ليلة الذكريات الشعبية

محمد مهدي عبدالله زاده
ترجمة: حسين حيدري

2018-7-26


لعب الناس دوراً أساسياً و مهماً في فترة الدفاع المقدس. كما كان لكل حيّ  في تلك الفترة للمساجد وظائف و مهام جديدة. حيث كانت المساجد مكاناً لتسجيل أسماء الأفراد بغية ابتعاثهم للجبهات و جمع التبرعات والمعونات الشعبية وتحضير العلب الغذائية الجافة مثل المكسّرات و خياطة ملابس بعض المقاتلين و أيضاً إعداد المربّي و تقديم الخدمات المتنوعة لإسناد الجبهة والمقاتلين. المقاتلون الذين يذهبون للجبهات، عندما يعودون، يبلغون العوائل و مراكز الإسناد في المساجد بما يحتاجونه في الجبهات، كي يرسلوا لهم ما يحتاجونه علي غرار ذلك.

يبدو أنه إذا لعبت المساجد الآن دوراً أكثر أهمية في إقامة ليالي المذكّرات واستحضار ذكريات المقاتلين ومؤيديهم ، فسينجحون في توثيق وتسجيل المزيد من المذكرات.

 إذا ما حظيت مراسيم ما بقاعدة شعبية، حينها ستخلّد للأبد، حيث ستكون إدارتها و برمجتها و حتي تكلفتها من قبل الناس فقط، كما و أن لديها دعم شعبي حقيقي. علي هذا الأساس و منذ فترة، تقام مراسيم في مسجد أبي الفضل العباس (عليه السلام) إجلالاً و إكراماً للشهداء تسرد فيها الذكريات. يقام الاحتفال في ذكرى استشهاد الشهداء الذين تقطن عائلاتهم قرب المسجد، و ذلك احتفالاً واحتفاءاً بذكرى استشهادهم.

واحدة من هذه الإحتفالات، أقيمت في 13 من جولاي عام 2018م بعد إقامة صلاة العشاء احتفاءاً و تكريماً لذكري استشهاد الشهيد قدرت الله يوزباشي و التي أجريت بجهود و تعاون مجلس شوري مسجد أبي الفضل (عليه السلام) و مجموعة باب الحوائج للمقاومة و أسرة الشهيد ومؤسسة الشهيد و شؤون المقاتلين و أيضاً مقر ليالي دامغان للذكريات. كان هذا الشهيد من مواليد مدينة ديباج دامغان. لقد ذهب في سن الـ 14 برفقة أعضاء جهاد البناء إلي ساحات الحرب و بعد تدريبات استغرقت 20 يوماً، أصبح سائقاً للجرافة. شارك لأربع سنوات في ساحات الحرب لذود عن كيان الوطن و أخيراً استشهد علي إثر انفجار الغام العدو.

في بداية هذه المراسيم، قام مقدم الحفل بقراءة ملخص من سيرة حياة الشهيد. كان علي ضيائي فر،الأخ الأصغر الشهيد، الراوي الأول لهذه المراسيم. كما أنه علاوة علي قضاء فترة البلوغ مع أخيه الشهيد في أسرة واحدة، ذهب مع أخيه الشهيد مرتين للجبهة. قام الأخير بسرد ذكريات باختصار من فترة تواجده مع أخيه عندما كان في الجبهة، كما تحدث قليلاً عن حالة أمه و أبيه بعد استشهاد أخيه. هذا و أضاف قائلاً: أن أمي و أبي حين تلقيهما لنبأ استشهاد أخي لم يتضعضعا، لكن استشهاد الإبن الأكبر للأسرة، لم يكُ بالأمر الهيّن و لا يمكن نسيانه بسهولة.

قال أخ الشهيد : أن أخيه نادراً ما يأتي بإجازة نحو الأسرة. لقد رأيناه قليلاً في البيت في فترة تواجده لأربعة أعوام في الجبهة. في بعض الأحيان عندما يأتي إجازة للبيت،بعد مضييّ يومين أو ثلاثة، يبلغ من الجبهة بضرورة تواجده و يغادر علي الفور. في المرة الأخيرة من تواجده في البيت، إقترح عليه أمي و أبي الزواج من فتاة حيث لم تسنح الفرصة أن يقيم مراسيم العقد و عاد ثانية للجبهة. هذه كانت المرة الأخيرة التي شاهدناه فيها و بغية وصوله إلي الجبهة استشهد علي إثر انفجار الغام العدو :«أحياناً كنت أشاهد دموع أمي و أبي بعد استشهاد قدرة الله». بعد فترة من الزمن، اقترحت عليهما أن نذهب لعقد تلك الفتاة التي كانت من المقرر أن تصبح زوجة لأخي. لله الحمد تمت الموافقة و أصبحت زوجتي و بلطف من الباري عز وجل نعيش حياة هانئة». من شدّة التأثير الكبير لشقيق الشهيد في ذكرياته و علي أبيه الذي كان جالساً في مدخل المجلس، تأثر الحضور.

كان سيد محمد شمسي بور، سائق الجرافة في فترة الدفاع المقدس، الراوي الثاني في هذه المراسيم. كان الأخير و لفترة أربعة أعوام زميلا للشهيد في كتيبة  الرسول الأكرم (ص) 27للهندسة التقنية. و تحدّث عن سلوكيات و خُلقيات الشهيد قدرة الله يوزباشي و سرد بعض الذكريات له، كما أشار إلي تخصص الشهيد قائلاً:«كان يجب علينا أن نصنع الجسور في بعض مناطق كردستان. الوضع لم يسمح  بنقل الرافعات الثقيلة إلى تلك المناطق. نتيجة لذلك ، يجب تركيب الحوامل الثقيلة في الحفار في مكان التركيب. كان للشهيد قدرة الله تبحر وتخصص خاص في هذا المجال». وأضاف قائلاً: أنّ قدرة الله علاوة علي تخصصه في قيادة الجرافات، يعمل علي آلات بناء الطرق، حيث أنه كان في عدد من عمليات الجنوب، سائقاً و بدون مخبئاً.

كانت أم الشهيد الراوية الأخيرة لهذه المراسيم. إحتراماً لها صلّ الجميع علي محمد و آل محمد و في الفترة التي كانت تتحدث بلهجة أهالي مدينة ديباج الجميلة عن إبنها، الكل يستمع إليها بإمعان كبير. في نهاية المراسيم و بعد تقديم الضيافة للمشاركين، عقد إجتماع لتقييم المراسيم بحضور و مشاركة المساهمين فيها، المقدمون و ثلاثة أعضاء من أسرة الشهيد. ومن وجهة نظر معظم الأفراد، أن جلسات سرد الذكريات تحت مسمّي ذكري الشهيد أقيمت بشكل أفضل مما عليه في الأعوام الماضية و كم هو جيد إذا ما قامت بعض المساجد الأخري بإقامتها أيضاً...

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2800


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة