سيد محمد باقر إمامي ومحافله الماركسية

محمود فاضلي
ترجمة: حسين طرفي عليوي

2015-11-8


محمدحسين خسروپناه 
دار نشر: شيرازه كتاب 
الطبعة الأولى: 1393
السعر: 16 ألف تومانا

 

يختص كتاب "سيد محمد باقر إمامي ومحفله (1) الماركسة " بدراسة حياة ونشاطات سيد محمد باقر إمامي والمجموعات التي أسسها من سنة 1944، ويشمل ثلاثة فصول هي: "من المحفل الماركسي إلى المنظمة الشيوعية الثورية (ساكا) 1323-1350" و"الذكريات" و"المستندات".

الغاية الأساسية لدى سيد باقر إمامي هو تأسيس حزب عمال شيوعي في إيران آنذاك، وهو بغض النظر عن كل التحولات والحركات الموجودة. بما أنه لم يكن في تلك الفترة حزبا شوعيا وغير شيوعي دون تشكلات بديلة لحزب "توده" فأكّد على تأسيس حزب شيوعي. وكان يعتقد بأن الحزب ليس له طريقة سوى تشكيل مجموعة له.

يختص كتاب المحافل الماركسية بدراسة أحد التشكلات اليسارية غير المعروفة في إيران بـ 376 صفحة، التشكل الذي بدأ نشاطه سنة 1944 بالإسم أعلاه ولكن انكشف في فروردين (مارس) العام 1350 ( 1971) تحت عنوان "المنظمة الثورية الشيوعية الإيرانية" (ساكا) (2)وقد تلاشى. اتخذ هذا التشكل طريقة واحدة للعمل السياسي لفترة 27 عاماً مع صعود وهبوط وبعناوين عديدة.  و سيد محمد باقر إمامي هو المؤسس والمنظّر والقائد لهذا التشكّل. ناهيك بأن المؤرخين اليساريين لم يتطرقوا إلى المجموعات التي أسسها بل نرى بعض الكتّاب ذكروا إمامي ضمن دراساتهم حول اليسار الإيراني ووصفوه بأنه مرتبط بالجهاز الامني البهلوي بشكل مباشر أو غير مباشر أو شككوا في أمره. يشير الكتاب في قسم آخر إلى آراء عبدالصمد كامبخش في كتابه "نظرة حول حركة العمال في إيران" وإلى آراء بيجه جزني في كتاب "تاريخ إيران السياسي الثلاثيني" المتعلقة بنشاطات إمامي وأنصاره. يتّهم جزني إمامي بلا أي مستندات ووثائق بأنه بدأ بتحركات مشكوكة وغامضة بعد خروجه من السجن سنة 1952. فقد اتصل بالمباحث واحتفظ بعلاقاته مع مراكز الشرطة و يعتقد جزني بأن الساواك كان يراقب إمامي وقد تتم الوحدة والإنشقاق عن طريق الشرطة لمجموعات إمامي.(3) و أشار الكتاب الى آراء "يونس بارسا بناب" في كتابه "التاريخ المئوي لاحزاب وأطياف إيران السياسية".

 يقول "أمير حسين فطانت" (4) في مذكراته تحت عنوان "من هو البطل؟ " حول سيد باقر إمامي: الباب الثامن انفتح ودخل حوالي عشرين أو ثلاثين سجينا في الوحدة الرابعة للسجن، كان معظمهم مسنين وليست في وجوههم إمارات تشير إلى انهم جامعيون أو مثقفون. أغلبهم كانوا عمالاً وكلهم أعضاء حزب باسم "ساكا" المنظمة الثورية الشيوعية لإيران. وحكايتهم في الساحة السياسية اليسارية كانت مثيرة آنذاك. ينتمون إلى شخص اسمه سيد باقر إمامي من أسرة إقطاعية ودينية و راقية حيث تبدّل بعد رحيله إلى روسية ومرافقة الروسيين إلى أكبر منظّر ومفكّر شيوعي، لكنه كان يتمتع بإستقلالية ولم يتّفق مع افكار حزب "توده" كليا ولا الحزب ولا أنصار توده يعتبرونه شيوعيا. كانت حياته حافلة بالأحداث السياسية. حكم عليه بالإعدام من ثم بالحبس المؤبّد واتّهم بالتجسس والتعاون مع الروس و طرد من حزب توده لهذا استقل وقد شكّل محفلاً باسم "كروجك" وفي الغة الروسية بمعنى "الطيف" أو "المحفل". كانت هذه المحافل العمالية تتابع لفترة طويلة اهتماما بقراءة الكراسات الماركسية ، و كتابات سيد باقر إمامي نفسه وكما يبدو هذه المحافل الوحيدة التي بقيت في مأمن من الساواك مستمرة في حياتها الخفية وحاليا بعد أن وقعت تلك الأحداث ودخول المثقفين إلى هذه المحافل سيطر الساواك عليها وها انا أتعرّف في الوحدة الرابعة للسجن أتعرّف على حكاية سيد باقر إمامي من أفواه أنصاره. الحكاية الأساسية هي حول سيد باقر إمامي. يقال له باقر إمامي وكان أعضاء العمال الخبراء والمسنين يحترمونه لدرجة فائقة جدا لم يسبق لي أن رأيت مثله سوى الدراويش. هو كذلك يعتبر من أبناء القرى الفقيرة ومن فئة العمال،  كان يعيش في بيت بسيط، فوق كتفيه عباء وينهمك بقراءة الآثار الماركسية وسط غرفته البسيطة مع سراج واهن."(5) في فصل الأول من الكتاب يحاول الكاتب عن طريق انتقاد الوثائق والمستندات أن يسلط الأضواء على أعمال باقر إمامي ومذكرات بعض زعماء هذا التشكل الذي بقي 27 سنة فأعطى صورة عن حياة إمامي الغامضة حتى سنة 1944 وكيفية تشكيل المؤسسة ونشاطات المحافل الماركسية ومنظمة الشورى والشيوعية الإيرانية (يكا) والمنظمة الشيوعية الثورية الإيرانية (ساكا) من سنة 1944 حتى 1971. (6)

في الفصل الثاني يوضح أحد الزعماء في المحافل وثلاثة من الأعضاء والكادر التشكل الثلاثيني مسهبين في الذكريات والخواطر الباقية والخالدة في الأذهان. وقد تدرج في هذا الفصل مذكرات رمضان آزاى وهونان عاشق وهادي باكزاد؛ كان قد بدأ رمضان آزاد نشاطه باسم حميد ستارزاده (7)  في مرحلة تأميم النفط، ويوضح الكتاب طريقة انضمامه إلى المجموعة وكذلك إلى (يكا وساكا) ويسلط الضوء حول نشاطات هذه المجموعات. يعتبر "هونان عاشق " أحد تلامذة باقر إمامي القدامى و يوضح لنا الكتاب طريقة انضمامه إلى المجموعات ونشاطاته حتى سنة 1971. يعتبر هادي باكزاد مسئولا على مركز ساكا إصفهان1348-1349  ( 1969-1970) ويبين الكتاب دلائل الإنشقاق بين المجموعات واتخاذ البعض العمل المسلح  .

إن مذكرات "هونان عاشق ورمضان آزاد وهادي باكزاد" هي نتيجة متابعات الكاتب ولقاءه معهم سنة 2002 . ومن الكتابات التي تتناول نشاطات المحافل هناك مخطوطة باسم "مختار كيا" وتحمل حياة إمامي من الطفولة حتى الممات. هذا الشخص كان امين سرّ إمامي من سنة 1954 إلى 1967. و تتلخص اهمية الكتاب بما سمعه الكاتب من باقر إمامي برغم الإختلافات مع توضيح بعض انصار إمامي. و ألحق التوضيح في الملحق رقم واحد من صفحة 185 إلى 213 من الكتاب.

في الفصل الثالث من الكتاب تحت عنوان "المستندات" يختص بتقرير 8 تير 1311 ( 28 يونيو 1932 ) للجيش حول محكمة الشبكة الجاسوسية التابعة لروسية في إيران، وتقييم نيما يوشيج أشعار باقر إمامي ومقالتين لإمامي. لم يحدث تغيير في نص الذكريات و الوثائق.

يقول "كاوه بيات" في مذكراته: "من مميزات تدوين التاريخ عندنا هو تقليل الأطياف المتنوعة وحذف بعض الألوان والتركيز على اطياف خاصة؛ وهذه الطريقة تصدق في تاريخ الحركات اليسارية الإيرانية المعاصرة. و محافل ونشاطات باقر إمامي الماركسية هي إحدى تلك الألوان العديدة التي لم يهتم بها حزب توده من بداية تشكلاته في سنة 1941.

يقول محمد حسين خسرو بناه الذي كتب عن تاريخ الاحزاب السياسية والحركة النسائية في إيران، يقول عن حياة أمامي الغامضة أيام مراهقته: "يعتبر إمامي الدراسة مع الروس نقلة نوعية في حياته لانه يذكر تعرفه على الماركسية". وحول هذا الأمر يقول آلبرن سهرابيان ومختار كيا (من المقربين لإمامي) عن لسان باقر إمامي: "بعض معلمي هذه المدرسة ينتمون إلى الحزب البلشفي. ولكي يروّج الجناح البلشفي العمالي الإشتراكي الديمقراطي الروسي أفكاره كان يخوّلهم والحكومة القيصرية الروسية كانت تبعثهم لإيران دون ان تعلم نواياهم. أحد المعلمين أختار باقر إمامي وابن أخيه سيد حسن إمامي لكي يتعلما مبادئ الماركسية وطريقة التدريس هي كتابة التعليمات إملائيا.

وفي مخطوطة "مختار كيا" نرى كذلك بأن الكاتب يقول: " لم يشارك إمامي مع حزب توده وكان معارضا له بشدة". وعن لسان إمامي يقول: "هذا الحزب حزب برجوازي ، متشكل من طبقات متضادة ومختلفة المنافع ولم يكن حزبا بل هو عصابة. الحزب يجب أن يتشكل من طبقة العمال المثقفة وأن يثبت عمود الحزب الشيوعي بصورة جيدة حتى يتمكن من تزعم الثورة الإشتراكية حتى تصل إلى الشيوعية" وللوصول إلى هذه الفكرة أسس إمامي مطبعة لأن عمال المطبعة يعتبرون النخبة المثقفة في البلد. و خطر له بأن يشتري مطبعة ويبدأ بالعمل التنظيمي.

"... يتعرّف إمامي في شاهرود على احمد بسطامي حيث يجلب نظره للحركات التنظيمية والتشكلاتية. وعند عودته إلى طهران تخطر فكرة المحفل الماركسي في باله ليدعو أعضاء، ويتعرفون على الماركسة ويعزل الأشخاص الذين استوعبوا الموضوع بشكل جيد و يودون العمل التنظيمي ويعلمون العمل الحزبي لبناء طاقم وكوادر بوسعها ان تشكل مركزا قويا".

يأتي في مذكرات "مختار كيا" حول زواج إمامي مع أرمنية تسكن مدينة طهران وفشله في الزواج مع ارمنية اخرى ومساعدات إمامي المالية لها قائلا: " يسقط فيولت مراهق في الثامنة او التاسعة من عمره من شرفة الطابق الثاني وبارتطامه بالسياج يمسي مجروحا بشدة. وقد أعطى كلفة معالجة الطفل الباهضة وهي 60 ألف تومانا (من مال التشكلات الذي بحوزته). كانت والدة إمامي قد منحته قطعة أرض مساحتها 1500 مترا في أسد آباد شميران وكان إمامي يراجع مكتب العقارات لبيع هذه الأرض بسرعة. وقد قال لاحدهم بأنه مديون لشخص بملغ60 ألف تومانا وعليه ان يبيع الأرض ليسدد دينه. لم يتمكّن إمامي من بيع الأرض في الوقت المحدد. وكان علينا أن نستخدم هذه المبالغ التي هي 60 أو 80 ألف تومانا للعمل التنظيمي لكن إمامي كان يرفض ذلك ووضّح الأضرار. و لو أخبرنا إمامي بانه صرف المبلغ لإنقاذ فيولت لاتخذنا قرارا آخر. كنا قد رأينا وثيقة الأرض و قال بأنه يريد بيعها. لم تعنِ  الامول له شيئا و قضى حياته كلها في سبيل آيدولوجيته". بما انه لم يتمكّن من بيع الأرض واسترداد مبلغ الحزب في الوقت المناسب، انتحر في نهاية المطاف.

حول انتحاره جاء التقرير بهذا الشكل: "مهما فكّر إمامي في تلك الليلة للوصول لحل لم ينجح، لام نفسه و حاكمها لانه صرف مبلغ الرفاق من اجل معالجة ولد عشيقته دون ان يخبرهم، وقد أصدر حكم الإعدام على نفسه وهو من قام بذلك. رأيت إمامي ممددا على السرير بفم مفتوح وعينين مفتوحتين وقد قطع عرق يده اليسرى بشفرة حلاقة".

 

1_ في النص الأصلي يأتي "كروج" (kroozhok) أي بمعنى المحفل في اللغة الروسية.

2- للتعرف أكثر بالمنظمة المذكورة يمكن العودة الى " نظرة على ساما، هادي باكزاده"

و " ساكا: منظمة الثورة العمالية الإيرانية، بيمان وهاب زاده "

3_ بيژن جزني، تاريخ سي ساله ايران، بي جا، بي نا 1357، ص 103.

4_ للتعرف أكثر على أمير حسين فطانت يمكن العودة الى مقال: "يك فنجان چاي بي موقع"، هفته نامه تاريخ شفاهي،شماره: 16۲، 21 خرداد 1393.

5-  امير فطانت، من هو البطل؟ المدونة الخاصة للكاتب.

6- للتعرف أكثر على سيرة باقر إمامي يمكن العودة الى ملحق عدد 2 صفحة 232 و ملحق 3 من الكتاب صفحة 269 الى 289.

7- حميد ستار زاده رياست " گروه انقلابي ماركسيستي ايران)  "گاما(، من صفحة 147 الى صفحة 152.

 

المصدرالفارسي



 
عدد الزوار: 4037


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة