فخر زاده: دلائل حذف بعض الموضوعات في الحوارات يأثر الى مكانة الأشخاص و الامن القومي

ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-11-18


وكالة أنباء كتاب إيران – القسم التاريخي و السياسي: نمى التاريخ الشفهي في الأعوام الاخيرة بهمم مراكز مثل مركز الادب الثوري الإسلامي و مركز التاريخ الشفهي للمركز الفني، و هي أرضية لإضاءة البنية التاريخية بصحبة أجيال ما قبل الثورة الإسلامية. من الشخصيات التي عملت في حقل التاريخ الشفهي في مجال توثيق وقائع الثورة و التاريخ الشفهي. حدثنا عن تجربته في هذا المجال على هامش سلسلة جلسات " الكتاب و الثورة الإسلامية".

ولد فخر زاده في عائلة عسكرية بيد أن جده و عمه درسوا العلوم الدينية و باتوا من علماء الدين بينما كانت اجواء البيت أمواج متلاطمة سياسيا و قراءة. في مرحلة شبابه اهتم بالقراءة و اعتنى بالتاريخ من الناحية السردية و لكن مع دخوله أجواء الثورة، قرأ كتب شريعتي و مطهري. إنضم الباحث التاريخي فخر زاده بعد انتصار الثورة الى التعبئة و لكن و بسبب حبه الشديد للقراءة و بعد شهادة الأستاذ مطهري، دخل الحوزة العلمية حتى يحصل على اجوبة الأسئلة التي تبادرت له. لذلك دخل مدرسة آية الله مجتهدي و لكن في نفس فترة دخوله للحوزة كان ضمن الحاضرين في جبهة القتال للتوجيه الإعلامي الديني .

منذ العام 1983 تعرف على توثيق الأحداث و من العام 84 و حتى نهاية الحرب انشغل بتدوين التاريخ عبر ذكريات الحرب. و عمل فترة في مركز نتاجات و قيم الدفاع المقدس و قدم أطروحة جمع نتاج و معلومات الحرب للباحثين و رأسَ مركز جمع نتاج الدفاع المقدس لعامين حتى طرحت فكرة قسم التاريخ الشفهي في المركز الفني و بعد تشكيله سلمت مسؤلية القسم له حتى هذه اللحظة.

و شغل مناصب أخرى منها رئاسة مركز الثورة، التعاون مع هيئة علوم الحرب الى جانب الشهيد صياد شيرازي، عضو جمعية مراسلي الدفاع المقدس و عضو جمعية التاريخ الشفهي.

  • السيد فخر زاده حدثنا عن بداية مكتب التاريخ الشفهي؟

تشكلت الفكرة في العام 1991 عن طريقي و زين العابديني في قسم الإعلام في الحرس الثوري، كنا ندون ذكريات الحرب. في الحرس هناك فعاليتان لتدوين وقائع الحرب، الأولى عبر رؤية عسكرية على يد البحوث الحربية. كان هذا العمل واسع جدا و صعب و ما يقارب الثلاثين ألف ساعة سجلت عبر المسجلات الصوتية القديمة من القادة في الحرب المتعلقة بالجلسات و الأوامر و الخطط و إلخ... كانت وثائق لا نظير لها و يمكن القول أنه لم يتم العمل توثيقا على حرب كما قاموا به. مع ذكاء قادة الحرس في تلك الفترة، إلتزم بقية القادة على التعاون معهم في حال أنهم غير راغبين في مثل هذا العمل لأنه في كل مكان هناك شخص يرافقهم لضبط أعمالهم.

إضافة على هذا العمل و بعيدا عن القضايا العسكرية  و اللوجستية، لتدوين طرز حياة المقاتلين في القسم الإعلاني للحرس، تشكل قسم تدوين الذكريات الحربية. في هذه المجموعة سجل صوتيا حوارات مع المقاتلين عن كيفية القدوم لجبهة القتال و نشاطاتهم و استشهادهم و أوقات فراغهم .. و يعد الأشخاص في قسم الإعلام في البداية حدث خبري أو صحفي و من ثم ينظر له تاريخيا. و منذ البداية التحقت بهذه المجموعة و وثقت ذكريات المقاتلين.

مع الوقت، إتسع العمل و قسم العمل الى موضوعات جديدة و كتابتها و أرشفتها و تقسيمها و عن طريقها اتضح نقاط ضعف عملنا و استطعنا اكمال نشاطاتنا.في تلك الفترة لم تكن العلاقات وسيعة و لا الميزانية و نواجه أحيانا مشكلة في شراء بطارية أو كاسيت للتسجيل. إستطعنا عن طريق الخطأ و التعلم أن نكمل عملنا و نتلافى الكثير.

عبر عملية تسجيل الذكريات تداعى هذا الإحساس أن الثقافة الحاكمة في الجبهات لها جذور و الشخصيات التي تعد محورية في الحرب، شخصيات لها تاريخ في النضال قبل انتصار الثورة الإسلامية حيث ظهرت ثقافتهم في الحرب. في تلك الفترة أيضا راودتنا فكرة، إذا لم نعمل على الثورة لا يمكننا فهم هذه الجذور الثقافية المتشكلة. كان موضوع الحرب واسعا لا يسمح بالعمل على أحداث الثورة و لم يتطرق الى هذا الموضوع حتى العام 1989 و 1990، بالطبع كانت هناك أعمال محدودة مثل كتابة كتاب " نهضة الإمام الخميني"  تأليف السيد أحمد زيارتي و تأسيس مركز تاريخ الثورة الإسلامية و فيما بعد و نظرا الى قلة الميزانية بات شبه معطل.

و كما قلت في فترة جمع ذكريات المقاتلين التفتنا الى علاقة أحداث الثورة بها و ارتبطنا مع المركز الفني و مرتضى سرهنكي. و بالطبع علاقتي به تعود الى فترة جمع ذكريات الأسرى. و قمنا بجمع الذكريات المتعلقة بالثورة الإسلامية بموافقة رئيس المركز الفني آنذاك ( الحاج زم) و بالتعاون مع سرهنكي و بهبودي تمكنا بأقل ما لدينا من فتح مكتب التاريخ الشفوي في العام 1993. منذ ذلك الوقت و الى الآن قمنا بتسجيل ما يقارب سبعة آلاف ساعة حوارية.

  • مكتب التاريخ الشفوي يعنى بأي فترة تاريخية؟

حدد مشروعنا من العام 1961 و حتى العام 1981. كان العام 79 و حتى العام 81 هي أعوام حاسمة للثورة الإسلامية و فيها حدثت أحداث مهمة مثل التصويت على الجمهورية الإسلامية و اعداد و تصويب الدستور، تشكل المؤسسات، التصادم مع المجموعات، بداية الحرب المفروضة و احتواء وكر التجسس و إلخ ... إنها أحداث مهمة و من اللازم تدوينها الى جانب حركة الثورة.

  • ما الفكرة الأساس للمركز الفني من تشكيل مكتب التاريخ الشفوي و أخذ الحوارات؟

الفكرة الأساس إيجاد مصادر لانتاج الأعمال الأدبية و الفنية و ليس تاريخا بحت.هو ذهابنا جهة الذكريات الجيدة و نضعها بين يدي الأقسام الاخرى حتى تتحول الى أعمال فنية مثل الأفلام و الكتب.

  • هل يصدر مكتب التاريخ الشفوي الكتب بصورة موضوعية؟

في العمل البحثي بداية يجب تكوّن التطرق الى المعلومات الاولية للموضوع. كنا لا نعلم عن الكثير من الموضوعات الثورية التي لم تدون و أفضل عمل في هذا المجال تعريف الشخصيات المشهورة الذين يسمحون بأخذ حوارات ( حين بدأ العمل، لم تكن أذهان الناس عن الذكريات كما هي الآن ) بعد اخذ عدة حوارات و ترتيبها حسب موضوعاتها، مشاريع مثل حركة 15 خرداد، أحداث الاستيلاء على وكر التجسس، نوفل لوشاتو، عشرة الفجر، السجناء السياسيون في فترة النظام البهلوي، النساء في الثورة و الحركات الطلابية في الداخل و الخارج، تمكنا في هذا المجال القيام بأعمال و ناتجه هو طباعة عشرة كتب موضوعية.

  • هل يحتوي عمل  مكتب التاريخ الشفوي المستقبلي جمع ذكريات الشخصيات التي كان لها دور في الفترة البهلوية ( العمل الذي قام به حسين دهباشي في مشروع التاريخ الشفوي للعصر البهلوي) ؟

يعنى عملنا بحركة الشعب التي تشكلت بعد الثورة، إتحدت و أدت الى انتصار الثورة. نريد معرفة دليل الشخصيات الذين قادوا الثورة؟ للحوار مع شخصيات بهلوية يجب أن تصاحبها معلومات ثورية و معرفة لماذا ثار الشعب و ما هي العوامل و الموضوعات التي كانت موجودة. لذلك الموضوع الاول لنا هو الثوريون.

البحث عن الجماعات النشطة في الثورة، تتطلب عشرات آلاف الساعات الحوارية إذ لو وضعت الإمكانيات لنا، سننهي هذا العمل في خمس أو ستة أعوام و من بعد عنونة الموضوعات نتجه الى واقعة الثورة و رجلات الفترة البهلوية و لكن بسبب عدم وجود المعلومات اللازمة، منحنا الاولولية للمجموعات الثورية. بصورة قاطعة سيتضمن عمل مكتبنا أبواب جمع الفترة البهلوية و لكن نظرا لتواجدهم خارج البلاد و مع قلة إمكانياتنا، هذا العمل في الوقت الحالي غير متاح. السيد دهباشي في مشروعه التاريخ الشفوي للعصر البهلوي و مع ميزانية كبيرة و المشاكل العديدة طوال أعوام نشاطه في هذا المجال تطرق الى القضية بصورة محدودة.

  • هل يكتب الحوار بصورة كاملة دون حذف جزء منه أو يتدخل أحد، أم تحذف أجزاء لعدة أسباب؟

في مرحلة جمع الموضوعات لا تحذف مادة و لا يتدخل فيها أحد و يكتب الحوار بصورة دقيقة و يدخل الأرشيف. قد تكون هناك معلومات حذفت في حدود اثنين أو ثلاثة بالمائة صدرت عبر حوارات في كتاب، نظرا الى مكانة الأشخاص أو تتعلق بالأمن القومي. و تحذف بالتنسيق مع الضيف المحاوَر . و في عملية تدوين الموضوعات و المراجعة اللغوية تتمّ مع الحفاظ على نبرة و جملات صاحب الذكرى. و التغييرات تتمّ مع المحاوَر.

  • في الوقت الحالي هل يمكن مراجعة أرشيفكم؟

  نعم نظرا الى الفرص المتاحة يمكن ذلك لأنه يجب الرجوع الى صاحب الذكرى و التنسيق معه. أحيانا يرى أن الباحث يستخدم قسما من الذكرى. الإختيار يعني الذي يغير المعنى لا يسمح به، و لو أختير مادة بصورة صحيحة يمنح ترخيص الاستخدام.

  • ما الذي قام به مكتب التاريخ الشفوي في مجال عشرة الفجر؟

قدمنا مشروعا يديره جعفر كلشن و حتى الآن أنهى مقدارا من المشروع و لكن بسبب ضعف الميزانية لم ينته منه.

  • أرجو أن تحدثنا عن التطبيق التاريخي و الوثائقي و ما الذي يمكن لعلم التاريخ أن يقدمه للمجتمع؟

في مجتمعنا لا يستفاد من التاريخ بصورة صحيحة بل هو عبارة عن تلذذ به و أخذ العبر و لكن في الواقع التاريخ مادة أساسية تفتح المجال لبحوث حقل العلوم الانسانية. قسم كبير من بحوث حقل العلوم الانسانية هو على أساس عمل و فعل المجتمع.على عالم الإجتماع لمعرفة المجتمع أن يحصل على معلومات محيطة. المعلومات الحالية يمكن الحصول عليها عبر بحث و لكن المعلومات عن الماضي المؤرخ هو من يضعها لنا. يعمل المؤرخ في البحث عن الماضي على اسلوب التحقيق في الوثائق و مع تحديد المعلومات، يعرض صورة عن ماضي الموضوع.

علماء حقول العلوم الإنسانية الإختصاصيون المترصدون يضعون المعلومات على يد المؤرخين. في الحقول الأخرى البحوث و الوثائق تحتاج لفهم المعلومات التاريخية الى باحث لتحدد بطريقة علمية. يحصل طلاب جامعاتنا على المعلومة على أساس فرضيات و نصوص كتبت في جامعات خارج البلاد، لأننا في هذا المجال تكاسلنا و تركنا البحث و التحقيق لأشخاص من خارج البلاد. لو أخذت هذه البحوث من واقع منبعها لكانوا حصلوا على فهم أفضل عن مجتمعنا. مع هذه المعلومات الواصلة و معطيات غير المتعلقة، البنية تطرح عدم الفعالية و نتائج غير صحيحة بالنسبة للمجتمع.

المعرفة غير الصحيحة من المجتمع هي ناتج عدم صحة وصول المعلومات. في كل العالم الوثائق و المستندات غير المعلن عنها، تصبح متاحة بعد مرور أعوام و لكن ليس هناك قانون في إيران لاتاحة مثل هذه الوثائق. مازالت هناك مؤسسات مثل وزارة الخارجية و الجيش و المحكمة و الاستخبارات و دوائر أخرى لا تتيح وثائق بهلوية للمجتمع و يجدونها سرية. لهذا السبب ليس هناك مصدر انتاج معلومات و الآراء التي طرحت بعيدة عن فضاء المجتمع. في بلادنا الرؤية المسيطرة أن التاريخ عبارة عن عبرة تعليمية و ممتعة، و تمنع المعلومات المجمعة عن الباحثين.

  • كيف يمكن الوصول في التاريخ الى حقيقة الموضوع؟

  أحد الطرق هو التواتر لأنه لا يمكن الكذب من زوايا مختلفة. بالطبع في التاريخ لا يمكن الوصول الى العينية و لكن يمكن الوصول الى رسم شبيه بتلك العينية.

  • هل يمكن القول أن التاريخ الشفوي هو التاريخ الحي؟

 

 لكل ظاهرة تاريخية بداية و نهاية و لكن لا يمكننا أبدا اعتبار نهاية نهائية لحدث تاريخي مثالا على ذلك مازالت الثورة الدستورية تتحرك في تاريخنا و تترك أثرها. و أيضا عن الثورة الإسلامية و الحرب لا يمكننا القول أنها انتهت كليا. بعض الأحداث التي وقعت في الفترة المعاصرة حية، و نحن على علاقة مع بعض من شارك فيها، يقال لذلك التاريخ الحي. و يتعلق التاريخ الشفوي بأشخاص هم أوجدوا الحدث و شاهدوه. و على ذلك و بدلالة قربهم من تلك الاحداث و الأثر الجاد الذي خلفوه في المجتمع يطلق عليه التاريخ الحي.

  • هل تلعب الوثائق دورا في التاريخ الشفوي؟

نعم في تدرج صحة و سقم الموضوعات يرجع للوثائق المدونة كمثال ينشر خبر في صحيفة أو وثيقة موجودة في الساواك وضحت كذكرى، و هي غير متطابقة و هذا التضاد يحسم في العودة الى الوثائق.

  • في التاريخ الشفوي هل اتبع نموذج من دول أخرى أو ما هو موجود، هو حصيلة نتاجاتنا؟

إتكأنا في هذا المجال في الأكثر على تجربتنا و وصلنا الى تكامل تدريجي لأن السنة الشفوية موجودة في رواياتنا الدينية. و بالطبع هناك فوارق بين التاريخ الشفوي و تدوين الذكرى. هناك مجموعة من أساتذة الجامعات عملوا في هذا المجال بالاعتماد على مصادر أجنبية و حاولوا تبادل التجارب. نحن في التاريخ الشفوي و على خلاف بقية الدول نركز على الأصل بدل الهامش. طريقة عمل التاريخ الشفوي في بقية الدول، أكاديمي و يعنى بالجزئيات كثيرا و لكن رغم ذلك نستعين بتجاربهم.

لقد ترابط عمل رؤيتين، التقليدي و الأكاديمي في مجموعة مركز التاريخ الشفوي الإيراني. أقام المركز عدة مؤتمرات و أصدر عدة كتب و يدار عبر إدارة. شخصيات مثل علي ططري و علي رضا كمره اي و محسن كاظمي و مرتضى نورايي و غلام رضا عزيزي و مرتضى رسولي بور و حسن آبادي رحيم نيك بخت هم أعضاء المركز و أعضاء هيئة الأمانة العامة.

  • لماذا يؤكد في التاريخ الشفوي على الواقعية؟

الدليل الأول هو و بسبب ضعف الذاكرة يعبر عن الموضوع بصورة خاطئة. ثانيا أحيانا الشخص الرواي للذكرى ينظر الى الحدث من زاوية واحدة و ليس بصورة كاملة و بسبب فقدان المعلومات الكاملة، لا يروى الحدث بصورة صحيحة. ثالثا يعود الى أفكار و عقائد سياسية للأشخاص قد تحدث اضافات و حذف. رابعا بعض الأشخاص و من أجل المصلحة، يزيدون أو ينقصون الذكريات. تحدثت مع مقاتل من فترة الحرب و حدثني عن ذكرى انتصروا فيها و لكن بعد أن أغلقنا جهاز التسجيل أشار الى هزيمتهم أمام العدو و قال مذكرا فعلت ذلك من أجل الصالح العام. خامسا هناك أشخاص لكي يُطرحوا يأتون الى الذكريات و يتحدثون عن أحداث لم يكونوا فيها. الأمور التي ذكرتها سببت في تغيير الذكريات و عدم عنونت أصل الاحداث و الوقائع.

  • ما هي الطرق لمعرفة حقيقة الذكريات في التاريخ الشفوي؟

وجود المعلومات الكافية في زمن الحوار يوضح الكثير. بعد الحوار مع محاورة الآخرين يمكن الاقتراب من الحدث. كمثال قام السيد محسن كاظمي من أجل كتابه " ذكريات عزت شاهي" بمحاورة 100 شخص و قضى خمس أعوام لاكمال عمله. حين اطلع عليه قائد الثورة قال: " أنا سعيد من أمواج الصدق التي تتمواج في هذا الكتاب. الناس تحتاج الى مثل هذا الصدق" البحث و العثور على وثائق متعددة حول الموضوعات يمكننا للوصول الى صحة و سقم الموضوع.

  • لدينا وثائق في الدوائر و الوزارات تمكننا من الاقتراب من الحقيقة و لكن هذه الوثائق لا يمكن للباحثين أمثالك الوصول إليها. ألاّ يسبب هذا العمل أضرارا للتاريخ الشفوي؟

نظرا الى وجود هذا الهاجس شكلت مجموعة تحت عنوان " مهتاب" من مراكز وثائق الدولة عملها جمع الوثائق و عرضعها للجتمع، و آمل في القريب أن نرى رفع الحظر عن الوثائق.

  • ما هي الخصائص التي يملكها التاريخ الشفوي جاعلة منه مميزا؟

نظرا الى علاقة الأشخاص مع الأحداث التاريخية يمكن للتاريخ الشفوي أن يملك خاصية مهمة في تدوين التاريخ. أحيانا تقرير يشرح ظاهرة و الى جانب ذلك نشرح العلاقة الداخلية للفرد مع هذه الظاهرة. كمثال في موضوع الثورة كيف كانت نظرة أفراد النظام البهلوي بالنسبة الى التظاهرات الشعبية؟ أو نظرة الأشخاص المشاركين في التظاهرات؟ هنا يركز على الوجه الإنساني للعلاقات الإنسانية الى جانب الأحداث و قد يكون هذا أحد خصائص هذا النوع من التدوين التاريخي.

هذه العلاقات و الاحساسات التي تخرج للسطح يمكنها أن تكون مادة للفنانين. اليوم في العالم الحديث ينظر الى العلاقات الإنسانية مهتمين بالظواهر. مهمة هي العلاقات الإنسانية لمن يعمل في الإقتصاد، و هي مهمة لنا إذ كان هدفنا الأساس سمو البشر و يحسب هذا من مميزات التاريخ الشفوي.

  • هل صدر كتاب من نصوص التاريخ الشفوي المجموع؟

نعم. ما يقارب 40 كتاب صدر في هذا المجال. أول كتاب صدر في هذا المجال، كتاب ذكريات هادي غفاري. ثم كتاب " الزوايا المظلمة" و هو يشمل ذكريات جلال الدين الفارسي. هو من دعى ياسر عرفات الى إيران و رشح نفسه لرئاسة الجمهورية. و من الكتب الاخرى التي صدرت من نفس المركز: " سلسلة الذكريات المتعلقة ب 15 خرداد" و " ذكريات جواد منصوري" و مرضية دباغ" و ذكريات مرتضى الويري" و " ذكريات خاثظ براتي" و " ذكريات مرتضى نبوي".

  • السيد فخر زادة جمعت ذكريات وزير الثقافة و الإرشاد الإسلامي، أرجو أن تحدثنا عن عملية تدوين هذه الذكريات؟

كان السيد جنتي حين تدوين الكتاب خارج البلاد سفيرا و عبر اتصال هاتفي اعلمته عن فكرة كتاب الذكريات. و اجابني السيد جنتي ليس لدي الوقت الكافي للكتاب و إذا يمكنك إكمال الكتاب بالمعلومات المتاحة. قلت لحجة الإسلام حسينيان لا أود إكمال الكتاب بسبب نقص المعلومات و أجابني: سوف نكمل الكتاب بالمعلومات المتاحة و على ذلك صدر الكتاب و لكن أعتقد أن كتاب الذكريات ليس مكتملا و أرجو أن يكتمل في الطبعات القادمة.

  • في الوقت الحالي على ماذا تعمل؟

العمل التنفيذي يأخذ الكثير من الوقت في حال أن العمل البحثي يضيف الى حصيلتك العلمية و تتعرف على شخصيات جديدة و موضوعات متعددة. الأصدقاء الذين يتعاونون معنا و لم يدخلوا في العمل التنفيذي، اليوم هم متقدمون عليّ كثيرا في الحقل البحثي. ما يتبقى في فترة التقاعد هو الحصيلة. لا ينسى أبدا الباحث و المحقق لأنه في حين التقاعد لديه حصيلة ترافقه.

أميل الى العمل البحثي و لو شغل  شخص هواجسي الحالية التي أنا فيها الآن، بالطبع سأذهب جهة العمل البحثي. في الوقت الحاضر و الى جانبي عملي التنفيذي أقوم بأعمال بحثية منها مشروع نوفل لوشاتو و هو يشرح الأشهر الأربع قبل انتصار الثورة الإسلامية، ذكريات الجنرال حسام هاشمي، رفيق الشهيد صياد شيرازي و ذكريات الطيار كريم عابدي، رفيق الشهيد جمران. سوف تخرج هذه المشاريع ككتب و تكفلت بتدوينها. مع وجود العمل التنفيذي يبقى لي القليل من الوقت للحوارات لأن هذا العمل يحتاج الى بحث و تحقيق. من يدير المجموعات مثل مكتب التاريخ الشفوي هم في الحقيقة يخدمون الباحثين. في هذا العمل يجب إعداد الميزانية و ما يحتاجون له و طلبات الكتاب و أحيانا الى جانب كل ذلك، هناك المشاكل العائلية لأننا لا يمكننا أن نكون لا أوباليين أمام مثل هذه القضايا.

  • هل فكرت في جمع ذكرياتك؟

 

حضرت في أكثر العمليات المهمة و دونتها و شهدت الكثير من الاحداث و لكن و بسبب حجم تدوين و تسجيل ذكريات الآخرين، قلما اهتممت بذكرياتي و كتبت خلاصات. لم أجرح في الحرب و لكن حدث أن حوصرنا و قصفنا بقنابل كميائية. الكثير من المقاتلين حين يجدوننا الى جانبهم، يبنون علاقة بصورة أسهل. سافرت لمحاورة أحد قادة الحرس الثوري في فترة الحرب الى كردستان العراق، و مررت من مدن و قرى سكن فيها المنافقون و لكن لا نحن اصبنا و لا هم لأننا كنا تحت حماية أكراد العراق. بل أني دخلت المدن العراقية و كنت ضيفهم.

  • السيد فخر زاده ما هي الذكريات التي تحملها عن الثورة؟

كنت في ال 16 من العمر حين انتصرت الثورة. في ذلك السن قرأت أكثر كتب شريعتي و كانت لي قراءات عديدة أخرى. حين انتصرت الثورة كنا في مدينة ملاير. في يوم و للمشاركة في مسيرة، تركت دراجتي في مكان و انضممت الى المسيرة متجهين الى مخفر الشرطة. و خوفا من سرقة دراجتي عدت لها و ركبتها و اتجهت الى المخفر. إنفض الناس اثر اطلاق النار و لكني سرت للمخفر ظانا أن المتظاهرين مازالوا هناك، و لكن حين وصلت للمخفر، لم يكن هناك أحد و هرب الجميع. و حين كانت النيران تطلق هربت و اختبأت في زقاق.

أتذكر أن بداية التظاهرة كانت من المعهد الفني و تلتحق بنا مدارس أخرى. و كان هناك طلاب في المعهد طلاب فضوليون لم تسجلهم المدارس. و يقوم هؤلاء من أجل تعطيل المدرسة بمساعدتنا في تشكيل المظاهرة. كانوا شجعان و بات حضورهم يسهل اغلاق المدارس.

كان أبي في تلك الفترة شرطي و إذا قبض عليّ سوف تحدث له مشاكل. في مرة و بعد تظاهرة حاشدة، هجمت علينا الشرطة و دخلت أنا و أصدقاء لي في زقاق مغلق. كان في الزقاق محل لبيع المثلجات نذهب له دائما. دخلنا الدكان بسرعة و طلبنا مثلجات و قذفنا نصفها و انشغلنا بالأكل لنظهر على أننا كنا منذ فترة هنا.دخلت الشرطة للدكان و بعد أسئلة و دون أن يشكوا بنا غادروا المكان.

  • ما أسباب عدم الرغبة في البلاد لتدوين الذكرى؟

في بلادنا التدوين لم يؤسس له. قبل أن نعتني بالاقتصاد علينا أن نهتم بالثقافة العمل الذي يقوم به الغرب في الوقت الحاضر لأهميته الى جانب الإيرادات. و لكن في بلادنا نواجه القضايا الثقافية بسطحية. لا يفكر في تعويد الناس على الكتابة.

و لكن خارج البلاد هذه القضية من ضمن نظام المؤسسة التعليمية و العائلة. نعلم كتب سميكة  باللغة العربية و الإنجليزية في المدارس و هي أدبية و لكن لا علاقة لها باسلوب كتابة الرسالة. نظامنا التعليمي يسعى للحفظ و لا يستغل وقت التلميذ في التطبيقات.

و أثبتت هذه القضية من يكتب هو بالتأكيد قارئ و لكن عكس ذلك لا يصدق دائما. لو أردنا أن نشجع الناس على القراءة يجب أن نعودهم على الكتابة بالطبع مؤخرا شهدنا تحركا جهة هذا الأمر في التربية و التعليم.

  • لماذا لم يسع الثوريون الى تدوين ذكرياتهم؟

في فترة النضال لم يجرأ أحد على التدوين لأنه لو وقع أسطر أو معلومات بيد الساواك، سوف يتسبب في سجن أفراد كثيرين لهذا في فضاء دكتاتورية النظام السابق لا تدون المعلومات بل و يطلقون على انفسهم اسماء مستعارة حتى لا يظهر الاسم الحقيقي في التعذيب.

  • بماذا توصي الشباب المؤرخين الذين يودون أن يخطو خطوة جديدة في التاريخ الشفوي؟

 

في السابق كان يجد الشخص أستاذا في مجالات دراسية و فنية و يباتون له طلابا حتى يأخذوا منه عدة علوم و لكن اليوم شبابنا أول ما يطرحون القضية المالية و قد يكون مصدر ذلك الضغط الاقتصادي. في فترة الحرب كنت أعمل لأربع أو خمس أعوام دون توقع تسلم راتب و الآن حين أصبحت إختصاصي في هذا المجال، يمكنني أن أحدد شروطي للعمل في عدة مراكز.للوصول الى هذه المرحلة يحتاج الأمر الى جهد و ممارسة. على الشباب العمل فترة لا تقل عن عام الى جانب شخصية مثل محسن كاظمي. لا يفهم أن هذا عمل مجاني أو تطوعي بل هو تعلم و إحتراف. يمكنهم عبر هذا الاسلوب جمع الكثير من المعلومات حتى ينمون طاقاتهم. 

 

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 4150


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة