حوار مع الكاتبة أعظم بشت مشهدي عن آخر اصداراتها

يرحل الناس ويأخذون معهم ذكرياتهم

فائزة ساساني خاه
ترجمة: هادي سالمي

2017-10-12


أعظم بشت مشهدي، كاتبة ومدونة لموضوعات الدفاع المقدس ولدت العام 1981. أصدرت 23 كتاباً وهي الآن مسؤلة مكتب المقاومة للمكتب الفني لمحافظة هرمزكان.

متى بدأت في مجال كتابة المذكرات في مجال الدفاع المقدس؟

من سن الثانية عشر، في الثالثة عشر عملت مراسلة وفي التاسعة عشر نجحت في أخذ شهادة الصحافة. أشعر بفضول بالنسبة إلى الاشخاص المشاركين في الحرب وأردتُ معرفة اختلافهم مع البقية. في نفس الفترة انشغلتُ في دراسة العلوم الاجتماعية. بدأتُ في كتابة المذكرات العام 2002 عن الشهداء والمحاربين. وأول كتاب صدر لي مجموعة ذكريات شهداء عمليات الاغتيال لمحافظة هرمزكان. السنونوات العاشقة يشمل ذكريات 23 شهيدا وأحدهم الشهيد غلام حسين حقاني وهو من شهداء مجلس الشورى الإسلامي وكان مع الدكتور بهشتي في حزب الجمهورية. الكتاب بحث في ذكريات الأشخاص المحددين من قبل عناصر أعداء الثورة والمنافقين ومجموعة الفرقان ونالوا الشهادة. في نهاية الكتاب اشارة لحادثة رحلة 655 الجوية وتعريف الشهداء. حتى العام 2008 حيث كنتُ اعمل في مركز الشهيد، وعبر اطلاعي على معلومات الشهداء والذكريات الشفوية من زملائهم، أصدرت ستة كتب أربع في المذكرات واثنان شعريان.

بماذا ساعدك فرعك في علم الإجتماع؟

رغم أن تخصصي لا يرتبط بعملي بصورة مباشرة، ولكني توصلت إلى قيم أدق في كتابة نصي وبحوثي.

كتاب "الناس لا تبقى في الإطار" كم هو يبتني على المذكرات والتاريخ الشفهي؟

الأقسام المهمة تعتمد على التوثيق. وكما تعرفين الذكرى تواجه واقع اجماعي وتاريخي مع العواطف الانسانية والتاريخ الشفوي القسم الاعظم منه على القِطع الزماني. العمل هو ذكريات والحياة الانسانية في برهة تاريخية، في فترة الحرب على اساس التجارب الانسانية. إذاً قد يمكننا القول إنّ ينقسم العمل بين التجارب ورواية الانسان عن الآخر. في الكتاب 24 راوي وكان بطلب من مؤسسة رواية الفتح. جُمعت المعلومات والحوارات من نفس المؤسسة.

وماذا عن كتاب "مصدات الريح أعينها على الطريق"؟

القسم الاعظم من الكتاب كان على عاتق باحثين من مدينة بندر لنكه. العمل من ناحية التاريخ الشفوي وتدوين المذكرات ليس قريبا منها. وذهبتُ في أربع جلسات لاكمال الكتاب وفيه 12 ساعة حوارية.

كيف تختارين المعلومات وتغربلينها؟

في كتابته، الاهم، التوثيق. هناك موضوع حول الشهداء وهو حديث الآخرين عنهم والراوي يختفي بين الرواة. أحيانا تُنقل ذكرى من عدة أشخاص ويجب اختبار أكملها أو الذكرى التي رؤوا من الشهيد أو سمعها عنه. هنا يظهر ذكاء المدون ويقبل الرواية الاقرب من الواقع. النقطة المهمة هي قرب الذكرى من الحدث والمصدر الموثوق.

ما هي التجارب الجديدة التي حصلت عليها من هذين الكتابين؟

حياة سعيد جان بزركي من بين الكتب في مجال الدفاع المقدس كان له خصيصة. استطعت القيام بعمل لم استطع القيام به سابقا. من ناحية التدوين منذ تقبلي المشروع أصابني الخوف، لأنّ معلوماتي عن الصورة محدودة. ومن ناحية ثانية شخصية الشهيد الفنية صعبت الامور. والكتابة عن فنان صعب. كنتُ مجبرة في العمل أن أكون أنا مرة والراوي مرة. هو بصورة عامة من اعمالي الجيدة ويمكنني القول بجرأة دخل تغيير أساسي في لغتي. والكتاب بصورة عامة مذكرات بسيطة وحميمة.

ما هي مكانة البحث الميداني والمكتبات في أعمالكِ؟

مهمة جدا. لو حدد الكاتب نفسه فقط بارواة فهو أمر خطر. التاريخ، يوثق أكير الاحداث وتفاصيلها وعلى الكاتب أن يبحث عنها. وعملي هو من يتكلم عني هل اعتمدت فقط على المرويات أم لا.

ماذا عن عملك الجديد هل هو في مرحلة التدوين أم الطباعة؟

لديّ عدّة اعمال، سيرة سردية عن شهداء محافظة هرمزكان باسم موسى درويشي نخل ابراهيمي وسيصدر عن دار الفاتحين والثاني في حالة تدقيقه مذكرات الشهيد أحمد خرمي شاد، من قادة كتيبة عمار جيش 27 محمد رسول الله (ص). وعمل ثالث على أساس 90 ساعة حوارية مع متضرر حرب. منذ الرابعة شعر ذهب للجبهة وحتى نهاية الحرب ولديه الكثير من التجارب والأحداث. محمد ميري، شاهد عيني على سقوط طائرة ايرباس رحلة رقم 655. كان في مهمة من قبل الحرس في البحر. اوصل خبر سقوط الطائرة وذهب لانتشال الجثث.

قُدمت في العام 2016 كشخصية الثورة في محافظة هرمزكان. ما هي الأسباب؟

يجب أن يطرح السؤال على المركز الفني، ولكني اعتقد من أجل كتابة المذكرات ونشاطاتي في المراكز الفنية والدفاع المقدس.

كمسؤلة لمكتب المقاومة في المركز الفني في محافظة هرمزكان هل تهتمين بنشاطات المرأة في الدفاع المقدس؟

كان لدينا مكتب دراسات يعنى بهذا الأمر. وصدر لي كتاب مذكرات عن خمس نساء نشطن في الدعم الحربي. النساء الخمس زوجات قادة في الحرس ومنذ الثورة وحتى اليوم ينشطن في المشهد الثقافي والاجتماعي.

ماذا عن حضور المرأة في فترة الدفاع المقدس من خلف الستار؟

حاورتُ زوجات الشهداء وشخص آخر سيكتبها. وقمت بأعمال تعنى بدور المرأة خلف الجبهات. هناك نساء كانت منازلهن في زمن الحرب مركز تجمعات وجمع المساعدات.

من الموضيع المطروحة في حقل الحرب جنوب البلاد، موضوع المهجرين بسبب الحرب. هل عملتِ على هذا الموضوع؟

نعم. عملتُ على مجموعة عن مهجرين الحرب واخذت سنة ونصف وفيها ذكريات عن الأيام الأولى للحرب. هي روايت الاضرار. الكتاب في مراحله الأخيرة. القسم المتعلق بالمرأة هو اجبارهن على ترك منازلهن والسفر إلى مدن أخرى ونسينا. العمل أساسه الأيام الثلاث الأولى للحرب غي خرمشهر وآبادان وخروج الناس منهما ومجيئهم الى هرمزكان. ما الذي حدث لهم تحملوا الصعاب دون امتلاك شيء. أحد الذكريات التي هزتني وأبكتني، تتعلق بسيدة ضعيت زوجها ببداية الحرب وهاجرت هي مع طفل في بطنها. رغم ذلك سارت لساعات لتصل الى محطة بنزين. بقت أيام لتجد سيارة، وحين وصلت بصعوبة إلى شيراز عاشت لفترة على الرصيف. في أحد الأيام تسوء حالتها من شدة الجوع، اشترت بيضة. طرقت بابا وطلبت منهم اعداد البيضة، وبعد خمس دقائق يحضرون لها البيضة ولكنها غير مطبوخة. في نفس اللحظة جلست المرأة وبكت.

بالطبع لا يمكن تعميم هذه القصة على كل المجتمع، ولكن البعض يظن أنّ الخوزستانيين هربوا من مدنهم. في حال أنّ بقاءهم لم يكن متاحا، بعد أيام من بداية الحرب أعلنوا أنّ على النساء والأطفال الخروج من المدن لكي لا يقتلوا أو يأسروا. يجب أن تطرح هذه القصة لابعاد الظنون. أقمت في الاعوام الأربع الأخيرة، ندوات عن موضوع المهجرين. يقولون: "يطلق علينا الناس، متضرري الحرب"، ولكننا نجيبهم: "أنتم جيران الشمس والبحر". وهذه شرارة جمع مذكرات مهجرين الحرب المفروضة.

هل تقربك منهم عرفك على المهجرين؟

ولدت العام 1981 رحل أبي مع أمي الى بندر عباس بسبب عمله في الجيش. أبي من طهران وأمي من خوزستان. مع بداية الحرب جدي وجدتي مع خالتي الصغيرة هاجروا من خوزستان إلى بندر عباس. نعم، قد تكون شرارة دخولي لجمع مذكرات المهاجرين، هي رؤيتي لآبادان وخرمشهر، بعد الحرب. كنتُ في الثامنة. ورغم أنهم قالوا: "المدينة ليست آمنة"، ولكنّ أبي حصل على رسالة من صديق ودخل. المدينة موحشة لا احد فيها. منزل جدي وخالي ممزقان. مقصوفان بقيت صورة في ذهني، كنتُ عطشة وأعطتني سيدة ماء. قالت لأمي: "ذهبنا إلى ماهشهر وعدنا. سوي منزلنا مع التراب ونعيش الآن في مدرسة". كانت السيدة حامل ولديهم سبع ابناء وقالت لأمي: "إدعي لنا أن ألد طفلة". كلما اذكر المهجرين تتداعي هذه المنازل.

والآن أفكر في سؤالك، لست بعيدة عما قلتيه.

كم عدد الكاتبات المتعاونات معكِ؟

كلهن سيدات. ترى النساء الجزئيات أكثر ولهن تأثيرهن على العمل.

تعدين الآن ورشة، أرجو ذكر الخطوط العريضة للورشة.

مازلتُ أتعلم، ولكن التجارب التي تعلمتها في تدوين المذكرات أنقلها. أطلب منهم كتابة ذكرى، نسمعها في الصف ونتحدث عنها ونرى العناصر التي دخلت فيها.

كيف ترين وضع توثيق التاريخ الشفوي والمذكرات في محافظة هرمزكان؟

لا أريد نقل رؤية سلبية لكِ، ولا سوى المركز الفني لا توجد مؤسسة أخرى تجمع وتوقث الذكريات بصورة محترفة.

تعملين في المركز الفني، ما هي الاهداف القريبة والبعيدة المدى؟

في مجال توثيق الذكريات، من مسؤليتنا توثيق الاحداث والذكريات ومنها مذكرات الثورة الإسلامية والدفاع المقدس. في موضوع الدفاع المقدس لدينا مشروع ثماني، وسجلنا للآن 120 ساعة صوتية ومتلفزة. وفي مجال الدفاع المقدس نعمل على تعريف كتيبة 422 وجيش 41 ثار الله ومذكرات المحاربين وهو عمل واسع وآمل أن ننتهي من جمع المعلومات عن قريب. من أعمالنا الأخرى مذكرات زوجات الأسرى والجرحى والمصابين بأعراض نفسية. هذه برامج بعيدة المدى. أما البرامج القريبة هي جمع مذكرات الشخصيات الذين لهم دور مؤثر في أحداث مهمة. وسيصدر عن المركز الفني خمس كتب تدور عن قوات الكامندو للقوة البحرية ومذكرات أمهات الشهداء والأسرى ومهجرين الحرب المفروضة.

ما هي هواجسك في مجال الكتابة والتاريخ الشفوي؟

وصلت أعمالي لقائمة كتاب العام للدفاع المقدس وحصلت على عدة جوائز، ورغم ذلك يعرفنونني على مستوى البلاد، ولكن مع الأسف لستُ معروفة في محافظتي. قد يكون بعض مسئلين البلاد يظهرون اهتمام بجمع المذكرات، ولكن علينا أن نرى في العمل كم نجحنا. في فترة نزع الحجاب حافظ الكثير من أبناء المحافظة على حفظ الحجاب وهاجروا من أجل عقيدتهم إلى قطر والإمارات، يجب ألا تترك هذه الذكريات ليد النسيان. يرحل الناس وترحل معهم ذكرياتهم. لدي هاجس جمع الذكريات، أكثر من الكتابة. الجميع يقول اكتبي الحوارات التي أخذتيها، لكني أجيبهم البقية يمكنهم الكتابة، الآن وقت الحوارات. من آمالي أن يحمل المسؤلون في المحافظ المعنى الحقيقي لكلمة الهاجس لحفظ وتوثيق مذكرات الثورة الإسلامية والدفاع المقدس. .

ورغم وجود اقبال من القراءة على هذا الحقل، ولكن بعض المسؤلين لا يهتمون بواقعية بالأمر. لا يأخذون الأمر بجدية ويجدونها سطحية. مثلا يقولون مذكرات شهيد اكتبيها عن طريق وثائق من الوصية وذكريات أهله وأصدقائه وتوقعه خروج العمل كبروشور. لا يأخذون بعين الاعتبار النظر للقضية من عدة زوايا. لكتاب الشهيد موسة درويشي نخل ابراهيمي حين سلموني العمل كان على مستوى كُتيب جمعته عائلته ومركز التعبئة في جزية هرمز. طلبوا مني تبديله لكتاب، ولم أقبل وقلت لهم: "عليّ الحديث مع أصدقاء الشهيد". نتيجة عملي 59 ساعة حوارية ومات البعض منهم. علينا نحن الفنانين ألا نسمح بتدخل بعض المؤسسات في الخطط الثقافية بسبب الاقتضاءات السياسية فذلك يبعدنا عن الحقيقة والواقعية ولا أن نترك الحدث للنسيان. ورغم كل ذلك أنا سعيدة. في الأعوام الأولى لعملي، حين صدرت مجموعة الكتب تحت عناية السيد مرتضى سرهنكي سألتُ نفسي هل سأصبح كاتبة الدفاع المقدس؟ واليوم أشكر الله أنّ فرعي وفني وعبر المركز الفني هما في طريق الثورة الإسلامية والدفاع المقدس.

شكرا لاتاحة المجال لموقع التاريخ الشفوي الإيراني ليضع بين يدي القارئ هذا الحوار.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3474



http://oral-history.ir/?page=post&id=7381