رجل الذكريات

حميد قزويني
ترجمة: أحمد حيدري

2015-11-10


يعرفه الجميع باسم "صادق طباطبائي" و هو الدكتور السيد محمد صادق سلطاني طباطبائي بروجردي. توفي بعد صراع مع مرض السرطان في الثاني من شهر اسفند هذا العام.

لمن عمل في حقل التاريخ الشفوي يعرف موضوعات صادق طباطبائي القيمة. لأنه كان يحمل الكثير من الذكريات المتعلقة بالثورة الإسلامية.

أصول عائلته، تأسيس اتحاد الطلاب الإسلامي ألمانيا، عضو في الشورى المركزية لاتحاد المراكز الاسلامية الجامعية في أوروبا، علاقته المقربة مع الإمام موسى الصدر و الإمام الخميني (ره)، مسؤليته في الحكومة الموقتة، الدور اللافت في إعداد الأسلحة للقوات العسكرية في إيران فترة الدفاع المقدس، صداقته مع شخصيات مؤثرة في الحكومة، نشاطاته العلمية و الثقافية و الفنية، كل ذلك و غيره منحه موقعا متميزا.

صادق طباطبائي و في مكانته و على عكس الكثير من رفقائه، ليس فقط لا يخالف أخذ حوارات معه التي يطرحها عليه الباحثون بل يضعها مع شرح مسهب و بشجاعة عرفت عنه. أعتقد أن الأشخاص الذين لا يذكرون ذكرياتهم أو لا يضعون انفسهم في موقع المجيب أو ينشرون ذكرياتهم بصورة ناقصة لا يحملون شجاعة تتيح ذكر الحقيقة ( حتى لو ادعو أنهم يفعلون ذلك للصالح العام).

و لأن صادق طباطبائي لم ينضم الى حزب أو جناح سياسي لا يفكر سوى ب مصلحة " تاريخ الثورة" و على ذلك يرحب بذكرياته، و لم يكن اللقب الذي منحته صحيفة في يوم وفاته اعتباطيا " ذاكرة الثورة".

يدل آخر تقرير بثته الإذاعة و التلفزيون للجمهورية الإسلامية أن صادق طباطبائي و حتى في فترة مرضه و ضعفه الجسدي كان مستعدا للحوار.

لهذا هو نموذج قليلا ما نصادفه كصاحب ذاكرة خاصة و حساسة، سياسي أنيق و وسيم معاصر، و إضافة على حواراته و خطبه أصدر في ثلاث أجزاء قسما من ذكرياته في فترة دراسته الجامعية و علاقته مع الإمام موسى الصدر و تشكل الجمهورية الإسلامية ، صدر الكتاب في العام 2010 و تجددت طباعته عدة مرات. و كان دائما ما يعلق على سعيه لاصدار الجزء الرابع و الخامس المرتبطين بأحداث و تغيرات ما بعد الثورة. أتذكر أنه أحيانا يطلب وثيقة أو نصا لدعم كتابه . و قال عن سبب العمل على هذه الفترة من التاريخ: " أريد الإطمئنان مما أحمله في ذهني و إذا كان هناك خطأ أو شبة أحذفها." كان يعتني بتوثيق ذكرياته.

في إحدى المرات جاء أشخاص يعرفهم جيدا، و أخذوا من منزله وثائق و نصوص، كان حزينا على ما أخذ ليس لمحتواها السياسي و لا الامني بل لأنها قسم من التاريخ المعاصر و ذكرياته و يتمنى لو يعطى نسخة عما أخذ منه لإدخالها ضمن ذكرياته.

من أحزانه الاخرى التي حملها و هي نهب أرشيف و وثائق " إتحاد المراكز الإسلامية الجامعية في أوروبا" . كان يذكرها بحزن. كل ذلك يدل على إهتمامه الكبير بتوثيق الأحداث و ذكرياته و تدوين التاريخ.

من سماته البارزة أيضا الجلسات التي يخصصها لتسجيل الذكرى هي الإرتباط الحميم مع المحاور و يتفاعل معه. يسلم رقم هاتفه المحمول و هاتف المنزل و البريد الإلكتروني حتى لا تقف حدود أمام الحوار. أتذكر أني و عبر عدة اتصالات معه أسأله عن موضوع و يجيب هو بكل أريحية. لا يهمه الموضوع سيصدر باسم من ، ما يهمه هو عدم تحريف التاريخ.

و لا يواجه معه المحاور أو الباحث حدودا، يتحدث بأريحية عن القضايا السياسية و الامنية و الخاصة به. مع ابتسامة و قوة ذاكرة. حتى حين تحضره ذكرى مؤثرة لا تختفي الابتسامة عن وجهه. يتعامل دائما باحترام و أدب، ينتخب أوقات للحوار يكون فيها في أقوى حالات صبره و مستعد نفسيا لكل ما يمنع اكمال الحوار أو تأخره.

كان على معرفة جيدة بما يحتاجه الحوار و المحاور، و لا يعارض المقدمات و المؤخرات المتعلقة بالتسجيل، و عادة في الحوار لا يجيب على الهاتف، لا يواعد أحدا من خارج أعضاء الجلسة الحوارية و يعرف جيدا أن جزء من الجلسة يجب أن تتحول الى جلسة ودية، و  لا يرفض طلبات رؤية الصور أو الوثيقة أو ملفا.

عادة ما يحدد قبل الحوار المحاور و الموضوعات حتى سيسير الحوار فيها. لذلك يحرص على عدم الخروج من الإطار المحدد. أحيانا يسأل عن كيفية الحوار لكي يصحح أي خطئ دخل فيه.

و حين يتحدث عن ذكريات الآخرين لا يخرج عن دائرة الانصاف. كانت لهجته غير حادة و لا تمس أحدا، و إن كان ينتقد بعض الشخصيات بجدية.

على أي حال رحل صادق  طباطبائي رجل ذكريات الثورة للأبد و تحول الى ذكرى.

المصدرالفارسي



 
عدد الزوار: 3948



http://oral-history.ir/?page=post&id=5899