ذكرى من بيجن كلانتري عضو الإتحاد

ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-10-18


كان خجل من الذات و فخر بالإتحادي

 

 

قبل سفري في العام 1973 الى ألمانيا حذرني جميع أقاربي و عائلتي من الإرتباط بما يطلق عليه الإتحاد، هؤلاء أو حزب التودة أو الساواك أو الشيوعيين كلهم خطرون و أسقطوا مكانة إيران في الخارج، النصيحة هي أكمل دراستك و عش حياتك و لا ترتبط بهم و إلا سوف تضيع.

حين دخلت ألمانيا ذهبت الى مدينة ساروبروكن، و هناك دلوني على منام طلابي ليحتويني، في نفس هذا اليوم جاء اليّ شاب إيراني كان في المنام و طلب مني بكل أدب إذا كنتُ في حاجة الى أي شئ فسوف يؤديه، في الأيام التالية نقوشت العديد من القضايا و تطور البحث الى لماذا نأتي للدراسة الى أوربا. كانت رؤيته هي أن إيران ( في تلك الفترة) تخرج مئتين ألف طالب حاصل على الديبلوم و لأن الجامعات لا تتسع إلا لعشرين ألف طالب بالطبع البقية ( من لديه المال الكافي ) سيسعون للدراسة في الخارج. رفضت رأيه و أنا أحمل تراكم الثقافة الملكية و قلت لو كنت طالبا عالي الهمة لاستطعت اكمال دراستك في إيران. مهما حاول هذا الرفيق و بالمنطق أن يفهمني أن الجامعة لا تحتوي أكثر من 20 ألف شخص و لا يمكن ل 180 ألف شخص الدخول للجامعة و لو كانوا حاصلين على أعلى الدرجات. و لكني و بكل عجرفة ليس فقط لم أقبل كلامه بل اعتمدت على القوة ، فشتمته و لطمته على وجهه و طردته من الغرفة و قلت له : أنت و أمثالك من أسقط مجد إيران.

بعد أشهر واجهت مثل هذا الموقف عدة مرات في عدة عدة مدن ألمانية، و أخذت أقع تحت تأثير رفاق آخرين و تعرفت لأول مرة على أركان الإتحاد في السادس عشر من شهر آذر.أتذكر جيدا أن أول مقالة قرأتها في السادس من آذر حول دور فرق محو الأمية في القرى، و لأني كنت من ضمن هذه الفرق أحسست أن هذه المقالة تنقل الحقيقة و أثرت فيّ كثيرا و من ثم تشكلت علاقتي في متابعة مثل هذه المقالات و بعد مرور ما يقارب الستة أشهر و مع انعقاد مؤتمر السادس عشر للإتحاد في مدينة فرانكفورت و عبر دعوة أحد الأصدقاء ذهبت الى هذا المؤتمر. ومع مشاهدة الكثير من الإيرانيين خفت من الوضع و سألت نفسي هل هؤلاء ساواكيون و شيوعيون؟ و لا أخفيكم لم أكن أعلم في تلك الفترة الفرق بين الساواك و الشيوعي. لا أعرف عن إيران الملكية غير القمار و البلطجة. ملأت الصالة بالطاولات المحملة بالكتب و غضبت على نفسي لماذا لا أفهم ما يدور بينهم. لماذا أنا بعيد عن العالم،سألت رفيقي عدة أسئلة و سعا هما بدورهما أن يجيباني بكل هدوء و سعة صدر، صبر الصديقين و تحملهما لي بهرني، كرهت نفسي و لعنتها لماذا لا أفهم ما يدور حولي؟ ما هي الإمبرالية؟ ماذا تعني البرجوازية؟ لم أكن أعلم أي شئ عن الشيوعية. بتُّ حائراً و الأمر الأهم هو أني أودّ شراء كل هذه الكتب وأخذها معي. إنتبه أحد الأصدقاء لحالتي و قال لا تتعجل و واساني قائلا كنا كلنا مثلك و ها نحن نخرج من تخلف الحالة الشانشاهية. الخطأ لا يقع عليك هو خطأ هذا الشاه و عائلته و النظام الآري الملكي الذي أقر في مجتمعنا الديكتاتورية و سلب حق قراءة الكتب من الناس. سلب النظام الشانشاهي حق العقيدة و البيان و يراقب كل شئ. عليّ الإعتراف سألته بخجل ماذا يعني أن فلانا ديمقراطي؟

إشتريت الكثير من الكتب و جلست على الدرج من التعب و رغم تعبي لم ابتعد عن قراءة الكتب التي بين يدي، أردت أن أكون مثل صحبي أيضا أن أفهم كل شئ و كلما قرأت أكثر زادت أسئلتي. كنت على الدرج جالسا أقرأ و رفعت رأسي و لمحت الرفيق الذي إلتقيه في مدينة زاربروكن في اليوم الاول لدخولي الى ألمانيا و حيث شتمته و ضربته. جلس مقابلي ينظر اليّ من خجلي رفعت شهرية السادس من آذر مخفيا وجهي خلفها و أخذت أتعرق و وددت لو انشقت الأرض و ابتلعتني. ظننت لبرهة أنه لم يعرفني، بعد لحظات أنزلت المجلة و رأيته مازال ينظر نحوي. تعبت من وضع المجلة أمام وجهي و من تعرقي، كرهت نفسي و أحببت لو مت على مواجهة هذا الرجل، و لكنه الظن، رأيته يقف و يتجه نحوي، ذاب قلبي، جسدي يرجف من الخجل، تقدم نحوي الرفيق و سألني ألست أنت بيجن؟ قلت له مغيرا لهجتي لا أنا بهروز، قال لي : لا أنت الرفيق بيجن الذي كنت في زاربروكن. قلت لا لم أكن في زاربروكن، قال يا رفيق كنا مع بعض قبل ستة أشهر، لا أتعبكم كنت انكر ، هو يؤكد و أنا انكر.

و لكني أدركت من صوته أنه لا يسعى الى الإنتقام مني و لا يريد الحديث عما حدث، نادى عليّ عدة مرات باسمي و تحدث معي بمحبة، أجبرت على تعريف نفسي و أعتذرت منه على عملي السيئ ألف مرة، قلت له اعذرني على ما فعلته، كنت جاهلا، أحمقا، أنا نادم على فعلتي مثل كلب و لا أعرف كيف أعتذر منك، إبتسم و احتضنني و قبلني، كدت أجن و تعجبت من حركته.

نظر اليّ و قال : لا تعرف يا رفيق كم أنا سعيد برؤيتي لك هنا كأني حصلت على الدنيا كلها.

هي الدنيا التي تهمدت فوق رأسي، تصاعدت الدماء الى رأسي و أصابني الدوار مع كل هذا الحس الإنساني من حولي، كنت أريد الوقوع على يديه و رجليه، لم يكن ينتظر مني إعتذارا بالعكس كان سعيدا أنني أصبحت إتحاديا و بتنا في خندق واحد، إختفى ألم الضربة على وجهه و تصاعد الألم المشترك، لم يكن حاقدا، كان مملؤا بالحب و العطف الإتحادي، علمني درسا كبيرا، علمني الأدب و الهدوء و الصبر السياسي.

بعد هذا الحدث أوقفت نفسي لمدة عام و نصف للقراءة و بت محبا للمعرفة و كلما قرأت أحسست أني أعلم القليل  و أني أصل الى قول الشاعر :

وصل علمي الى هذا الحد

حتى أعلم أني جاهل

غيّر الإتحاد حياتي، أعادني الى ذاتي، أخذ حياتي الى العمل الإجتماعي، علمني المعرفة و طريق النضال، بعد نشاطي في الإتحاد بتّ إنسانا ثاني، أدين بحياتي للإتحاد، يجب أن يكتب اسم الإتحاد في تاريخ إيران لأنه قسم من هذا التاريخ و قسم لامع.

أنا سعيد و أفتخر أني كنت عضوا في هذا الإتحاد و قبلت مسؤلية إتحاد الطلاب في مدينة كنستانس و أفتخر أني كنت في كل المظاهرات الخارجة ضد نظام الشاه  المستبد.

 

يحيى الإتحاد، بيجن كلانتري

المصدر: ص 31 من العدد الخاص 6 آذر، بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الإتحاد الطلابي العالمي الإيراني.

أعدته لجنة إقامة الذكرى الخمسين لتأسيس الإتحاد الطلاب العالمي الإيراني ( الإتحاد الوطني ) 18/دي/1391.

 

المصدرالفارسي



 
عدد الزوار: 3841



http://oral-history.ir/?page=post&id=5782