حوار مع المسعفة والمدربة الدفاعية في فترة الدفاع المقدس مريم جدلي- القسم الأول

ذكريات من مشفى أبو ذر وقطار الهلال الأحمر

فائزة ساساني خاه
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2017-05-11


قضت مريم جدلي أعوامها الأولى، في دراسة فرع العلاقات العامة وعملت لسنوات في العمل الثقافي، وصادف مع انتصار الثورة الإسلامية وبداية الحرب المفروضة على إيران.

سحب صوت النشيد العسكري هذه الشابة إلى المناطق الحربية. النشاطات التي قامت بها، وبتنوعها، في تلك الأعوام دعت موقع التاريخ الشفوي ليحاورها عن ذكرياتها. الذكريات التي لها عدة وجوه وأبعاد. إضافة إلى إشارتها للحرب، تستعيد هاجس الثورة الإسلامية ومساعدة المحرومين.

  • حين وقعت الحرب في أغسطس 1980 أين كنتِ؟

كنا نعيش في طهران. كنتُ في السنة الأخيرة في الثانوية حين هجم العراق على إيران. كنتُ أدرس بصورة متفرقة، ولكني على ارتباط مع المدرسة.

  • متى كان حضورك في المناطق الحربية؟

منذ بداية الحرب. أنا مع صديقتان، تهمينة أردكاني التي تعرفت عليها مع أحداث الثورة وبتول طاهري زميلتي في الدراسة. حاولنا كثيرا حتى حصلنا على وثيقة الهلال الاحمر. وتقرر أن نذهب مع رجلين كانا يعملان في المركز الثقافي لقلهك إلى الجبهة.

  • هل تشرحين لنا بصورة مختصرة عن مركز قلهك الثقافي.

بداية لأتحدث عن أخي. درس أخي الاكبر الهندسة في أمريكا وقبل عودة الإمام الخميني (ره) إلى إيران ذهب إليه ليراه في فرانسا. إستشار الإمام هناك هل نبقى ونكمل دراستنا أم نعود؟ قال الإمام الذي ترونه صلاحا، ولكن إبقوا وادرسوا إذا لم يكن وطنكم مستقلا، فما فائدة الدراسة؟ وعاد أخي في فترة الثورة إلى إيران.

كان المركز قبل الثورة ملهى ويقع خلف منزلنا في شارع قلهك. كنا نستطيع رؤيته من خلف جدارانا. حين كان ملهى حضر فيه بعض المغنون. بعد انتصار الثورة الإسلامية قام أخي وبعض الطلاب المؤيدين للثورة الذين عادوا للبلاد، بتغييره الى مركز ثقافي ووضعوا اسمه مركز قلهك الثقافي.

تقام صفوف مثل تعليم القرآن وتفسيره والتصوير ويأتي الكثير من الشباب. لم يكن في تلك الفترة الحجاب إجباريا، تضع بعض الفتيات قماش خفيف على رؤسهن ويشاركن في الصفوف. وكنتُ أدرس الأطفال السور القصار والاحدايث.

حين بدأت الحرب، نشط أعضاء المركز ليل نهار ويعدون ما يحتاج إليه من في الجبهة. بعد إسبوعين من بداية الحرب تقرر أن يذهب شخصان من المركز بسيارة مدل آريا إلى جبهة الغرب وأن نرافقهما.

  • هل دخلت دورة الإسعافات؟

نعم، في فترة الثورة على يد الشهيد فياض بخش ودورة أخرى في مشفى أمير أعلم طهران والهلال الأحمر. لذلك وبإعتماد كبير أصررت على الحضور في الجبهة.

  • ألم تواجهي مشكلة مع العائلة؟

بالطبع. إقناع العائلة أمر صعب. حين طرحت الامر في البيت وبأني سوف أذهب الى المنطقة الحربية قالت أمي: "أنت شابة. كيف تريدين الذهاب؟" وضحت لها أنّ لدي ترخيص من الهلال الأحمر وسنذهب مع أعضاء المركز. إقتنعت أمي، ولكن أبي رفض. وفي زمن الثورة حين كنا نذهب للتظاهرات، كان يظهر قلقه، ولكنه كان يسكت لأنّ أمي برفقتي.

ذهب أخي إلى الجبهة. ولأقنع أبي بذهابي قلت له: "يا أبي، أمير الآن في الجبهة. قد يكون مجروحا. ألا تود أن يمده بالعون من يعرف الاسعافات الأولية؟ تعلمنا لمثل هذا اليوم." هزّ رأيه وقال: "إهبي الآن."

لم يكن لدينا أي ملامح عن الجبهة وظننا أنها أرض قاحلة، لذلك أخذنا معنا خبز وتمر. في اليوم المقرر، كان موعدنا أمام مركز قلهك وجاء أبي ليودعني.

كان من المقرر أن ياتي أحدهم معنا، تردد، غيّر إطار السيارة. كأن قسم من ظهره ظهر. مع رؤية أبي لهذا المنظر نادى عليّ وقال: "يا شيدا لنذهب إلى البيت! لا حاجة لذهابك!." فلأوضح أنّ اسمي في الجنسية مريم، ولكن في البيت ينادونني شيدا. قلتُ: "لماذا يا أبي؟" قال: "لا أجد في الأمر صلاحا!" أخذتني تهمينة وبتول جانبا وقالا: "إذا لم يسمح لك الحاج جدلي بالذهاب، لن نذهب نحن أيضا!" أعدتُ على أبي نفس الكلام بلحن آخر وقلتُ: "يا أبي طاقاتهم قليلة الآن هناك ويحتاجون إلى أشخاص دخلوا في دورات تدريبية مثلنا." وافق أبي وذهبنا.

  • بعد كل هذا الإصرار مع أبيك وصلتم إلى المنطقة الحربية؟

بصعوبة! بقينا نحن الفتيات مساء في الهلال الأحمر في قزوين والرجال في مكان آخر. جاء في الصباح الرجلان لنا. كان الحديث يدور في السيارة عن ما الذذ سنفعله وكيف.

ذهبنا في كرمانشاه إلى الحوزة العلمية ومسؤلها السيد جواد علم الهدى. أعتقد أنه الآن في طهران، في شارع زيبا (الشهيد مشهدي رحيم) لديه حوزة علمية. أغلقت الحوزة العلمية وخرج الطلاب في الباحة. قالوا لنا هناك: "لا حاجة لنا بطاقم جديد!" حزنت كثيرا. جئنا كل هذا الطريق ونسمع جملا تقطع الامل. بقي تعب الطريق في أجسادنا. إعتقد أنهم سوف يرجعونا إلى طهران. رأيت بينهم امرأة محجبة شابة. حين تعرفنا على بعضنا أكثر عرفت أنّ اسمها فريدة حاجي خاني. جاءت متطوعة عن طريق بنك سبه مع طبيبين.

  • هل كان بين المتطوعين نساء من كرمانشاه؟

أكثر الحضور في المسجد من خارج المنطقة والقليل من نساء المدينة ورجالها كانوا في المسجد. كان هناك مخزن في كرمانشاه للطعام. قسم كبير منه للخبز والطعام والقسم الآخر للثياب. كنا نضعها في اكياس.

  • هل كانت النهاية عودتك إلى طهران؟

لا، تحدث معنا آية الله علم الهدى، سأل عن مستوانا الطبي وقال: "نحتاج إلى مساعدتكم."

دخل الغروب. أخذنا مسؤل المسجد إلى الطابق العلوي. بدأ مضاد الطائرات بإطلاق النار. كنا متعبات وجائعات. في الظلام، دخلت علينا صينية كبيرة فيها مرق وأرز وبدأنا نحن الأربعة بالأكل. بتنا هناك وفي الصباح ذهبنا بسيارة للجيش اسم سائقها بيري، إلى المنطقة الحربية. توقف السائق وسط الطريق ودفعنا السيارة حتى اشتغل محركها. كانت القذاف تقع حولنا. كنا مضطربين وقلقين هل سنصل أم لا؟ ندعو الله ألا يجعلنا منذ البداية شهداء أو جرحى، على الأقل لنقم بعمل في المنطقة، وليحدث بعدها ما يحدث. في الطريق، رأينا بعض الجنود وهم عائدون. ينظرون بتعجب لسيارتنا من أين جاءن الفتيات الثلاث؟

  • ما هو احساسكم في تلك اللحظة؟

كنّا نوصي بعضنا بعضا وفي نفس الوقت، نعيد ما تعلمناه. وصلنا في النهاية إلى سربل ذهاب. أخلوا المكان من الناس. ذهبنا إلى المستوصف. ضرب العدو المكان.

  • ما هو الشهد الأول؟

وسط الساحة، كانت جثة شاب طويل القامة على الأرض. شهيد. وجهه مدمى ولفوا رأسه. للمرة الأولى أرى شهيدا. لم أظن أني سأرى مثل هذا المشهد بهذه السرعة. في شدة الثورة ذهبتُ مع صديقتي تهمينة أردكاني الى مقبرة جنة الزهراء، أخذنا معنا مسجلة وسجلنا الأصوات والشعر، ولكننا لم نر شهيدا، أو استشهد أحد أمام أعيننا.

كان الجميع يتحرك وثيابهم مغبرة ومدماة. البعض منهم يرتدي ثياب الجيش. سألتهم: "ما الذي يمكننا فعله؟" قالوا: "قوموا بما تستطيعون فعله." كانت أرضية المستوصف متسخة بالتراب. الأسرة حديدية وقصيرة ولمساعدة الجرحى علينا أن نتعب كثيرا. كنا نقوم بكل ما نستطيع فعله.

  • هل كان عدد الجرحى كبير؟

نعم كبير. وأحضروا أيضا جريحا عراقيا أصيبت عيناه. عالجه المسعفون. كان الوضع عجيبا. يعلو صوت الإسعاف. السيارات تتحرك وتحضر الجرحى. لم تكن أجواء يسعف فيه الجرحى.

  • هل كانت نساء أخريات هناك غيركن؟

الدكتورة كيائي وأصبحت بعد فترة زوجة طهراني، كانت أول امرأة أراها في المنطقة الحربية تقدم المساعدة. وضعت بلوزة عسكرية على بنطلونها. فتاة أخرى اسمها مرضية ترتدي ثيابا كردية وهي من كرند كرمانشاه.

  • هل وضعتم الرحل هناك؟

لا. كنا لساعات هناك. ثم قالوا لنا المكان غير آمن للبقاء ليلا هنا، لأنّ العراق هجم والخطر كبير. أعادونا مرة أخرى إلى كرمانشاه.

  • في اليوم الثاني، هل عدتم مرة أخرى إلى سربل ذهاب؟

لا، أخذونا هذه المرة إلى معسكر أبو ذر. يقع بناء المسفى وسط الباحة والبنايات المتعلقة به مبعثرة حوله.

  • هل كان صعب حضور فتاة في منطقة حربية وأجواء رجولية؟

كانت هناك سيدة باسم رسولي، مسؤلة المشفى. علمتنا على بعض الأمور. مثلا أنّ هؤلاء المصابين من الجنود، بعيدين عن عوائلهم وهم الآن عاطلين ويرقدون على الأسرة. إعتنوا بهم، ولكن لا تتوقفن عندهم، لا تسألوا منهم سؤلا غير ضروري مثلا أين جُرحت ومتى. حين ينتهي عملكن، غادروا بسرعة إلى الغرفة.

في البداية لم يرق لنا الكلام فما هو السبب لمجيئنا، ولكن مع مرور الوقت رأينا أنّ ما قالته صحيح وقمنا به. في الوقت الذي لم تكن عندنا مناوبة في القسم، نعد الدواء. إستلمنا سرولاً كرديا وسيع مع مانتو طويل وحجابات كبيرة لا تلفت الانتباه. ولأنّ تهمينة كانت تقوم بعملين مسعفة وصحفية، أحضرت معها كاميرا فيديو. حين يخفّ العمل، نخرج للشرفة. حين تحطّ الطائرة تعدّ تقريرا. ولأنها تصور لا يمكنها الحديث. كنتُ أتحدث مكانها وقول هبطت الطائرة، وجدوا الجرحى، ينقلونهم إلى المشفى بالعربات، الإخوة المسعفين في حالة مدّ يد العون لهم، نحتاج هنا إلى مسعفن. وكنتُ أخطئ أحيانا!

  • نظراً لكونكِ كنتِ شابة جدا ولم تكن لديك تجربة رؤية الجرحى ألم تفقدي الوعي حين ترين جراح عميقة؟

 

في السابق حين كنتُ أشاهد في التلفاز مشهد حقن الأبرة، تسوء حالتي. ولكن في المنطقة الحربية، تغيرت الظروف، كنتُ أشعر بالمسؤلية. ولم يحدث أن شعرت بالندم. وهناك بعض الفتيات بيننا لا يرغبن بالقيام بالحقن. حتى في الدورات التدريبية التي قمت بتدريسها فيما بعد في طهران، البعض منهن يخافن من الحَقن والحُقن.

  • كيف كان وضع مشفى معسكر أبوذر؟

كانوا يحضرون الجرحى باستمرار. تحطّ الطائرة في الباحة وينزلون الجرحى. يُفتح باب الطائرة الخلفي، وفي داخلها صالة كبيرة للجرحى. نقوم بالاسعافات الأولية. البعض منهم يُنقلون إلى مكان آخر ليحصلوا على رعاية أفضل. نبقى مستيقظين لساعات متأخرة ونغير مناوباتنا. كانت ظروف خاصة. يقصفون أطراف المعسكر. في داخل البناية هناك كهرباء، ولكنهم غطوا النوافذ، لكي لا يخرج النور. تعمل مضادات الطائرة وصوت هبوط الطائرة مخبف جدا.

  • هل أحسست في المنطقة الحربية بالغربة والحنين للعائلة؟

نعم. كنتُ أحنّ للعائلة. قبل انتصار الثورة الإسلامية كلما عدنا من التظاهرات كنا في أحضان عائلتنا الدافئ ويعطف علينا آباؤنا وأمهاتنا. كان حولنا أقرباءنا، ولكن هنا نحن بعديدون عنهم. في طهران أكثر الاوقات حين أشارك في التظاهرات كانت أمي معي. ليس كمراقبة، كانت هي تحبّ المشاركة في التظاهرات. أبي لم يكن موافقا، ولكن أمي تتفق معي.

رغم ذلك كنا منشغلين في العمل حيث لا نعلم كيف يمر. قليلا ما يمر يوم لا يأتي في جريح ونجلس مثلا نصف يوم دون عمل. كنا نجوع ولا نعلم ما الذي أكلناه.

كانت سيدة عجوز لقبها أجاقي واستشهد ابنها في الحرب. فتح المعلبات صعب، تأخذ العصير للجرحى وتحضر الفواكه التي لا يستطيعون أكلها. تقول: "أنت لا تهتمون بانفسكم، على الأقل كلوها وأنت تقفون."

  • هل لديك ذكرى عن الجرحى؟

أتذكر أنهم أحضروا جندي قطعت رجلاه وكان حزينا جدا وحائر. وضعت بطانية على رجليه. كان يزيحها وينظر إلى رجليه. من المشاهد المؤلمة رؤية شهيد لأول مرة. فتحت أنا مع تهمينة عدة مرات الثلاجة لنراه ولنطمئن أنه استشهد. لم نصدق أنه استشهد، كأنه حي ونريد أن نثبت لانفسنا الموت.

  • هل كانوا يحضرون فقط الجرحى العسكريين؟

كانت المدينة خالية، ولكن في ليلة أحضروا شابة ترتدي الثياب المحلية الجميلة وهي حامل. حانت ولادتها. في الباب قالوا: "ليس لدينا هنا قسم ولادة، ليس لدينا قابلة." كان الجميع قلق وحزين ويريدون مساعدتها. يبحثون عن شخص يمكنه أن يخرج الطفل. في طهران أنا مع تهمينة ومع الدورات التدريبية، تعلمنا كيف نقوم بالتوليد. تعلمنا ولكننا لم نقم به ولا مرة. قلتُ لهم أنا مع صديقتي نعرف، ولكننا لم نقم بهذا الأمر ولا مرة. قالت إحدى الممرضات: "أنا أعرف قوما بمساعدتي." كنا خائفين، من ولادة الطفل ميت مع الوضع الحرج، ولكن الطفل جاء للدنيا وسط ضجة الحرب. وصوّنا معه. مَن كان يستطيع الخروج من المدينة خرج والبقية اختبؤا في الجبال. بالطبع أنّ أقرباءها توزعوا. كنا قلقين كيف ستربي هذه المرأة الطفل في هذه الحرب. هل تبقى في المدينة أم تخرج منها؟ أودّ الآن ماذا فعل هذا الطفل وأين هو الآن؟

- هل تقبلوكم الموظفون هناك؟

هناك بعض الفتيات يعتين بحجابة جدا وووصلن قبلنا وتعبن كثيرا، في البداية تعاملوا معنا ببرود، ولكن في النهاية انسجمنا.

  • كم بقيت في الجبهة الغربية؟

خمسة عشر يوما ثم عدنا إلى طهران. في طهران، كنا نطرق الأبواب نرجوهم لكي يعيدونا للمنطقة الحربية.

  • نظرا إلى أنك تعرفت على وضع الجبهة الغربية إلى حد ما، ألم تجمعي لهم المساعدات؟

كانوا في حاجة ماسة لسيارة إسعاف. بسرعة جمعنا مساعدات مالية من قريب لنا أبو يعمل بائع ذهب واشترينا سيارة إسعاف وأوصلناها في حدود إسبوع للجبهة. كان فريق في جهاد الإعمار يجمعون الدواء. أوصلنا الخبر لمن حولنا، إننا في حاجة للدواء والضمادات وبقية المواد. سلمناها لجهاد الإعمار. وكانوا هم يعزلون الأدوية التي انتهت صلاحيتها ويرسلونها.

  • ما النشاطات الأخرى التي قمت بها؟

كنتُ أدرس الإسعافات الأولية في عدة مراكز. أحد تلك الدورات تأسست على يد تلك السيدة التي تعمل في بنك سبه، أقامها بنك سبه. وفي المدرسة التي درست بها كنت اتحدث مع التلميذات عن ذكرياتي في الجبهة. كنت أغلب الأوقات أواجه هذا السؤال: "جدلي! ألم تعارض عائلتك الذهاب للجبهة؟"

حين كنتُ أذهب للمدرسة يعتريني إحساس جيد. كنتُ ادرس من يصرغني عام. كنتُ أدرس أيضا طريقة استعمال رشاش ج 3 وغيرها. آخذهم إلى ميدان الرماية بالتنسيق مع التعبئة. في تلك الفترة كان ينشط مجاهدون خلق ويغرون الشباب بالدخول معهم.  بعض الأوقا حين ينتهي الصف يقولون: "سيدة جدلي، بعض الأشخاص الذي منضمين إلى الصف هو أعضاء في مجاهدين خلق وينضمون مليشيات." بالطبع عددهم محدود.

وأذكر هذه النقطة، صحيح أن التلامذة رحبوا بعملي، ولكن بعض المعلمين يقولون ما فائدة هذا العمل؟ ولكن نظرا لظروف الحرب يجب أن تتعلم النساء طريقة التعامل مع الأسلحة حتى يدافعن عن الوطن عند الحاجة.

  • ألم يكن عندك برنامج للفتيات اللاتي ينضمن إلى مجموعات مجاهدين خلق أو الفدائيين؟

 

لم تظن الظروف متاحة لي. ولم أتدخل. فقط حين التعلم العسكري، أعلمهم بعض النقاط. لأنّ على كل فرد أن يفتح ويغلق سلاحه، حاولت ألا يدخل أحد منهم في المجموعات التي أشكلها. بالطبع في تلك الأيام، كان لديهم الكاريزما الخاصة ويتحدثون بكل فخر عن إنضمامهم إلى تلك المجموعات.

  • كيف ذهبت إلى المنطقة الحربية في المرة الثانية؟

عبر قطار الهلال الاحمر ذهبت للجنوب. انضم إلينا في هذه المرة ممرضة من مشفى أمير اعلم باسم آذر رشيدي بورش ولم نكن نعرفها من قبل. كانت زميلة أحد أقاربنا وأحبت الذهاب معنا.

  • حديثنا قليلا عن قطار الهلال الأحمر.

كان قطار الهلال الأحمر أبيض اللون وعليه علامة الهلال كبيرة حمراء. في داخله يشبه المشفى، أقسام متعددة وغرفة عمليات. أي لو كان القطار يتحرك يمكن إجراء عملية جراحية. فيه خمس أقسام كل قسم فيه عشرون سرير طابقين. إضافة إلى طاقم الهلال الاحمر كان أعضاء من جهاد التنمية والحرس. كنا نرتدي ثيابا بيضاء ولكي لا نلفت الانتباه غيرناها.

  • ما هو الاختلاف بين الجنوب مع الجبهة الغربية؟

 

تغيرت نوعية نشاطنا في مدينة ماهشهر. في داخل قطار هو مشفى. في حال أنّ المشفى ثابت في الجبهة الغربية. لو هددنا خطر في القطار لم يكن أمامنا مفر، في الغرب رغم كل الأخطار هناك سيارات تنقل الجرحى إلى مكان آخر.

  • نظرا لأنكم في الطريق لم تصادفوا جرحى، هل كنتم تقومون بعمل خاص؟

كان قطارا جديدا ويستخدم لأول مرة. وضعوا على الأسرة بلاستيك. فتحناها. فتحها صعب جدا. نخرج المعدات الطبية من علبها ونضعها في مكانها. كنا نقوم بمثل هذه الامور.

  • هل كان القطار يقف فقط من أجل أخذ الجرحى ونقلهم إلى طهران أو يقدم الخدمات الطبية أيضا؟

في تفترة الوقوف، نقدم الخدمات الطبية. ولكن ليس بإمكاننا العناية بالجرحى كنا ننقلهم إلى مكان آخر.

لو كانت هناك عمليات يزداد عدد الجرحى ونجبر مرات للبقاء مستيقظين يومين. كان يصلنا جرحى من كل نوع، جندي ورجال دين وتعبئة وحرس وجيش و... أحيانا يصل عدد الجرحى لحد نعلن فيه عن إمتلاء القطار. كان هناك ممرض يصور كل ما يحدث.يدخل أغلي الجرحى وهم متربين والدماء عليهم ونغسلهم. وقبل الوصول كنا ننزل بعض الجرحى في الطريق في مدن فيها مستشفيات يمكنها معالجتهم. تقف سيارات الاسعاف بجانب القطار وتنقل الجرحى إلى مستشفيات المدن أو إلى طهران.

كان هناك مهاجرون في ماهشهر بكثرة يلتفون حول القطار. من ثيابهم واضح أنهم يمرون بوضع حرج. أغلبهم من القرى ولم يتمكنوا من الوصول الى مكان آمن. في القطار مطبخ وتخرج منه رائحة الطعام الدافئ. حين ترتفع رائحة الطعام يقتربون من القطار آملين بالحصول على الطعام. لذلك كان الامر مزعج لنا ولا نستطيع الاكل. أنا مع تهمينة وآذر رشدي بورش وبتول أضربنا عن الطعام واكتفينا بالخبز والجبن. جاء البعض من مستشفيات طهران ولم يعجبهم عملنا!

  • كم بقيت في قطار الهلال الأحمر المتجه الى ماهشهر؟

كنا خمسة عشر يوما. عادة يقف القطار خمسة عشر يوما هناك. كان عدد ركاب القطار ثابت. كان كل من السيد فضلي ومؤمني وطاهرة طاهري من الكادر الثابت. جاؤوا من جهاد الإعمار. كانوا يذهبون في بداية الثورة إلى القرى البعيدة ويساعدون القروين.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3812



http://oral-history.ir/?page=post&id=7027