الجلسة الرابعة عشر "تاريخ الكتاب الشفوي"

لا نضع خصوما كبيرة، يجب أن يكون الكتاب سيد موقفه

مريم رجبي
ترجمة: هادي سالمي

2017-08-03


خاص موقع التاريخ الشفوي الإيراني، عُقدت الجلسة الرابعة عشر من سلسلة جلسات "تاريخ الكتاب الشفوي"، وتأتي الجلسة الثانية مع مدير دار نو محمد رضا جعفري. وجاءت هذه الجلسة بجهود الكاتب والباحث نصر الله حدادي صباح يوم الثلاثاء 25 يوليو 2017.

ما يُقارب سبعة أشهر وأنا أقرأ دائرة المعارف الفارسية

قال محمد جعفري مكملاً حديثه وذكرياته عن دار أمير كبير قائلا: "في الفترة التي كان أبي فيها في السجن، مازلتُ أعمل مع دار أمير كبير وأشرف على العمل. كان مكتب الدار مفتوحا، ولكنهم أغلقوا المكتبات ولم تعد تدر مالا. لذلك كنتُ مجبرا على البقاء لإدارة العمل. شعرتُ أنّ الآخرين ولأننا لا نستطيع دفع مستحقات الموظفين يريدون الاستحواذ على المؤسسة، لذلك كنتُ أدفع من جيبي للموظفين. إستمر هذا الأمر من 1978 حتى 1979. إقترب العيد حين قدمتُ شكوى معلنين أننا نوشك على فقد كل شئ.رغم الاعتراض جاء السيد محسني وفتح أبواب المخازن لنأخذ ما نشاء من الكتب لبيعها، لكن المكتبات مغلقة. حوكم أبي في العام 1980 ورغم أنّ آية الله محمدي غيلاني قال في أقرب وقت سيطلق سراحه، بقي أبي في السجن. ثم أرسل نائباً عاماً باسم بنكدار ولأني لم أكن على توافق مع هذا الشخص، ذهبت للعمل في قسم الانتاج حتى أطلق سراح أبي. حين كنتُ أزور أبي في السجن كان أول سؤال يسأله هو عن وضع نشر الكتب الجديدة في دار أمير كبير. آخذ معي الكتب الجديدة الصادرة وهو يسعد بها كثيرا. وصدر الحكم وفيه مصادرة أكثر من نصف ثروته."

وأضاف: " منذ منتصف العام 1980 لم أعد أذهب لدار أمير كبير. أحضروا لها كل من جعفر همايي ومهدي مدرسي للدار. كتاب "أنا وطفلي" من آخر الكتب التي عملتُ عليها حين كنت في الدار. حمل غلافه عدة صور لكتب أجنبية، قُدمت ضدنا شكوى وتهمتنا أنّ الكتب تحتوى على مواد مسيئة. وأعلنوا أنّ الكتب كتابا مضللة. وحسب الإحصائية التي أرسلوها ما يقارب 15 مليون كتاب يجب إعادة تدويرها. في أحد الأيام طلبوا أبي للمصالحة. سعدنا كثيرا إذ ستنتهي هذه المعضلة. ذهب أبي (عبدالرحيم جعفري) إلى النائب العام وانتظرته مع صديق لي. بعد ثلاث ساعات عاد لنا والنتيجة هي أن تُصادر أمير كبير بكل ما تملكه. وأسهل ما سنقوم به هو تحويل كل ما نملك إلى نقود. وطلب أبي مني أن أكتب لمن دافع عنا رسالة. كتبتُ موسوعة من الرسائل. البعض منهم امتلكوا رجولة الردّ والآخرون لم يجيبوا".

وقال محمد رضا جعفري: "إخترتُ اسم "نو" للنشر والتوزيع. بعد اطلاق سراح أبي، بدأت العمل في دار نو. كانت الأمور صعبة، إلى درجة اتهموني أنّي أقبض من  الكتاب الشيوعيين! ومع هذه الاشاعات رجحتُ البقاء في بيتي وقراءة دائرة المعارف الفارسية مرة أخرى. مرّت ستة أشهر أو سبع حتى اقترح ابناء خالتي تأسيس دار نشر جديدة".

تحرير مذكرات أبي

وأكمل قائلا: "كان السيد مسعود رضوي من محبي دار أمير كبير. وهو الشخص الوحيد الذي امتلك أرشيف أمير كبير كاملا. سأل مسعود رضوي أبي لماذا لا تكتب مذكراتك؟ ومن هنا كانت شرارة كتاب. سجّل مذكراته على أشرطة وكان يقوم شخص بكتابتها. ثم حررها إبراهيم يونسي والتدقيق عليّ. بعد صدور الكتاب قال الكثيرون أنّ هذا الكتاب ليس كتابة جعفري، ولكن يجب أن ننتبه لهذه النقطة، كل الأشخاص الذين تطبع مذكراتهم، ليسوا كتاب وعادة ما يروون ذكرياتهم ويقوم بكتابتها شخص آخر. وهكذا كان عمل أبي. كتب الدكتور إحسان يارشاطر نصّا مفصلا في صحيفة، ممتدحا الكتاب وشاكرا أبي، وكذلك كتب كاوة بيات في مجلة "عالم الكتب"  عن الكتاب وأنت بنفسك (نصر الله حدادي) نصا عنه. هناك بين 10 إلى 15 رأي خرج عن الكتاب".

قصة ترخيص النشر

وقال: "حين افتتحنا دار نو، ورغم أنّ لديّ أشخاص يساعدونني، كنتُ أقوم بأكثر أعمال التصحيح والتدقيق وأردتُ إقلال الأخطاء. بين عام 1983 و1984 ورغم أنّ الدار جديدة وبعد اصدار كتاب "الأرض المحروقة" وكتب أخرى، قالوا إنّ أسعار كتبكم مرتفعة. كتب السيد تاج زادة رسالة إلى لجنة حماية المستهلك. علمنا لفترة ثم أوقفونا. ما يقارب 15 كتاب موقفة في وزارة الإرشاد والثقافة. لذلك طلبنا مساعدة السيد رضا ثقفي، أخو زوجة الإمام الخميني (ره). بعد أيام جاء شاب ودخل المكتب. ذكر بعض الأسماء لنا وسأل هل هم موجودون هنا؟ حين قلنا له أنهم ليسوا هنا، تعجب، لأنهم ظنوا أننا نعقد اجتماعاتنا هنا من أجل الإطاحة بهم. في نهاية الأمر وعبر توسط السيد ثقفي سلمونا الترخيص وأصدرنا الكتب".

وقال محمد رضا جعفري: "كانت أزمة الأوراق وبات الورق قليلا. أُجبرنا للحصول على الورق أن نتجه لوزارة الإرشاد. كنا نرسل كتبنا لعدة صحف وجهات لكي تصدر. حتى حلّ العام 1990 حين طُرحت قضية الترخيص. تجمع كل الناشرون في صالة وزارة الإرشاد والثقافة. كان شخص باسم صباب زنكنه، مساعد وزير الثقافة. قال: "لا شأن لنا بالمؤلف، لأنّ الناشر هو مَن يصدر آلاف النسخ". حصل الجميع على التراخيص، لكنهم لم يعطونا إياها وقالوا تحتاجون إلى تأييد أمني. يصدر التأييد الامني عن وزارة الإرشاد والثقافة وتقول الاستخبارات أنها لا تعلم بشأنه. قالوا لنا إنّ رئيس الجمهورية يشتكي منا. وقعنا على نشر 150 عنوان كتاب. فاضطررنا أن نطبع كتبنا تحت علامات دور أخرى، وحين تصلهم الضرائب علينا دفعها، في حال أنّ الآخرين يحصلون على قروض وتسهيلات لشراء الورق. استمر الوضع حتى العام 2000 وسلمونا الترخيص، ولكني لم أعد استطيع العمل. الترخيص لمدة عام ويجب تجديده كل عام. طلبوا مني أن أعرف لهم شخص آخر ليأخذ الترخيص، فكانت زوجتي. وقلتُ لهم ضيفوا اسم "ثقافة نشر نو على (الدار). رغم كل هذه المشاكل، أعتقد أنّ العمل يستحق كل هذا العناء. يخرجوني من الباب، فأدخل من النافذة. هذه صنعة أبي ولن أتركها. كانت هناك مقترحات للعمل مع جهات معروفة لكني رفضتها".

لستُ نادم على نشر أي كتاب

وتذكر إسماعيل فصيح قائلاً: "حين علم أننا نصدر كتبا جيب، أرسل لنا كتاب "الشراب الخام" وتقرر أن نصدره. لم يحدث، ولكن هذا الكتاب فتح باب تبادل الرسائل مع إسماعيل فصيح. طُبع كتاب "قصة جاويد" بعد الثورة. حين عاد من أمريكا، عمل في دار أمير كبير مع السيد همائي وآخرين. أراد تجديد طباعة "قصة جاويد"، ولكنهم لم يقبلوا. قالوا: "سلمنا 13 تومان حقوق الحبر والتنضيد وخذ كتابك لأي دار تجدها مناسبة". سلمهم 13 ألف تومان وأخذ حقوق كتابه. بعد ذلك، سلمنا الكتاب. قرأتُ الكتاب وتمّ تصحيح القليل منه ثم أرسلته للنشر. لم يكن لديّ سِمة، لذلك نرسل المؤلفين لأخذ الترخيص من وزارة الإرشاد والثقافة. وهذا الأمر كان سببا ليتعب فصيح وأراد سحب الكتاب".

وقال جعفري حول ندم أبيه من طباعة كتاب إسماعيل رائين: "ليس هناك كتاب ندمت على نشره. قد أكتب عقدا ثم أجد الترجمة ليست جيدة وأندم ولكن في النهاية أصحح النصّ، ولكن لم يحدث أن ندمت على نشر كتاب. كان أبي يهدي من حوله الكتب الجديدة، ومنها كتاب "تاريخ الثورة الدستورية". ومن جانب آخر لا أقترح على كاتب أن يصدر كتابه باسم مستعار. كمثال إسماعيل يونسي، كان محافظ كردستان وإحتياطا أراد نشر كتابه باسم مستعار".

وقال مدير دار نو: "كان يستنسخ البعض كتب دار نو، وعليّ تقديم شكوى ضدهم، لكن المحكمة لا تستمع لشكواي ولا تأخذها بصورة جادة. وبعض الكتب التي لا تحصل على ترخيص أجدها مطبوعة دون ترخيص وجاء البعض ليطلب المغرفة".

وقال جعفري عن النشر الحكومي: "على الحكومة أن تستثمر في الكتب وهو ما لا يمكن للناشر أن يقوم به، مثل دائرة المعارف الإسلامية الكبرى. من جانب آخر ماذا يعني بستان الكتب الذي تصل فيه التخفيضا 40%؟ كيف يمكن لناشر أن يبيع كتبه ب40 %؟ كم يحصل الناشر من بيعه؟ هذه الأعمال تدمر سوق الكتاب".

وأضاف: "لدينا في دار نو كتب مع الأسف لم تُباع وأجبرنا على تحويلها لكارتونات، أحدها "نصوص تقي زادة" التي أصدرناها بمقترح من إيرج أفشار. بالطبع الكتاب في السابق وزع وبعنى منه".

وأكمل: "لم تمدد وزارة الإرشاد في العام 2011 ترخيصنا. اتصل السيد إيرج بارسي نجاد وقال لقد بدأت السيدة مهري بهفر، العمل على الشاهنامه وتريد مساعدة منا. ذهبنا لمنزلها للتفاوض. قالت: لقد نشرت الجزء الأول من الشاهنامه، ولكني لستُ راضية عنها، أريد اكمالها، ماذا عليّ أن أفعل؟ قالت: لنوقع عقدا لأترك كل أعمالي وأركز على هذا العمل. تقرر أن لا تعمل سوى التدريس وتركز على الشاهنامه وندفع لها كل شهر لتكتمل مكافئتها. واستمر الأمر لأعوام".

وقال جعفري عن أسلوبه في اختيار الكتب: "يجب أن يكون الكتاب جيدا، يحتاج الشعب لكتب جيدة. لدينا الآن 110 عنوان كتاب البعض منها اقترحتها على مؤلفين والبعض الآخر اقترحوه عليّ وبعد فحص الموضوع قبلتها".

وأضاف: "كان لديّ شقة وبعتها لتقف الدار على رجليها. لا أمنح تخفيضات كبيرة على الكتاب، يجب أن يكون الكتاب سيد موقفه!. الكتاب ليس سلعة سويقة لنضع لها تخفيض بنسبة 30 أو 40 بالمائة. للكتاب شخصيته".

وقال محمد رضا جعفري: "كنتُ أصارع مع رواية "الشيخ والبحر". أردتُ تقديم ترجمته لأبي، لكن لم تكن هناك فرصة".

وقال في نهاية حديثه: "منشغل في الفترة الأخيرة بطباعة معجم. المعجم أهم. أسأل نفسي لمَ لغة المترجمين ضعيفة لهذا الحدّ؟ لو استطعتُ وضع مفرادات معادلة أمام المترجم لكان أفضل من كتابة كتاب نقول فيه كمثال أين نلصق "ب" وأين نفصلها؟ ! من الطبيعي أن المعجم أهمّ".

يُذكر أنّ الدورة الجديدة من سلسلة جلسات "تاريخ الكتاب الشفوي" قد بدأت هذا العام في سراية أهل القلم مؤسسة بيت الكتاب.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3670



http://oral-history.ir/?page=post&id=7224