ابتعاث مجموعات أخري من القوات الجوية إلي غرب البلاد؟

لا، لم يأت أي فريق من القوات الجوية إلي المنطقة الغربية. كانت قاعدة كرمانشاه الجوية مستقرة في ثلاثة مناطق وهم مضيق قوجعلي و معسكر أبوذر و فيلق 28 سنندج.

أقوي مجموعة لكم أين كانت مستقرة في ذلك الوقت؟

في مضيق قوجعلي، دائماً علي الأقل توجد هناك ثلاث طائرات كوبرا و ثلاث طائرات 214 و طائرة جت رنجر. عندما أصبحت قائداً، أول ما لفت إنتباهي، هو زيارة مناطق العمليات. في رأيي لاتوجد ضرورة باستقرار مجموعة في سربل ذهاب.

لماذا؟

لأنه لم يكن لديه المكان المناسب للتغطية والتمويه.  من خلال قصف واحد، يتم تدمير جميع المروحيات الموجودة هناك. قلت حينها: لماذا نستهلك آليات الطيران. كلما أبلغونا بمهمة ما، نذهب من القاعدة التي فيها جميع الإمكانيات و المرافق اللازمة. كعمليات خوارزم أو ذوالفقار. لقد تمركزنا في قلاجة والتي كان يتواجد فيها قاعدة فيلق 81 المدرع.

من كان قائد الفرقة 81 المدرعة؟

كان العقيد اسماعيل سهرابي. أخذنا معنا إحدي الكانكسات التي فيها كل الإمكانيات إلي قاعدة كرمانشاه الجوية. كان لدى كرمانشاه أول مجموعة قتالية من القوات الجوية وكانت منظمته قائمة على معداتها. قلت للإبقاء علي كرامة و منزلة القوات الجوية، إنقلوا هذه الكانكس إلي قاعدة الفيلق في قلاجة حيث قمت بتعيين الشهيد آسيايي كرابط لي في تلك المنطقة.

في ذلك الوقت أين كان يقوم بتقديم واجبه؟

نعم. كان الشهيد آسيايي رئيس الاستخبارت العسكرية و من أهالي كرمانشاه. قلت له إذهب إلي هناك، عليك أن ترتبط بتلك القاعدة و التنسيق معها. في الماضي، عندما أتخذ قرارا بتوسعة القوة الجوية، المخطط التنظيمي لها كان متوقعا وتمت الموافقة عليه. واستناداً إلى الجدول التنظيمي ، تم إنشاء فريق القتال في كرمانشاه، ومجموعة مسجد سلمان للفنون القتالية، وفريق كرمان المقاتل، ومجموعة إصفهان للدعم العام، ومركز إصفهان للتدريب الجوي، وقاعدة أو كتيبة طهران الجوية. وعلى هذا الأساس، اشترت القوات الجوية المعدات الأساسية؛ من شراء طائرة مروحية ومعداتها إلى مركبات الوقود وما شابه ذلك.

لماذا كان كرمانشاه الفرقة الأولى؟

عندما كنّا في دورة  مقر القيادة التدريبية، كان جزءاً من دروسنا، دائماً وجود عدو إفتراضي و في ذلك الوقت،كان العراق يعتبر العدو الإفتراضي. هذا يعني أن المجموعة الأولى من سلاح الجو في كرمنشاه سيتم نشرها وتجهيزها هناك، حيث إذا كان هناك تهديد لغرب البلاد ، فإن القوات الجوية في كرمنشاه ستتمكن من تنفيذ المهام التي علي عاتقها.

لكن حدودنا المشتركة مع العراق ممتدة حتي جنوب البلاد ...

ربما سيقولون إن  الفيلق المدرع قادر على مواجهة العراق. بالإضافة إلى ذلك ، يمكن أن تقوم مجموعة سليمان المدرعة بتنفيذ مهماها بسرعة كبيرة.

حدثنا عن عمليات خوارزم.

بعد أن أصبحت قائداً، كانت عملية ذوالفقار أو خوارزم تعتبر أولي العمليات.  جمعت الطيارين في مسجد مقر القاعدة و قلت لهم: من أجل القيام بعمليات ذوالفقار أو خوارزم [و التي تمت في تاريخ الـ 19 من شهر دي عام 1359] هنالك فيلقي 81 المدرع كان لهما ارتباط مع عشائر إيل خزل و قوات الدرك حتي يستطيعوا من إستعادة مرتفعات ميمك في غرب صالح آباد. لقد رفع الرائد يحيي شمشاديان [2] يده و قال بلهجته الكرامانشاهية: نريد شخصا كقائد و يتواجد في العملية أيضاً. قلت : إن شاء الله سيحدث ذلك، لاتقلقوا من هذا الجانب. بعدها ذهبنا للعمليات و تمركزنا في مضيق قوجعلي. كان شمشاديان علي متن مروحية كوبرا في هذه العمليات و ملازم يسمي اجدر نظري يقود طائرة كوبرا ماوريك و من خلال طائرة جت رنجر شاركنا في تلك العمليات و عدنا ثانية. بعد نهاية العمليات قلت لهم: سماحة السيد شمشاديان هل رضيت؟ هزّ رأسه وابتسم حينها. هذه الخطوة كانت مهمة جداً لإستحكام قيادتي في القوات الجويّة.

-----------------------------------

[1]مرتفعات علم كوه، المرتفعات التي تقع بين كلاردشت و طالقان.

[2] لقد استشهد يحيي شمشاديان في الـ 15 من شهر مهر لعام 1361 في منطقة سومار.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3198



http://oral-history.ir/?page=post&id=7872