إنعقاد أمسية ذكريات الدفاع المقدس بحضور قائد الثورة

قصّوا ما حدثَ، كما وقع

ترجمة: أحمد حيدري مجد

2017-06-01


خاص موقع التاريخ الشفوي، في الذكرى الخامسة والثلاثين لتحرير مدينة خرمشهر، أقيمت مراسم أمسية ذكريات الدفاع المقدس بحضور قائد الثورة، وذلك عصر 24 مايو 2017 في حسينية الإمام الخميني (ره).

وتحدث في بداية الأمسية كل من مؤسس مكتب أدب وفن المقاومة في المركز الفني مرتضى سرهنكي، وصاحب كتاب "أزقة الرسامين" الكاتب أبو الفضل كاظمي، وممثل أفلام الدفاع المقدس أصغر نقي زادة، وراوي كتاب "جندي الإمام الصغير" وكتاب "كلهم في الثالثة عشر" مهدي طحانيان، مخرج العمل التلفزيوني "روجان" ما شاء الله شاهمرادي، إمام جمعة باوة ماموستا ملا قادر قادري، راوي كتاب "حين ضاع ضوء القمر" علي خوش لفظ، العقيد المتقاعد من الجيش علي رضا مرادي، المخرج إبراهيم حاتمي كيا، المسعفة في فترة الدفاع القدس مريم كاتبي والحاج أحمد متوسليان. وقدمت فرقة "نسيم قدر" أناشيد تتعلق بالمدافعين عن الحرم.

وقد ألقى سماحة آية الله السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية كلمة وهذا نصّها:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرن المنتجبين، سيما بقية الله في الأرضين.

كانت الجلسة جميلة وبلاغية ومملؤة بالفائدة، لا أقصد نفس هذه الجلسة فقط، بل حركة مثل هذه الامسيات التي جاءت عبر جهودكم وجعلتم من أمسيات الذكريات كحركة مخلدة والحمد لله أُتحت لي الفرصة لأنضم لكم وأسمعكم. كانت جيدة جدا، وأستفدتُ كثيرا، بالطبع مذكراتي إنسان مثلي، لا أهمية لها، لأنه وكما قال1 حين حُررت خرمشهر سمعوا خبرها في كرمانشاه2 وتلقينا نحن أيضا خبرها في طهران. ولا بأس بأن أذكر هنا ولا أذكر الآن هل أعلن الخبر من الإذاعة أو اتصل بي الشهيد صياد على المكتب الرئاسي ونقل لي الخبر، ونقل لي بعض التفاصيل، منها "في هذه اللحظة وأنا أكلمك إصطفّ العراقيون ليأخذوا كأسرى." كان تعبير لافة، ذهبتُ مباشرة إلى الإمام بالطبع كان الناس يحتفلون في الشوارع، ونقلتُ للإمام نفس الجملة. قلتُ له إنّ صيادي يقول إصف العراقيون ليسلموا انفسهم، في صفوف طويلة، عشرة أو خمشة عشر ألف! ذكرياتنا ليست ذكريات مهمة، بل هي ذكريات الإخوة والأخوات الذين قضوا فترة طويلة في الحرب ولمسوا الاحداث، هذا هو المهم.

حسب إعتقادي، هذه الحرب- هذا الدفاع المقدس- إلى جانب الخسائر التي لحقت بنا، كانت هناك فوئد ومنافع كبيرة، هذه المنافع، أكبر وأكثر بمرات من الخسائر. خسائرنا عبارة عن خسائر إنسانية ومادية، أي فقدنا شبابا، فقدت الأسر أعزاءها، كلنا حزنا للشباب، وكانت خسائر مادية، أوقفت ظواهر الإعمار لبرهة، هذه هي خسائر الحرب. في كل الحروب هناك مثل هذه الخسائر. لكن منافع الحرب، منافع طويلة الامد، هي منافع خالدة، بالطبع هناك منافع قصيرة وقريبة.

إحدى أكبر الفوائد حرب الثمان سنوات والدفاع ثمان سنوات، الحفاظ وتقوية الثورية والحركة في جيل شبابنا ومجتمعنا. لو لم تكن هذه الحركة الجهادية والمضحية، الروح الثورية التي لم تكن عميقة في البداية، لنالها التطاول. نعم، كان للإمام الكبير حضور وشخصيته شخصية ضمنت الكثير من الأمور، لكن المخاطر، كانت مخاطر ثقيلة، بالتأكيد أنّ الروحية الثورية كانت تحت التهديد المباشر. الثورة وعبر انتقالها إلى حدث الدفاع المقدس، باتت خالدة.

الفائدة الأخرى هي فكر وفكرة الدفاع عن الهوية الوطنية والهوية الدينية والثورية التي كررناها وسمعناها مراراً وأنّ الله تعالى يقدم العون وينصر الله البشر على العوائق في طريق الحقّ، جربنا ذلك بانفسنا مرة أخرى، وهذا أمر مهم جدا. هناك مجتمع يسير جهة التقدم للوصول إلى أهداف متعالية، بصورة طبيعية تواجه الكثير من الموانع، خاصة في العالم المادي المعاصر، وإذا كانت تلك القيم، القيم المعنوية الرافضة للسلطة ولهو الدنيا وما يشابهها، فمن البديهي أن تظهر الموانع. أن يشعر شعب بقدرة انتصاره على الموانع، هو أمر مهم جدا. نعم، نقرأ في الروايات والآيات، التوكل على الله و { وَ مَن يَتَوَكَّل عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسبُه} 3 وما يشابهها ونقولها ونؤمن بها، ولكن أن يرى الإنسان { وَ مَن يَتَوَكَّل عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسبُه} في العمل، الأمر مختلف جدا. النبي إبراهيم وبعظمته، يقول لله تعالى أريد رؤية إحياء الموتى. يقول له الله:ألم تؤمن؟ يجيب: قال بلى، ولكن ليطمئن قلبي.4 هذا هو طمئنينة القلب، هذا هو الإيمان من الأعماق للحقيقة، أمر مهم جدا، وهذا ما أعطتنا إياه حرب –الدفاع لثمان سنوات- إلينا. يمكننا القول الىن بكل قوة أنّ الجمهورية الإسلامية رغم كل التحديات التي صادفتها، يمكنها التغلب عليها، لأننا جربنا ذلك. { وَ لا تَهِنُوا وَ لا تَحزَنُوا وَ اَنتُمُ الاَعلَونَ اِن كُنتُم مُؤمِنين}5 لو كان الإيمان في القلب وفي العمل، لن تقاوم الجبال شعب أو مجموعة أو انسان قوي. أحد فوئد الحرب لنا هو هذا. هذه حقائق.

بالطبع فوائد الحرب أكثر من ذلك، هناك تحاليل لا نريد التطرق لها الآن. هذا الحدث المبارك، هذا الحدث العظيم وعموماً نحن البشر الساذجين والسطحيين، الحقيقة أنه أمر لا يصدق، أن يحدث في بلادنا، أي نحن في بداية الحرب لم نملك شيئا، أخبركم، لم يكن لدينا شئ، أيدنا خالية، وأسلحتنا قليلة، ولا يمكن الحصول عليها، البعض منها موجود في المخازن، لم يخرجوها بعد بدأ الحرب. كنتُ في الأركان العامة، في مكتب الاستشارة وأرى حركة العسكريين، حسنا كان هناك شباب مؤمنين في الجيش ويقدمون لنا التقارير، وكنتُ اتابع الأمور كممثل للإمام. قالوا لدينا مدافع يطلق عليها مدافع 203 وهي أثقل مدافع لدينا ولم تأتي للميدان، بل لم تذكر. والآن نحن في مثل هذه الحرب ويملك العدو آليات متعددة، لدينا آلة يمكننا استخدامها ولم نفعل. في جلسة، ضمت بني صدر وآخرين، طرحتُ القضية، لم يكن بني صدر على علم، والبعض الآخر لم يودوا طرح هذا الموضوع، قال أحد القادة وقد استشهد: نعم، لدينا، هذا أمر مهم. قلتُ: ولماذا لم تُستخدم؟ أي الشئ الموجود ولا نستخدمه. جاء من أهواز شاب عسكري من الجيش ونقل لنا أنه في معسكر 92، لدينا "بي ام بي تو" وحصلنا عليها. كنا نكرر نحتاج إلى الشئ الفلاني، ويجيبوننا ليس موجود. في أحد الأيام ذهبنا وانا نفس هذا الشاب من الجيش، ولأنه لا يمكن الدخول من بوابة المعسكر، دخلنا من باب آخر ووصلنا إلى منتصف المعسكر، رأيتُ! ما يقارب عشرة "بي ام بي" جديدة لم تتحرك من مكانها. هكذا كانت الأمور في بداية الحرب. لم نملك معدات حربية، لم تدرب قواتنا تدريبا جيدا، وتحدث مثل هذه الامور لوجود شخص أو أشخاص لا يهتمون، تقدمنا مع مثل هذه الأوضاع. ما ذكرته، تتعلق بالنص الثاني من العام 1980، أي بعد ستة أشهر من بداية الحرب.

ما هي الفترة بين 1980 و1982؟ في هذه الفترة تحرك الشعب الإيراني وقواتنا المسلحة في عمليتين كبيرتين في هذين العامين، أي الفتح المبين وبيت المقدس وتحرير خرمشهر، كهذا كانت الحركة سريعة! أي كانوا يقصفون  الاهواز بمسافة عشر كيلومترات- من دوب حردان حتى الاهواز، كانت المدينة تحت القصف من ذلك الوضع وصلنا إلى أسر آلاف الأسرى في الفتح المبين وعدة آلاف في بيت المقدس وتحرير وأخذ أراضي كبيرة وتحرير خرمشهر وتقويت القوات وأمور اخرى. استمرت هذه الحالة حتى نهاية الحرب، أي يوم بعد يوم استطعنا التعرف على هويتنا وقوتنا، وأن نتقدم، وهذا ما حدث فعلا.

طوال ثمان اعوام اتفق العالم ضدنا وقاومناه، هذه حقيقة، كل العالم! أي كانت أمريكا ضدنا، والناتو والإتحاد السوفييتي والرجعيون في المنطقة- أي السعودية والكويت والبقية- كلهم كانوا ضدنا!أي جميعهم شاركوا في الحر ضدنا، وكنا قوة جديدة ذات تجربة قليلة، استطعنا التفوق عليهم، هذه هي تجربتنا، أليست هذه كافية ل (ليطمئن قلبي)؟ هذه نفس مطالبة السيد إبراهيم (ع) لاحياء الطيور، فطلب الله منه العمل هكذا ليحصل على الطمئنينة. يجب الحصول على طمئنينة القلب، أي شخص ليس لديه هذا، فهو عائب، هذا أفضل تعبير.

يمكننا الخروج من كل الصعاب والتحديات بإيمان فائق، هذه نتائج حفظ وتدوين المذكرات. أريد عرض أهمية العمل هنا، لا تتركوا ذكرى سنوات الدفاع الثمان تُنسى. نفس هذه التفاصيل، ما قاله الأصدقاء، كلها مهم. الكتب التي كُتبت مهمة، هي قيمة، ليست مجرد عمل فني. من حسن الحض هناك أعمال فنية جيدة، في الكتابة وفي السينما. بالطبع في بعضها متقديمن وفي أخرى لسنا كذلك، علينا التقدم. الفيلم الذي يخرج والكتاب الذي يصدر، هما في الواقع إضافة اسمنتية للاعمدة التي نريد لها أن تقوى، مضاعفة قوة أعمدة الثورة، تقوية أعمدة تقدم البلاد، تقوية الهوية الوطنية، وهي مهمة جدا.

وأقول هنا أن المذكرات، هي ثروة وطنية، هذه المذكرات، لا تتعلق فقط براويها، بل هي للجميع، يجب أن يرووا وأن يكتبوا. وبالطبع قلنا مراراً وتكراراً، يجب الإبتعاد كلياً على الإغراق والمبالغة، النص الحقيقي هو جميل ومتعالي وليس بحاجة لأي إغراق.

وهذه صدقة. مَن يفعل ذلك، مَن حضر من الإخوة هنا، من يعمل في الكتابة الأدبية وما يشبهها، ومن يعمل في السينما، ليعرفوا أنه حسنة، انفاق معنوي كبير،أنتم توصلون للشعب هذا الأمر. لتعرفوا قدره، وهذا جيد جدا. "رهيان نور" من جملة هذه الأعمال، هي من جملة هذه الصدقات والحسنات. وكتابة المذكرات أيضا، وهذه الامسية كذلك.

لا تتركوا هذا الحدث يصاب باضعف. أعزائي، هناك حافز لتضعيف هذه الحقيقة، في واقع حياتنا وفي واقع عقولنا. من يحمل هذا الحافز، هم نفس الأشخاص المبرمجين للدول الإسلامية ويبلغونهم وهم يقبلون بدورهم أن قضية الجهاد أو الشهادة يجب أن تحذف من الكتب الدراسية والجامعية وبقية الكتب- هذا أمر فرض على بعض الدول، قالوا لهم إن قضية الجهاد والشهادة وما يشابهما إحذفوها وتقبلوا الامر وحذفوها، هذه هي الحوافز- وهي تُرى هنا وهناك عند بعض السياسيين والمثقفين، ويجب ألا نغفل عنها. لنبقي الجهاد والشهادة والدفاع المقدس حيا. لنعرف قدر هذه المذكرات، هي مهمة جدا.

بالطبع لدينا الكثير ليقال- "نحن" أي أنتم ومن شارك في الحرب- ويمكن وصل الجيل الجديد بما مرّ. يأتي أشخاص بصورة مكررة، يوجهون الرسائل، يبكون، ليمنحوا فرصة الذهاب للدفاع عن الحرم، أي نفس الأمور التي رأيناها في الثمانينيات- شباب صغار وأطفال لا يمكن أن يلتحقوا بأي صورة- والآن نفس هذه النفسية فيهم، ألحقني بالصلحين6. هذا حصيلة ما قدمتموه. بارك الله بكم وبعملكم.

أشكر المركز الفني والإخوة الأعزاء السيد سرهنكي وبقية الإخوة، عملهم قيم جدا. ليكملوا عملهم، الامسيات وتدوين المذكرات. نعرف قسما من الشخصيات المشاركة في الحرب، ثم ذهبوا إلى مدن همدان ولرستان وخراسان واصفهان وحصلوا على محاربين، وكتبوا مذكراتهم، رأيتُ عالما من الكلام والمنطق والروحية. قلتُ مراراً أننا لو تحدثنا لخمسين عاماً عن السنوات الثمان للدفاع المقدس وعملنا، فليس قليل، وأعتقد بعد خمسين عام لن نصل لنهايته.

شكرا لكم. اليوم كانت الامسية جيدة جدا، واستفدنا من حديث السادة والأصدقاء الذين منذ فترة طويلة لم أزرهم. وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

  1. السيد ماشاء الله شاهمرادي.
  2. ضحك السيد القائد والحاضرين.
  3. سورة الطلاق، آية 3.
  4. سورة البقرة، آية 260.
  5. سورة آل عمران، آية 39.
  6. سورة يوسف، آية 101. 

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 4062



http://oral-history.ir/?page=post&id=7074