لقاء مع عائلة محمد زهرائي في الجلسة التاسعة "تاريخ الكتاب الشفوي"

أراد تأسيس أكبر مكتبة في إيران

مريم رجبي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2017-06-29


خاص موقع التاريخ الشفوي الإيراني- أقيمت اليوم الثلاثاء 20 يونيو 2017 الجلسة التاسعة من الدورة الثانية لجلسات "تاريخ الكتاب الشفوي"، وحضرها كل من مهدية مستغنمي يزدي، صاحبة دار كارنامه، وماكان وروزبة زهرائي أبناء المرحوم محمد زهرائي، مدير دار كارنمه. وقد أدار الجلسة الكاتب والباحث نصر الله حدادي.

وبدأت مهدية مستغنمي يزدي حديثها قائلة: "ولد محمد زارائي في 1949 في فاروج. أبوه وأمه من مدينة يزد. كنتُ في الصف الثالث الثنوي صيفا وأعمل مراسلة في صحيفة اطلاعات. أمرّ كل يوم من أمام مكتبة رازي في شارع سعدي، صاحبها هو محمد. يضع دائما عناوين الكتب الجديدة على الواجهة. كنتُ أقرأ الكتب من خلف الزجاج، ولكني لا أدخل، لأنّي لا أملك المال الكافي لشراء الكتب. وقف في يوم شاب نحيف أمام المكتبة، قال لي تفضلي للداخل لكي أحضر لك كتاب وترينه عن قرب. لم أقبل ورحلتُ. الأيام التي مرت وأنا أراقب الكتب من خلف الزجاج، بات سببا في تعرفي على محمد. بعد فترة قصيرة  أصبحتُ مسؤلة مكتبة ثانويتنا، اشترتُ الكتب منه. كان يصف لي الكتب متعمقا بها إلى درجة لا يبقى أمام طريق غير اقتنائها. وهذا سبب لأدين له دائما واجبر على العودة له واخذ كتاب آخر. كان هناك سبب لما يقوم به ولكني لم أفهمه في تلك الفترة. كنتُ أشتري منه حتى آخر سنة لي في الثانوية.

في يوم ذهبتُ إلى المكتبة، رأيتها مغلقة. بعد أيام، استمرت الأبواب مغلقة، حتى فتح صديقه أصغر فيروزي المكان. سألته عن زهرائي وقال قبض عليه الساواك وأغلق مكتبته. كان لدى محمد دفتر يسجل فيه أقساط المراجعين ورأى الساواك اسمي بين الأسماء واستحضروني. وقع هذا في 1968. حين ذهبت قلت لهم إني مسؤلة المكتبة في المدرسة ودليلي الأختام على الكتب. أحد جيراننا كان يعمل في الساواك، توسط ولم يسمح لي بالمبيت عندهم. تهمة مهمد هي بيع كتب مثل ديوان نعمة ميرزادة. تسبب هذا الأمر في اغلاق مكتبة رازي ولم تعد للعمل مطلقا. سمعتُ أنّ محمد يصرف على أمه، لذلم بحثتُ عن منزله، وسددتُ ديني الذي يصل إلى 22 ألف تومان. وبات هذا، حين خرج من السجن، أن يحصل على عنواني ويوصل لي رسالة بأنه خرج من السجن. وذهبتُ إلى منزله لأراه.

عصرا ذهبت إليه وحدثني عن (مجلة) كتاب السبع قصص. طُحرت مواضيع مثل مواجهة الشاه وما يشابهها وقلنا لانفسنا سوف نسير في هذا الطريق حتى نغيّر النظام. في يوم عادت أمه من العمل، وكانت يداها تكادان تتجمدان من البرد. ضغط على يد أمه. قالت له: "لو تستطيع الضغط على يد هذه البنتّ"وقد محمد في السجن أنه فرح إذ يسجن قرب منزل فتاة يحبه، ولكني لم اكن على علم. غضبت من كلام أمه وإلتفتُ إليها وقلتُ: "لن تستقر يدي أبدا في يده." حين إلتقيته فيما بعد، قال: "أمي إنسانة مجتهدة، لماذا فعلت ذلك بها؟" وهنا وضع مستقبل العيش معي. أخبرني عن حبه وقضى سنوات السجن مفكرا بي. صمتُ في تلك اللحظة. أبي انسان تقليدي ويعارض السياسة. يحب الكتاب إلى درجة اطلقوا عليه أكبر عشقي. وهو أول شخص في العائلة يعطي الكتب لأطفاله. الحقيقة تعرفتُ على الكتاب قبل تعرفي بزهرائي. ورغم تقليدية أبي اتاج لنا حيزا من الحرية، ولكني لم أجرأ على اخباره بموضوع زهرائي. لم يكن لمحمد لا أب ولا أخ. وتقدم محمد لطلب يدي. ونسقت مع أمي. عائلتي تكره التدخين جدا. نسيتُ أن أخبره بذلك. وما إن دخل أشعل سيجارة ومن شدة انفعاله وضعها على شفتيه. لم تجر الامور كما خططنا لها. في نهاية الأمر قلتُ لأبي هذا هو الرجل الذي يريد طلب يدي. سأله أبي عن عمله وبيته. واجابه. قلتُ لأبي إني أحبه وأريد العيش معه. غضب أبي. قال: "أنا لا أعطي بنتي لمدخن وبائع كتب ويسكن طهران." لأنّ محمد عمل بعد اغلاق دار رازي مع بيام طهران ويتردد بين مشهد وطهران. قال محمد: "سوف أترك التدخين، ولكن لماذا تعارض بيع الكتب؟" أجابه أبي: "لأنه عمل لا مستقبل له."

ترك محمد منزلنا مرتبكاً، ولكن وبمساعدة أصدقائه خطبني. في اليوم المقرر لامتحان دخول الجامعة، ذهبت إلى محطة القطار وأتيتُ لطهران بمساعدة الأصدقاء. في الليلة التي تقرر فيها مجيئي إلى طهران، كان محمد متعبا، وبقي نائما. حين وصلت محطة القطار انتظرته من السادسة حتى التاسعة. ظننتُ أنّ محمد تركني. قلقتُجدا. ياور صديقنا المشترك، أوصلني للمنزل. ثم ذهب يبحث عن محمد. ثم ترك رسالة وعنوانه ليأتي محمد خلفي.بعد مرور اسبوع استطاع أبي وامي الوصول لي.كان يعمل زهرائي في دار بيام. بيتنا صغير غرفة واحدة ومطبخ في شارع آزادي. مع سماع خبر قدوم أبي وأمي أصابني القلق. طوال إسبوع بقائهما لم يكلماننا. مستعدة لتحمل كل ألم، ولكن ليكلماني. كان وضع عائلتي المادي جيد. إشترى أبي دون موفقتي ولا موافقة محمد غاز وسرير وأدوات منزلية. حين أرادا العودة إلى مشهد قال أبي لمحمد: "أترك ابنتي مطمئنا بين يديك." كنت حاملة وأعمل في مكتبة جامعة طهران."

إيجاد رؤية جديدة

 

وقالت صاحبة دار كارنامه: "كانت شهادة محمد أقل من دبلوم، ولكنه مثقف. له نظرة بعيدة. في الفترة التي عمل بها مع دار فرانكلين، كان الجميع هناك صاحب تجربة، ولكن محمد ترك أثرا كبيرا عليهم، ولم تعد الشهادة مهمة لمن يريد العمل هناك.

وتحدث ماكان زهرائي قائلا: "كان أبي جالسا في أحد الايام بالمكتبة. دخل رجل يرتدي معطفا جلديا ويظهر أنه ثري جدا وسأل: "مَن هو زهرائي؟ جئتُ لأشتري دار نيل." أجابه أبي أنّ نيل ليست للبيع. فيما بعد عرفنا أنه عبدالرحيم جعفري صاحب دار أمير كبير. جاءت الثورة ولم يعد لشراء النيل. فرح أبي وقال لولا الثورة لاضطررنا لبيع الدار. من الاعمال المهمة التي قام بها شراء حقوق نشر أعمال م.أ. به آذين وأحمد شاملو وبقية الكتاب وهو ما منح دار نيل رونقاً.

وقال ماكان زهرائي: "انفصل أبي عن دار نيل في العام 1985 وأسس توزيع "كل بخش" بمساعدة أقربائه. وحوّل إلى مركز موسيقي. باع هذا المركز 300 عمل موسيقي، ولكن إثر تسجيل عمل لشجاريان وفيه بيت شعر يقول " أبن هم الشهرياريون؟" توقف المركز وسجن أبي. ثم كانت دار "كارنامه".

وتأتي هذه الأمسيات ضمن فعالية "تاريخ الكتاب الشفوي" في موسهما الثاني. وتتمحور حول أهم الناشرين في إيران والمؤسسين لدور النشر. وتأتي هذه الأمسيات بجهود نصرالله حدادي. وقد صدر كتاب في 560 صفحة عن مؤسسة بيت الكتاب يحمل عنوان "تريخ الكتاب الشفوي". 

النصّ الفارسي 



 
عدد الزوار: 4066



http://oral-history.ir/?page=post&id=7143