استحضار كتابين

مع "أسطورة همت" و "جرحى الكيمياوي إيرانيين"

محمد علي فاطمي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2017-03-16


إتجه موقع التاريخ الشفوي الإيراني، في نهاية هذا العام (1395) إلى كتابين وليدا هذا العام. من خصائص كلا الكتابين هو الاستحضار، استحضار شخصيات وأشخاص من الدفاع المقدس. كاتبا الكتابين (أحدهما من إيران والثاني من اليابان)، بشكل ما، يذكرانا بكيفية التفكير بهم.

التنوع الراهن البديهي، وفي المستقبل تاريخ

في الذكرى الخامسة والثبلاثين لشهادة محمد إبراهيم همت، قائد جيش محمد رسول الله (ص)، طبع كتاب "أسطورة همت: علائم معرفة الشهيد همت" لمحمد حسام مظاهري، طُبع مرتين. يقع الكتاب في 95 صفحة وصدر في إصفهان عن دار آرما، ونجد فهرس الكتاب يحمل العناوين التالية: أرباح، همت محمد أمين (ناتج عائلة مشتركة، الإعلام، المدرسة التعبئة)، همت الدولة (همت الذي كان يجب أن يكون)، همت الحزب اللهي (الشهيد ميزان الثورة الإسلامية)، همت الخضرة (الأسطورة تغيّر لونها)، همتي "أنا" ( من اللوحة حتى التي شيرت: شخصنة الأسطورة)، همت السوبرمان (حين تتمرد الأسطورة)، همت ضدّ همت، نهاية الكتاب.

يشير الفهرست الى القارئ أنه أمام عمل مغاير، ومثلما جاء في التقديم: "... وإلى كل جيلنا الذين سيصنعون في يوما ما همتهم."

يبدأ الكتاب بمقطع قصير من حوار مع محمد إبراهيم همت في تاريخ مايو 1982. وهو تعريف به على لسانه. ثم يذهب الكاتب الى ذكرى من العام 1997 ليصل الى التأكيد على هذا المقطع "الأسطورة توصل خطابا ورسالة."

يبدأ نص الكتاب بحوار الكاتب مع الطفل ذي 12 عاما محمد أمين، من أقاربه. يتحدثان عن الشهيد همت، ثم يركز الكاتب على كلام الطفل، ليعرف من أين أتى الطفل بكلامه. لنصل الى نتيجة مفادها أنه مربع "العائلة\ التلفزيون\ المدرسة\ التعبئة" "همت" محمد أمين هو نفس همت في الخطاب الرسمي. نفس همت الذي يجب أن يكونه.

في القسم التالي يبدأ بمقطع من فيلم وثائقي يتحدث عن مجموعة من النتاجات والنصوص حول الشهيد همت، وكلها تأكد سيطرة الرواية الرسمية عنه.

في القسم التالي نجد مجموعة صور عن الشهيد همت، تحمل رسائل سياسية. ويناقش القسم الذي يليه عبر نصوص شعرية وصور، رؤية المنتجين لصور القسم السابق. وبرأي الكاتب أنّ كلاهما يحملان رؤية أنّ همت أسطورة.

في قسم " همتي أنا" نجد نماذج من اللوحات والتي شرتات وآخر الكتب التي تناولت الشهيد همت ورؤية المنتجين لها. ويتطئ القسم التالي على صورة همت في طهران ويسائلها الكاتب من عدة زوايا. كتب: "من رؤية أخرى، لكن همت سوبرمان، في ذهن جيل يعرفون عن الأبطال ملامح سوبرمان وباتمان واسبايدر مان وأمثالهم."

القسم الأخير، هو نتائج وتسائل "من هو همت الحقيقي بين كل هذا؟ قد يكون أدق جواب هو: لا أحد منهم. همت الحقيق هو نفس همت الذي مات في غروب 7 مارس 1984 في جزيرة مجنون، إثر انفجار قذيفة. منذ ذلك الغروب وحتى هذه اللحظة، هناك مجموعة من القصص. قصص لكل مرحلة تولد لحاجة ... وستستمر..."

نهاية الكتاب هي نوع ما عودة الى حوار الكاتب مع محمد أمين. حيث ينهي ب: "وحان الآن وقت السؤال النهائي.

  • هل تودّ الآن أن تكون مكان سوبرمان أو الشهيد همت؟
  • شهيد همت.
  • لماذا؟
  • لأني أريد إذا عادت الحرب أن أصبح شهيداً.

كتاب "أسطورة همت" هو حصيلة طرح موضوع مع مصاديق معروفة. أخذ الكاتب على عاتقه المشاهد والمسموعات التي كانت حول الشخصية، من جانب آخر، الكتاب عبارة عن مقتطفات في الفترة الراهنة بديهية ومجزئة وهي حولنا، ولكن نفس هذه المقتطفات هي من نوع التاريخ ستكون تاريخا.

ويدعو الكاتب القارئ الى النظر حوله بدقة مذكراً إياه أن ينظر للموضوع وللشخص من عدة زوايا. وبالطبع محسن حسام مظاهري نظرا الى إهتمامه بمجال التاريخ وقصص الحرب المفروضة، فتح الطريق للأعمال القادمة.

عشر سنوات من الاسعاف في إيران

" برفقة جرحى الكيمياوي الإيرانيين: عشرون عاما من الاسعاف الدولي" كتاب من شيزوكو تسويا ترجمه ياسر شهبازي، في العام 2017 وصدر عن دار رسانش نوين. يقع الكتاب في 184 صفحة في ثلاث فصول "الإسعاف الطبي في روسيا: عشر أعوام من التعلم والخطا"، "ألم جرحى الكيمياوي الإيرانيين: عشر أعوام من الإسعاف في إيران" و " من هيروشيما للعالم".

وتذكر المقدمة التي كتبها المدير العام لمركز دعم ضحايا الأسلحة الكيمياوية ورئيس متحف السلام طهران محمد رضا سروش، بقسم من نشاطات الكاتب والمؤسسات غير الحكومية. وتكشف مقدمة الكاتب عن عمله في الاسعافات الدولي ل21 عاما، وحمله لفكرة الانكسارات في مجال الاسعافات ودور هيروشيما في الاسعافات.

يبدأ تسويا كتابه، بخلاصة عن نفسه ثم يوضح لماذا اختار روسيا. روسية في 1995 مازالت تحمل ذكرى كارثة تشرنوفل، ونظرا لتجربة هروشيما، باتت تقدم في كل نقطة من العالم حين تمر بكارثة شبيهة بها. وعقدت في الاتحاد السوفيتي عدة ورشات. ولكن مع انهيار الاتحاد السوفيتي، تغيرت الانظمة السياسية كثيرا وظهرت على الواجهة مشاكل عديدة. ولكن يجب ألا يقف تغير الانظمة السياسية أمام الأعمال الطبية..."

كتبت مؤلفة الكتاب عن تجاربه في الاستشارة الطبية والتعرف على المرض واتاحة المعدات والمختبرات والدواء وصعوبة كل ذلك في روسيا: "أكملنا تقديم المساعدات مع مركزية روسيا. أحيانا آخذ الادوية وحدي، واحيانا تكون ظروف زوجي مناسبة، فنذهب سويا."

تتداعى مشاهد الاسعافات في ذهن تسويا، حاملة جوانب إجتماعية. وتتحدث عن أطفال فلسطين وصعوبة ارسال الدواء لهم، لأنها محاصرة، وتستطيع في النهاية عن طريقا أوكرانيا ومسؤل اللاجيئن، أن ترسل الدواء لفلسطين.

الفصل الثالث عن سفر تسويا إلى إيران، السفر الذي تكرر عدة مرات لنجد أنّ مدينة سردشت قُصفت سبع مرات بغاز الخردل عن طريق جيش صدام، ويتألم ما يُقارب أربعة آلاف شخص من القصف، وقُصفت إيران أكثر من ثلاث مائة مرة بمادة كيمياوية وتصف سكان مدينة سردشت بهروشيما الثانية. تقول حين دخلت سردشت كان قد مرّ سبعة عشر عاما على القصف: "كأننا أول أجانب يدخلون سردشت منذ 17 عاما... أحد الجرحى... ينتقد قائلا: "لقد نسانا العالم..."

وتكتب تسويا: "التعرف على جرحى الكيمياوي كان مزلزلا لي. كنتُ أرى الواقع المؤلم بعيني وتحول الى رحلة عن قضايا كثيرة تدور في ذاتي. بيد أنّها كلها مؤلمة. واكتشفتُ أمورا لا توصف..." ومنذ هذه اللحظة تكتب عن إيران والإيرانيين. من الخصائص التي توردها تتعلق بنفس الجرحى: "يتحدثون بينهم بالفارسية وخارج بلادهم يحاولون التقيد بعقائد الاسلام... يلتزمون بأوقات الصلاة. في مرة اتفقنا على موعد في فندق لنتجمع فيه، لم يأتً جرحى الكيمياوي بالوقت المحدد. إعتقدنا أنّ مكروها وقع لهم. وحين اقتربت منهم، كانوا يصلون في ممر الفندق."

وتكتب عن زيارتها لإيران: " ذهبتُ الى إيران العام 2004 ضمن أطروحة هيروشيما السلام العالمي، طلب الإيرانيون منا أمرين. أحدهما "نودّ أن يعرف العالم جرحى الكيمياوي." والثاني القيام بدراسات مشتركة بين إيران واليابان حول مضاعفات الكيمياوي. تمكنا الوصول لاتفاق حول الامر الأول. وفي الامر الثاني حين حصلنا على نموذج من بقايا غاز الخردل "وقبضتُ عليه بيدي، أصابتني حالة لا توصف، شعرتُ أنه نوع من الاجابات على أسئلة الإيرانيين، أي الدراسات المشتركة لمعالجة الكيمياوي."

الفصل الثالث يحكي الجهود المبذولة في انتاج فيلم انيميشن "جونود": "الدكتور جونود، طبيب سويسري جاء الى هيروشيما مباشرة محضرا معه 15 طنا من الادوية والمعدات الطبية. وهناك بناية باسمه في جنوب شرق حديقة ذكرى سلام هيروشيما..."

والجملة النهائية للكتاب تعكس مدى تأثرها بالإيرانيين: "ليس فقط من اجل جرحى الكيمياوي الذين ستصل نهايتهم. لا اعلم متى ستغيب شمسي، ولكن آمل في تلك اللحظة أن تلمع شمس المغرب مدينة مريوان."

 

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3761



http://oral-history.ir/?page=post&id=6933