التاريخ الشفوي و تصاعد قيمته

ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-11-12


من أهم فوائد التاريخ الشفوي حصول المؤرخ على معلومات أولية. ناقل الذكرى هو شاهد دون واسطة، ليس الكتاب و الصحيفة و التقرير ليست هي ناقلة للوعي.

تدوين التاريخ بأسلوب التاريخ الشفوي، هو إطار جديد في حفظ أحداث و وقائع لا حصر لها. إنتشر هذا الأسلوب في الاعوام الأخيرة و في بعض المراكز التي تعنى بتدوين التاريخ و العمل عليه و قد استخدموه. لا يتعامل المؤرخ عبر هذا الاسلوب مع الالواح و الكتابة الحجرية و الآثار و الحفريات و التخمينات أو النسخ الخطية و تقارير السياح. يتعامل هنا مع شخص حي متذكرا و ذاكرا ما يبحث عنه المؤرخ. التاريخ الشفوي تغطية ذكريات أشخاص كانوا في قلب الحدث و تعاملوا معه و رؤوه ، و مع مرور الوقت أو قلة الشهود تتحول الى حالة إبداعية. في التاريخ الشفوي قبل أن نواجه كليات الحاكم على فترة تاريخية نواجه جزيئات الاحداث و المناسبات و العلاقات. هنا الشخص الذي يردد ذكرياته يتحدث عما تعامل معه هو و أكثر من حوله حين عاشوا الحدث . التاريخ الشفاهي ما هو إلا ترجمة للماضي القريب، ما نصفه بالتاريخ المعاصر.

في هذه الأطروحة يواجه المؤرخ محاسن و مآخذ .

من أهم محاسن التاريخ الشفوي حصول المؤرخ على معلومات أولية. ناقل الذكرى هو شاهد دون واسطة، ليس الكتاب و الصحيفة و التقرير ليست ناقلة للوعي. أحيانا المتذكر أكبر من شاهد دون وساطة، هو خلق ذلك الحدث. هذه خصائص تبدل التاريخ الشفوي الى مصدر لا يمكن للمؤرخ الحصول عليه دون الإرتباك. و شئ آخر و هو أن ناقل الذكرى مكمل أو صاقل للحدث. الاحداث التي تحدثت عنها الوثائق في أغلبها تخلو من العلة و المعلوم الحاكم على حدث. عادة ما تكون الوثائق حاكية لحدث، و بشكل تجريدي و في مسائلة العوامل و النتائج لا تغني. الذكريات التي يشكلها التاريخ الشفوي لديها هذه القوة أن تكمل بداية و نهاية هذه الوثائق و أيضا و عبر ذكر الجزيئات تصقل ذلك الحدث. الخصلة الاخرى هي أن الذكريات تساعد المؤرخ في معرفة الوثيقة، و الى أي درجة هذه الوثيقة في الرواية الفلانية من تلك الحادثة لها قيمة وثائقية. من المحاسن الأخرى للذكريات الشفوية هضم قارئ التاريخ لها بسهولة. فليس هناك صعوبة قراءة التاريخ و لا استدلال المؤرخ المتعاقب لإثبات علة وقوع الحدث. يواجه هنا القارئ  نصا حيا.

و أما المآخذ التي يمكن أن تحملها هذه الطريقة في تدوين التاريخ، أحدها كونها سياسية. مثالا على ذلك كل المراكز التي أسست بعد الثورة عن الثورة الإسلامية – إن كانت في الخارج أو الداخل- و اعتنت بالتاريخ الشفوي المتعلقة بأحداث الثورة، عبر النظرة الأولى لم تخلو من الملامح السياسية. قامت مجموعات خارج البلاد بجمع الذكريات و عادة ما كانوا أشخاصا معارضين للثورة، أو هاربين، أو شاركوا في تقويض حكومة ما بعد الثورة أو من رجال النظام الملكي، و كلهم فقدوا مصادرهم المعنوية و المادية مع الثورة. الفريق الثاني هو المنتمين الى الجناح اليساري إذ بعد الثورة و دون حصولهم على مكانة في الحكومة اتجهوا الى خارج البلاد. و في الداخل أسسوا مراكز في قالب التاريخ الشفوي لسرد أحداث الثورة و بسبب علاقتهم بالثورة لم تخلو من توجهات سياسية. و على ذلك الادعاء بحيادية النتائج من أسلوب تدوين التاريخ لا يخلو من مشاكل. و رغم وجود هذا الاشكال و لكن لا تتراكم على المؤرخ مشاكل كثيرة، لأن أحد مهارات المؤرخ – المؤرخ بالمعنى الحقيقي- عدم الوقوع في الحفر الإعلامية. بإمكانه تحديد وزن كل ذكرى، يمكنه معرفة النقي و غير النقي و في استناده يدخل الذكريات الصحيحة في عمله. من الإشكاليات الأخرى في التاريخ الشفوي غلبة " أنا الراوي". الراوي مهما كان و من أي طبقة ستكون محور ذكرياته أناه لا "أنا" الآخر.هذه القضية تقع على من  هاجسهم وزن كفة العدالة سيواجهون مشكلة مع ذات الذكرى. تحجيم الذات و تصغير الآخرين أحد الأعراض السلبية للتاريخ الشفوي. و رغم ذلك المؤرخ الذكي و بتمسكه بتواتر الاحداث الذاكراتية المتعددة و اكتشاف القارائن سيتعرف على نقاوة الذكرى. في الواقع كل ما يتحمله المؤرخ من صعوبات للوصول الى نص قديم، سيتحمل في القابل ضعف ذلك أمام الذاكرة التاريخية الشفوية.

يمكن إضافة المزيد على محاسن و مآخذ التاريخ الشفوي. و لكن يمكن القول أن هذا الشكل للتعبير عن الثورة الإسلامية و حرب السنوات الثمان له مفعوله الكبير. أكثر العناوين الصادرة المتعلقة بهاتين الظاهرتين الكبيرتين خلقت عبر التاريخ الشفوي. من حسن الحظ تعدد المصادر الموجودة أدخلت خبراء التاريخ الشفوي في مرحلة جديدة من التنظير و نتيجتها تناسق قائم. مع مرور الوقت يمكن لمس تصاعد العلمية و الدقة في بعد مقرون بالحقيقة الذاكراتية و إضافة بحوث مختلفة في هذه النوعية من الكتب. هذا من جانب، النقد و التقييم المستمر من خبراء هذا الحقل، و من جانب ثاني، غير الترايخ الشفوي مجال تدوين تاريخ الثورة الإسلامية و سنوات الحرب الثمان  بصورة جدية.

 

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 4047



http://oral-history.ir/?page=post&id=5911